يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني.. احتفال مكرر يفتقد للقوة العملية

تتزاحم على شفاه الخبراء في القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني في يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني سلسلة انتهاكات إسرائيلية مستمرة للقرارات الأممية داست حق الإنسان الفلسطيني في الحياة وتقرير المصير فوق أرضه المحتلة.

قاطرة القرارات والمناسبات الدولية والأممية تجاه قضية ومعاناة فلسطين طويلة، لكن أيّاً منها لم يصل بعد لشاطئ الأمان الذي يضمن الحقوق الفلسطينية منذ وقعت نكبة فلسطين عام 1948م.

ويعدّ يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني مناسبة تبنتها وتنظمها الأمم المتحدة، وتدور فعالياتها في مقر الأمم المتحدة بنيويورك ومكاتبها في جنيف وفيينا، ويجري الاحتفال به في 29 نوفمبر من كل عام للتذكير بالقرار (181) الخاص بتقسيم فلسطين عام 1947م.

وفي مثل هذا اليوم (29 نوفمبر 1947) أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرار (181) الذي يوصي بتقسيم فلسطين إلى دولتين، دولة عربية ودولة يهودية، مع إقامة نظام دولي في مدينة القدس تديره الأمم المتحدة، من خلال مجلس الوصاية.

وفي 29 نوفمبر 1977 دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة من كل عام إلى الاحتفال باليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني للتأكيد على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف بما فيها حق العودة والاستقلال والسيادة الوطنية في فلسطين.

تذكير بالمعاناة

ولا يعد الاحتفال بيوم التضامن مع الشعب الفلسطيني صيحة استفاقة من المجتمع الدولي الذي يشاهد صباح مساء حالة عدوان ممنهج على الأرض والإنسان في فلسطين تنتهك صراحة القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني واتفاقيات “جنيف” في فلسطين المحتلة.

ويؤكد صلاح عبدالعاطي، الخبير الحقوقي الفلسطيني، أن يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني يشكل حالة تذكير بمعاناة الفلسطينيين المستمرة مع الاحتلال والاستيطان والحصار والتمييز العنصري والتنكيل اليومي.

ويضيف لـ”المركز الفلسطيني للإعلام”: هذه مناسبة تؤكد ضرورة إنفاذ قرارات الشرعية الدولية وتشكيل حركة تضامن كبرى مع الحقوق الفلسطينية وتعزيز الرواية الفلسطينية لدى شعوب العالم ومناهضة التطبيع وحركة المقاطعة وفرصة للمراجعة الفلسطينية ماذا فعلنا نحن كفلسطينيين تجاه قضيتنا.

ويأتي يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني هذا العام في ظل واقع سياسي وميداني معقّد زاد فيه الاحتلال من تغوّله على الحقوق الفلسطينية مع تعزيز الاستيطان وتعثّر عملية التسوية واستمرار حصار غزة وتهويد ممنهج لمدينة القدس المحتلة.

ويشير عبدالكريم شبير، أستاذ القانون الدولي، أن يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني يذكر المجتمع الدولي بقرار التقسيم عام 1947م، وأن انعقاد فعاليات التضامن في مكاتب الأمم المتحدة يدعونا لمعرفة أن التقسيم طبق الشق الأول بإقامة دولة للاحتلال وتجاهل الحق الفلسطيني في شقه الآخر.

ويتابع: لم تقم دولة للفلسطينيين ولم ينصفوا بسبب موازين القوى الدولية التي مالت لصالح الاحتلال منذ بدأ الاحتلال، اليوم كل الأحرار يتذكرون أن هناك شعب محتل وأرض محتلة تشكل نموذج فريد وأخير عالمياً.

وتجاهلت “إسرائيل” عشرات القرارات الأممية وقرارات مجلس الأمن التي دعت لإنصاف الحقوق الفلسطينية وعلى رأسها حق العودة والتعويض في قرار (194)، في حين لعب الدعم الأمريكي والغربي وموازين القوة الدولية لعدم محاسبة الاحتلال على جرائمه المرتكبة في فلسطين منذ وقعت النكبة عام 1948 حتى عام 2020م.

