الأسرى الفلسطينيون.. بين البرد القارس وتعنت الاحتلال

ينتاب القلق أهالي الأسرى في سجون الاحتلال “الإسرائيلي”، في ظل عدم إدخال الملابس الشتوية والأغطية لهم، رغم البرد الشديد الذي يضرب الأراضي الفلسطينية، مناشدين المؤسسات الحقوقية، سرعة التحرك لإنقاذ أبنائهم.

ولا يوجد لدى الأهالي أو المؤسسات المعنية بالأسرى أي معلومات عن وضع الأسرى في سجون الاحتلال، في ظل موجة البرد التي تضرب المنطقة، سيما وأن السجون توجد في مناطق صحراوية شديدة البرودة في الشتاء.

قلق ومطالبات بالتدخل

تقول والدة الأسير ضياء الآغا (45 عاما)، المعتقل في سجون الاحتلال من 29 سنة إنه “في ظل المنع من الزيارة، لا نعرف شيئا عن أبنائنا في السجون، ونحن قلقون عليهم بشكل كبير لا سيما مع دخول فصل الشتاء والبرد القارس داخل هذه السجون، التي تقع في مناطق صحراوية شديدة البرودة”.

وأضافت أم ضياء لـ “قدس برس”: “لم يسمح الاحتلال بإدخال ملابس شتوية للأسرى أو أي أغطية، ونحن غير قادرين على إرسال لهم ملابس لتدفئتهم”.

وتابعت الأم، والدموع في عينيها شوقا لنجلها الذي يقبع في سجن نفحة؛ لقضاء حكم بالحبس مدى الحياة: “الملابس الخفيفة لا تدفئ أحدا، ونحن نتألم ليل نهار على وضع أبنائنا الذين ينهش أجسادهم البرد القارس، وغير قادرين على فعل شيء لهم”.

وقالت: “نحن في أول الشتاء ونضع علينا 3 أغطية ثقيلة (حرامات)، ولا نشعر بالدفء، فما بال الأسرى الذين ليس لهم سوى غطاء واحد ولا نعرف كيف هو، منذ متى لم يتم غسله وهل يدفئ أم لا؟”.

وأضافت: “هذا  شيء مؤلم، ونحن نتعذب، ودموعنا لم تجف كلما نتذكر أولادنا وهم في هذا الوضع”.

وحمّلت عميدة أهالي الأسرى الاحتلال المسؤولية الكاملة عن وضع الأسرى في فصل الشتاء، مؤكدة على ضرورة أن يوفر لهم الاحتلال كل مستلزمات الشتاء.

ونددت “أم ضياء” بالدور السلبي للمؤسسات الحقوقية والدولية والصليب الأحمر؛ لعدم تدخلها بقوة لإدخال مستلزمات الشتاء للأسرى.

وأكد أن دولة الاحتلال منعت 170 نوعاً من الملابس والخضار والأكل والحلويات والزيوت والمنظفات من الدخول للأسرى، قائلة: “أولانا محرومون من أبسط الحقوق الإنسانية”.

سياسة ممنهجة

أما أبو باسل عريف، والد الأسير باسل (36 عاما) والمعتقل منذ 19 سنة، والقابع في سجن نفحة والمحكوم عليه بالحبس مدى الحياة؛ فوصف الأوضاع في سجون الاحتلال بـ “الصعبة للغاية”.

وقال عريف لـ “قدس برس”: “نحن لا نعرف شيئا عن أبنائنا في سجن الاحتلال، وهذه سياسة ممنهجة من قبل الإسرائيليين تجاه الأسرى، بعدم إعطاء معلومات عنهم للأهل، رغم أنه حقنا في كل الأعراف الدولية”.

وشدد على أنه في ظل منع الزيارات منذ بدء جائحة “كورونا” في مارس الماضي، والأخبار مقطوعة عن الأسرى.

وقال عريف: “في هذا البرد القارس هناك نقص كبير لدى الأسرى في الأغطية الملابس الشتوية والداخلية، وكذلك مواد التنظيف”.

وأضاف: “في هذا البرد القارس نحن قلقون جدا على حياة أسرانا في سجن الاحتلال، ونناشد كل المؤسسات الدولية والصليب الأحمر والقيادة الفلسطينية وكل من له اهتمام في قضية الأسرى، أن يضعوها في سلم الأولويات، ويعملوا على إدخال الأغطية والملابس الشتوية وكل ما يلزم لهم، وذلك للحفاظ عليهم من البرد القارس وفيروس كورونا”.

