رؤيتنا للحالة السياسية الكويتية يملؤها الأمل ويحيط بها الحذر

أكد مساعد السعيدي، رئيس المكتب السياسي للحركة الدستورية الإسلامية (حدس)، أن دولة الكويت الآن لديها فرصة حقيقية لتطوير تجربتها الديمقراطية والتحول نحو شراكة حقيقية تؤسس لمسار ينعم به الجميع بالعدالة وعائد الثروة.

ودعا، في الحوار الذي أجرته معه «المجتمع»، إلى ضرورة الإنصات للشباب وتفهم تطلعاتهم واستشراف المستقبل معهم، مؤكداً أهمية توسيع مشاركة الشباب سواء في أطر الحركة أو على مستوى الدولة.

وحول الحركة الدستورية الإسلامية (حدس)، أكد رئيس مكتبها السياسي أن الحركة تيار متجدد في قياداته ورموزه، وتيار واعٍ بواقعه، يمازج بين الفكرة والواقع، ولا يقف جامداً مع حرصه على الالتزام بمبادئه.

ما رؤيتكم للحالة السياسية في الكويت خلال العقد القادم؟

– رؤية يملؤها التفاؤل والأمل، وفي الوقت ذاته يحيط بها الحذر، نحن لسنا منفصلين عن العالم؛ بل نعيش في ظل صراعات ومنازعات تفرض علينا خطوات إجبارية تبدأ بتثبيت الوحدة الوطنية الحقيقية وحمايتها من الاستغلال السياسي والانتخابي وعدم تعريضها للاهتزازات.

نحن في الكويت وبفضل الله لدينا فرصة حقيقية لتطوير تجربتنا الديمقراطية والتحول نحو شراكة حقيقية تؤسس لمسار ينعم به الجميع بالعدالة وعائد الثروة، القرن الماضي كان قرن الحقوق، ويطلق على القرن الحادي والعشرين “قرن الإنسانية”، ولنا -ولله الحمد- السبق بهذه الروح الإنسانية التي تعد إحدى ركائز الدولة الإستراتيجية في تحقيق مكانة دولية، وهذا يتطلب أن نواكب أكثر المعايير الإنسانية، وأن تتطور بيئتنا السياسية نحو مزيد من الإصلاحات والمشاركة العامة وتعزيز الحريات وإشاعة الاستقرار والازدهار ومكافحة الفساد المالي والسياسي.

أين موقع “حدس” من الخريطة السياسية في الكويت؟

– «حدس» حاضرة في المشهد السياسي، ولها صوت مسموع وتمثيل مقدَّر في مجلس الأمة والمجتمع المدني، ولها خطوط اتصال مع كافة القوى السياسية والاجتماعية والفاعلة في صناعة القرار السياسي.

يعتبر الكثيرون “حدس” من أكثر التيارات السياسية تماسكاً وتنظيماً، وهذه حقيقة ولله الحمد، والحركة الدستورية الإسلامية تيار متجدد في قياداته ورموزه، وتيار واعٍ بواقعه، يمازج بين الفكرة والواقع، ولا يقف جامداً مع حرصه على الالتزام بمبادئه.

تتواجد “حدس” على مساحة انتشار تغطي كافة المحافظات والمناطق، ولها حضور إعلامي وسياسي، تشارك في إعمار الدولة وأداء الواجب الوطني في التنمية.

ما زال أمامنا شوط لم نقطعه بعد، ولدينا طموحات تتطلبها وجود بيئة سياسية يمكن أن تمارس فيها العمل السياسي وفق الأصول والاعتبارات المراعاة في كافة دول العالم؛ وهو ما يتطلب عملياً تقنين العمل السياسي لتقدير الأوزان الحقيقية لكافة الكتل والتيارات بدلاً من الفوضى التي يعيشها العمل السياسي دون قانون أو مأسسة.

برأيكم، ما أهمية مشاركة الشباب في الحياة السياسية؟

– يشكل الشباب في المجتمع الكويتي ما نسبته 72% لمن هم أقل من 35 عاماً، وفق معايير الأمم المتحدة، وهذه النسبة العالية التي تعد «هبة ديموغرافية» علينا جميعاً أن نتنبه لأهمية استثمارها واحتوائها وإتاحة المساحات اللائقة لاستيعابها وإدماجها في ورشة التنمية وإعمار الدولة.

وعلينا أن نكون أكثر إنصاتاً للشباب؛ نتفهم تطلعاتهم ونستشرف مستقبلنا معهم؛ لذلك نرى أهمية توسيع مشاركة الشباب سواء في أطر الحركة أو على مستوى الدولة، بالإضافة إلى أهمية تبني إستراتيجية وطنية للعمل التطوعي حتى يتعزز رأس المال البشري الإبداعي والاجتماعي.

