عقيلة صالح مهدد بالخروج من المشهد الليبي

– صالح يسعى عبر بعض النواب الموالين له إلى إحباط محاولة إدراج تغيير رئاسة المجلس ضمن جدول أعمال جلسة غدامس

– .. ويسعى لنقل اجتماعات النواب مستقبلاً من غدامس الواقعة قبالة الحدود الجزائرية والخارجة عن نطاق نفوذه إلى سرت

– صالح زار روسيا لضمان مزيد من الدعم الدولي لمساعدته على ضمان أحد المنصبين.. رئاسة المجلس الرئاسي أو رئاسة البرلمان

– اجتماع النواب في غدامس بنصاب كامل يرجح كفة اختيار رئيس جديد غير جدلي

 

يثير اجتماع مجلس النواب الليبي بشقيه، اليوم الإثنين، في مدينة غدامس (جنوب غرب)، قلق عقيلة صالح، رئيس مجلس نواب طبرق، خشية أن يتم الإطاحة به في جلسة مكتملة النصاب.

اتفق نحو 123 نائباً ليبياً في مدينة طنجة المغربية على توحيد مجلس النواب، خلال جلستهم المقررة في غدامس، واختيار رئيس جديد للبرلمان، خاصة وأن عدداً منهم يُحمّلون عقيلة صالح مسؤولية انقسامه بين طبرق وطرابلس.

يكفي أن يجتمع 91 نائباً على الأقل من إجمالي نحو 180 نائباً لتكون جلسة مجلس النواب مكتملة النصاب، وقراراته شرعية ولها اعتراف دولي.

ويقدر عدد مقاعد مجلس النواب دستورياً بـ200 مقعد، لكن 12 مقعداً في مدينة درنة (شرق) لم يتم انتخابها؛ لأنها كانت خاضعة لسيطرة تنظيمات متشددة، أما بقية النواب فإما توفوا أو اختطفوا أو استقالوا.

وهذا بالضبط ما يخشاه عقيلة، الذي يسعى، عبر بعض النواب الموالين له، إلى إحباط محاولة إدراج تغيير رئاسة المجلس ضمن جدول أعمال جلسة غدامس.

فعدد النواب الداعمين لعقيلة يقدر بنحو 23، بينما بلغ عدد النواب المجتمعين في طرابلس 84، ولا يعرف عدد النواب المقاطعين للمجلسين منذ نحو 6 أعوام، الذين شاركوا في اجتماع طنجة.

مساعي إفشال اجتماع غدامس

شرع عقيلة في مساعي إحباط انتخاب رئيس مجلس نواب جديد لتوحيد البرلمان، عبر بيان أصدره في 29 نوفمبر الماضي، لتغيير جدول أعمال جلسة غدامس، بل ومكان انعقادها.

وحدد جدول أعمال الجلسة المقبلة لمجلس النواب في مناقشة مخرجات الحوار السياسي، وتشكيل لجنة لإعداد مقترح توافقي لتعديل النظام الداخلي للبرلمان، دون التطرق لتغيير رئاسة المجلس.

وفي هذا الصدد، حاول عقيلة تبرير رفضه إدراج انتخاب رئيس جديد للبرلمان ضمن جدول الأعمال، لأسباب دستورية وقانونية بالإضافة إلى اللائحة الداخلية للمجلس.

وبهذا طعن عقيلة مسبقاً في شرعية انعقاد جلسة مجلس النواب في غدامس، بالاستناد إلى كلام فضفاض يقبل أكثر من تأويل، رغم أن الأزمة الليبية سياسية أكثر منها قانونية.

لذلك فالحل في ليبيا سياسي بالدرجة الأولى، وإلا لما اضطر النواب للاجتماع في طرابلس وطبرق، في حين أن الإعلان الدستوري ينص على أن مقر البرلمان لا يكون إلا في مدينة بنغازي.

وبالتزامن مع وصول أكثر من 100 نائب من طنجة إلى غدامس، الخميس، وانتظار التحاق عشرات آخرين بهم من داخل ليبيا، بحسب إعلام محلي، وجّه عقيلة دعوة للنواب لاجتماع مواز في بنغازي، الإثنين، في محاولة لشق صف النواب وحرمان اجتماع غدامس من النصاب وهو ما لم يتحقق.

ومن إجمالي 123 نائباً شاركوا في اجتماع طنجة، 9 منهم فقط توجهوا إلى مطار بنينا في بنغازي بدل غدامس، بحسب موقع “عين ليبيا”، وقد يصل عدد المجتمعين في غدامس نحو 140 نائباً.

الاستنجاد باللجنة العسكرية والبعثة الأممية

واستنجد عقيلة، في بيان، أمس الأحد، باللجنة العسكرية 5+5، المجتمعة بمقرها الدائم في مدينة سرت (450 كلم شرق طرابلس)، “لتحديد المدينة الأنسب لعقد هذه الجلسة، وضمان سلامة وأمن النواب”.

ويسعى عقيلة لنقل اجتماعات النواب (مستقبلاً) من غدامس الواقعة قبالة الحدود الجزائرية والخارجة عن نطاق نفوذه، إلى سرت، لأن الجنرال الانقلابي خليفة حفتر والمرتزقة الأجانب ما زالوا يسيطرون عليها، وبذلك يمكنه التأثير على النواب.