ويقول جمال الخضري، رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة حصار غزة: إن معاناة الشعب والقضية الفلسطينية متجددة، مشيراً إلى أن يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني بحاجة لتخطي مرحلة الفعاليات الإعلامية والتصريحات إلى مواقف جدية وعملية.

ويضيف: الاستيطان والتهويد مستمران، والاحتلال قائم، وخطة الضم ماضية وسلب كامل الحقوق الفلسطينية متواصلة، وعلى العالم تغيير سياسته نحو فلسطين ودعم حقها في إقامة دولة مستقلة بخطوات ملموسة ليكون التضامن عملي وحقيقي.

إستراتيجية وطنية

ومع نمو بذور العجز الدولي في إنصاف الحقوق الفلسطينية إلى حالة من التسليم بواقع الاحتلال وسلطة الأمر الواقع فقد الفلسطيني ثقته بكافة أشكال التضامن الإعلامية والطواف على اختراقات الاحتلال المتكررة للقانون الدولي والحقوق الآدمية في فلسطين.

ويدعو صلاح عبدالعاطي، الخبير الحقوقي الفلسطيني، إلى رسم إستراتيجية وطنية كاملة لمواجهة الاحتلال وتدويل الصراع لرفع حقوق الفلسطينيين في كافة المحافل الدولية وعدم الاكتفاء بفعاليات سنوية متكررة.

الهرولة نحو التطبيع العربي مع الاحتلال في ظل التحديات الوطنية الكبرى والتحديات الإقليمية والعالمية التي تسهم في تصفية القضية الفلسطينية المتزامنة مع تراجع الأداء السياسي الفلسطيني ومتغيرات إقليمية جديدة تقفز بشكل كامل عن الحقوق الفلسطينية.

ويبين عبدالعاطي أن الرهان على نتائج الانتخابات الأمريكية مع عودة الديمقراطيين وفوز الرئيس المنتخب بايدن تجبر الفلسطينيين بدرجة أولى على إعادة صياغة رؤية شاملة لمواجهة الاحتلال وتطوير عملهم السياسي.

ويتابع: عودة العلاقات الفلسطينية مع الاحتلال الآن بعد الانتخابات الأمريكية نقطة سلبية يلزمها تطوير جهود التضامن العملية وفق إجماع وطني تستعين بمخالفة الاحتلال للقانون الدولي لاستعادة الوعي.

ويتزامن يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني هذا العام في ظل استمرار جائحة كورونا التي أجبرت مؤسسات وحلقات التضامن لاستخدام وسائل تجنبت التجمعات واللقاءات المباشرة مستعينة بالنشر والتصريح في مواقع التواصل الاجتماعي واستخدام الأدوات الشعبية والدبلوماسية في وسائل الإعلام.

ويلخّص عبدالكريم شبير، أستاذ القانون الدولي، رؤيته لتصحيح المسار في تعزيز حالة التضامن مع الحقوق الفلسطينية في 3 بنود؛ أولها تذكير العالم بالقرارات الأممية وعلى رأسها (181) و(194) الذي لم يتحمل مسؤوليته الأخلاقية في تطبيقها.

ويلفت إلى ضرورة مواصلة دعم “الأونروا” التي تشكل عنواناً لقضية اللاجئين الفلسطينيين وأهمية إنهاء الانقسام الفلسطيني واستعادة الوحدة كصمام أمان لمكافحة خطة الضم وصفقة القرن.

تكرار الحديث عن جرائم الاحتلال في يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني لا يكفي لغسل يديه من أدران الجريمة، فاستمرار المعاناة الأرض يلزمها وحدة فلسطينية تناضل بتفعيل كافة أدوات المقاومة في طريق شائك ستضطر فيه للتكيف مع موازين القوى الدولية دون تفريط في ثوابتها.

Exit mobile version