كيف تمثل الكويت حالة سياسية ناجحة؟

– هناك من يقارن التجربة الديمقراطية في الكويت بالحالة السياسية السائدة في المنطقة التي تضيق فيها هوامش المشاركة الديمقراطية، وهناك من يقارن تجربتنا بالنماذج العالمية التي قطعت أشواطاً متقدمة في استقرار تجاربها الديمقراطية.

بين هذه المقاربات يسود حوار بين الرضا بالموجود والرغبة في تحسينه وتطويره، وصولاً إلى انتقال مرحلي وجني ثمار هذا التحول الآمن نحو مزيد من الحرية والتنمية والمشاركة والحوكمة الرشيدة.

من خلال وجهة نظركم، كيف يمكن تطوير الحياة السياسية في الكويت؟

– علينا اختصار الطريق على أنفسنا ومباشرة تقنين التعددية السياسية وإصدار قانون الجمعيات السياسية؛ فقد بلغ المجتمع درجة من النضج وبات أكثر قبولاً لها ورغبة في المضي فيها وهو ما أتوقع حسمه في دور الانعقاد القادم؛ فهو مفتاح التطوير لحياتنا السياسية، وبوابة إنعاش بيئة صحية يمكن أن يمارس فيها العمل السياسي بكل أريحية وفاعلية لإثراء تجربتنا الديمقراطية، وكذلك يجب تعديل القوانين المقيِّدة للحريات، وتعديل قانون الانتخابات، وفتح صفحة جديدة بعودة الشباب والنواب المحكومين بقضايا ذات طابع سياسي.

هل الكويت مهيأة لإعلان الأحزاب خلال السنوات العشر القادمة؟

– بكل تأكيد نعم، لدينا أجيال متعلمة وواعية تدرك ما يعنيه تقنين العمل السياسي، وكيف تدير الدول المتقدمة شؤونها العامة، ولدينا جيل عايش التجارب العصرية في أسفاره وجولاته ودراسته، فتلمس عن وعي نتائج التجربة الديمقراطية الناضجة، وتبنى آليات الحكم الرشيد.

لن نعجز في الكويت بكل ما نملك من موارد بشرية من استلهام الممارسات الجيدة والسياسات المُثلى لمواءمتها مع واقعنا، والانتقال في خياراتنا الديمقراطية لمكانة أفضل بين دول المنطقة؛ فهي من أكثر نقاط التفوق التي تمنحنا الميزة التنافسية على من حولنا.

ما أفق التعاون المأمول بين التيارات السياسية خاصة خلال العقد القادم؟

– أحد أبرز التحديات التي تواجه العمل السياسي فكرة «التنسيق» بين القوى والتيارات السياسية، هناك حد أدنى من الاتصال، لكنه لم يرقَ لمستوى التنسيق، فضلاً عن الوصول لحالة من التكامل الذي تفرضه الانعطافات والتحديات التي تواجه مجتمعنا.

في تقديري أن أحد إشكالات الوصول لحالة التنسيق المأمولة هي الثقة التي يتطلب تكريسها جملة من الاعتبارات؛ أهمها التوافق على أجندة وطنية للقضايا محل الاتفاق، وهناك ملفات فيها تباينات محدودة يمكن الوصول إلى تفاهمات حولها، وهناك قضايا ما زالت المواقف فيها متباعدة تحتاج إلى حوارات وطرح بدائل وخيارات للتقريب والتوفيق.

في كل الأحوال، لدينا إيمان راسخ بأهمية التعاون حتى وإن تعثرت فرص التلاقي الحقيقي في مرات سابقة.

هل هناك نية لدخول المعارضة السياسية في الحكومة؟

– من السابق لأوانه الإجابة عن هذا السؤال، فليس لدينا موقف مسبق من الدخول في الحكومة؛ فكل مرحلة تتطلب إعادة تقدير الموقف واتخاذ القرار الأنسب لكل حالة، هناك سوابق عديدة لدخول المعارضة السياسية الحكومة، ويمكن الدخول إذا توافرت شروط نجاحها وفرص إنجاز إصلاحات حقيقية يأملها الشارع الكويتي ويتطلع إليها.

كلمة أخيرة.

– ونحن نبدأ عهداً جديداً بقيادة سمو الأمير، وولي العهد، حفظهما الله تعالى، نتضرع إلى المولى عز وجل أن يوفقهما لخير البلد وأبنائه، ونحن مثل باقي أفراد الشعب نضع كل إمكاناتنا في سبيل نهضة واستقرار وأمن بلدنا الكويت.

Exit mobile version