معيقات ومعاناة

من جهته، طالب رئيس وحدة الدراسات والتوثيق في هيئة شؤون الأسرى والمحررين عبد الناصر فروانة اللجنة الدولية للصليب الأحمر بتحمل مسؤولياتها الإنسانية، وتوفير الملابس والأغطية الشتوية للأسرى.

وأشار فروانة في حديث لـ “قدس برس” إلى أن الأسرى في سجون الاحتلال “يعانون نقصا حادا في احتياجات الشتاء؛ جراء المعيقات الإسرائيلية وتوقف زيارات الأهل منذ بدء أزمة كورونا”.

وأكد على أن من بين الأسرى كباراً في السن، وأسرى مرضى يعانون من أمراض مختلفة، الأمر الذي يزيد من ألمهم ويفاقم من معاناتهم، وتابع: “بالإضافة إلى ارتفاع درجة القلق عليهم من قبل عائلاتهم، جراء دخول فصل الشتاء وما يتسبب لهم من الم ووجع ومرض، في ظل توقف الزيارات وانعدام آليات التواصل البديلة”.

وقال: “إن معاناة الأسرى في سجون الاحتلال “الإسرائيلية” تشتد وتتجدد كل عام مع دخول فصل الشتاء، بسبب نقص الملابس الشتوية والأغطية، وعدم توافر أجهزة التدفئة في كثير من السجون ومراكز التوقيف والتحقيق”.

وأضاف: “مع بدء دخول فصل الشتاء وانخفاض درجات الحرارة، يعاني الأسرى من نقص في الملابس والحرامات والبطانيات الشتوية، وخاصة المعتقلين حديثاً، إذ يقوم الأسرى المتواجدون في الأقسام على مساعدتهم، وتقديم ما يلزمهم من ملابس وحاجيات مما يتوفر لديهم، ما يتسبب في نقص حاد بالملابس والأغطية”.

واتهم فروانة مصلحة سجون الاحتلال بالإمعان في سياسة الاستهتار بحياة الأسرى وفرض ظروف حياتية صعبة عليهم، والتنكيل بهم في تفاصيلهم المعيشية اليومية كافة، ضاربة بعرض الحائط مبادئ حقوق الإنسان والقوانين والمواثيق الدولية.

ظروف قاسية

وأكد مدير مركز فلسطين لدراسات الأسرى رياض الأشقر، أن البرودة الشديدة في السجون التي تقع في المناطق الصحراوية (وهي: النقب، نفحة، بئر السبع، وريمون)، تصل لدرجة تجمد بعض أطراف المعتقلين من شدة البرد، مع عدم وجود وسائل للتدفئة، إضافة إلى عدم توفر المياه الساخنة بشكل دائم، لا سيما وان بعض الأقسام من الخيام، ولا تقي برد الشتاء، والعديد منها قديم ومهترئ؛ مما يسمح بدخول مياه الأمطار على الأسرى.

وقال الأشقر لـ “قدس برس”: “إن الأسرى في سجون الاحتلال يستقبلون ضيفاً ثقيلاً هذا العام مع دخول فصل الشتاء، حيث تفتقر السجون للملابس والأغطية الشتوية نتيجة وقف الزيارات منذ شهور طويلة، وعدم توفيرها من قبل مصلحة السجون”.

واتهم الأشقر، الاحتلال باستغلال جائحة “كورونا”، ووقف برنامج زيارات الأسرى بشكل كامل في شهر مارس الماضي بحجة حماية الأسرى من وصول الفيروس، الأمر الذي أدى إلى نقص شديد في الملابس لدى الأسرى حيث تعتبر زيارات الأهل، السبيل الوحيد لتوفير الملابس لهم.

وأضاف: “انقضى فصل الصيف دون أن يحصل الأسرى على ملابس جديدة، وقد حل فصل الشتاء ولا تزال مشكلة الملابس قائمة، مما سيتسبب في معاناة كبيرة للأسرى، وخاصة سجون الجنوب التي تقع في صحراء النقب نظرا للأجواء الباردة جدا التي تتميز بها تلك المنطقة”.

وأشار الأشقر إلى أن مصلحة السجون لا تقدم أي نوع من الملابس للأسرى سواء الصيفية أو الشتوية بشكل نهائي، كما لا تسمح لهم بشرائها من “الكنتين” إلا بالحد الأدنى جدا، والذي لا يكفي حاجة الأسرى، بينما يعتمد الأسرى على ذويهم في الحصول على الملابس.

Exit mobile version