كما حرّض عقيلة البعثة الأممية ضد مبادرات المغرب لحل الأزمة الليبية، وحذرها من “محاولات إفشال الحوار بمسارات موازية”.

ويجد النواب أنفسهم أمام حتمية توحيد البرلمان، وإلا سيفقدون سلطتهم التشريعية لصالح لجنة الحوار السياسي المشكَّلة من 75 عضواً.

وخولت البعثة الأممية للجنة الحوار السياسي صلاحية اعتماد المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية في حالة عدم تمكن مجلس النواب من اعتمادهم خلال قترة زمنية محددة.

ورقة روسيا

ويقاتل عقيلة للفوز بمنصب رئيس المجلس الرئاسي، الذي أخفقت لجنة الحوار بتونس عن اختيار اسم من الأسماء المطروحة أمامها.

واعترض أغلب الأعضاء الـ75 على اختيار عقيلة رئيساً للمجلس الرئاسي، لدوره في دعم عدوان حفتر على طرابلس (2019-2020).

بينما أصرّ الأعضاء الموالون لعقيلة على أن يكون اختيار رئيس المجلس الرئاسي مقتصراً على أعضاء اللجنة من المنطقة الشرقية دون بقية الأعضاء الآخرين.

وأدى الخلاف حول آلية انتخاب رئيس المجلس الرئاسي إلى تأجيل الحسم للاجتماعات الافتراضية، قبل أن يتقرر عرض 9 مقترحات على التصويت، والمقترحان اللذان يحصلان على أعلى عدد من الأصوات يعرضان مرة أخرى للتصويت.

وزار عقيلة مؤخراً روسيا لضمان مزيد من الدعم الدولي من حلفائه لمساعدته على ضمان أحد المنصبين؛ رئاسة المجلس الرئاسي أو رئاسة البرلمان.

غير أن عقيلة مهدد بالخروج من المشهد الليبي بخفي حنين، فاجتماع النواب في غدامس بنصاب كامل يرجح كفة اختيار رئيس جديد غير جدلي.

منصب رئيس المجلس الرئاسي لم يعد مضموناً

وفوز عقيلة برئاسة المجلس الرئاسي غير مضمونة، لأن أنصاره، بحسب بعض التقديرات، لا يتجاوزون 16 من إجمالي 75، وأقصر طريق للوصول إلى هذا المنصب أن يقتصر الانتخاب على أعضاء المنطقة الشرقية المقدر عددهم بنحو 24.

لكن نتائج التصويت على آلية الترشيح للمجلس الرئاسي ورئيس الحكومة حسمت في اتجاه المقترح الثاني من بين الخيارات الـ9 التي قدمتها البعثة الأممية.

وينص المقترح الثاني على أن تسمية رئيس الحكومة تتم عن طريق تصويت الأعضاء الـ75، وليس المجمعات الانتخابية (برقة طرابلس فزان)، وذلك من خلال جولتين أمام الجلسة العامة للجنة الحوار.

وحاز المقترح الثاني على 39 صوتاً من إجمالي 71 شاركوا في التصويت بعد تغيب 4 أعضاء.

ويدعم هذا المقترح مشاركون يؤيدون تولي رجل الأعمال عبدالحميد الدبيبة من مدينة مصراتة (المنطقة الغربية) منصب رئيس الحكومة القادمة، وتولي المستشار ورئيس محكمة الاستئناف عبدالجواد العبيدي من المنطقة الشرقية منصب رئيس المجلس الرئاسي.

بينما لم ينل المقترح الثالث المدعوم من أنصار عقيلة صالح، ووزير الداخلية فتحي باشاغا المرشح لرئاسة الحكومة، سوى 24 صوتاً.

وينص المقترح الثالث على أن مرشح الحكومة الذي لديه 7 تزكيات من إقليمه يدخل المنافسة داخل الإقليم، ويفوز من يحصل على أعلى الأصوات في الإقليم الذي ينتمي إليه.

حيث تعود رئاسة المجلس الرئاسي للمنطقة الشرقية (24 صوتاً)، ورئاسة الحكومة للمنطقة الغربية (37 صوتاً)، أما المنطقة الجنوبية فلها 14 صوتاً.

ومن المنتظر أن تجري جولة ثانية حاسمة، الإثنين، للتصويت على المقترحين الثاني والثالث، التي تبدو محسومة لصالح “العبيدي -الدبيبة” على حساب الحرس القديم “عقيلة -باشاغا”.

وإذا حدث هذا السيناريو فلن يكون صالح لا على رأس المجلس الرئاسي ولا حتى رئيساً لمجلس النواب، وقد يدفعه ذلك لمحاولة قلب الطاولة على لجنة الحوار السياسي والقيادة الجديدة التي ستتمخض عنها.

ومن مؤشرات ذلك مهاجمة مليشيات حفتر، السبت الماضي، لمعسكر القوات الحكومية بمدينة “أوباري”، في أقصى الجنوب الغربي، رغم توقيعها على اتفاق وقف إطلاق النار في 23 أكتوبر الماضي في جنيف.

فالعبيدي، ودبيبة، ليس لهما الثقل السياسي والعسكري الكافي لمجابهة تمرد جديد لمليشيات حفتر، إلا إذ رمى المجتمع الدولي بثقله لإنقاذ الحوار السياسي من الفشل.

 

_________________________

المصدر: وكالة “الأناضول”.

Exit mobile version