دراسات عربية تكشف حقائق صادمة عن صورة الإسلام في مناهج الغرب

في إطار البحث عن أسباب التشويه في صورة الإسلام لدى الغرب، خرجت دراسات عربية كثيرة تتعامل مع المناهج الدراسية التي ربي عليها كثيرون من شانئي الإسلام ومحركي الفتن ضده في الساحة الغربية.

الدراسات كشفت “كوارث وخطايا” تحملها تلك المناهج التي تكون عقلية الصغار داخل البيئة الغربية، مما يولد كراهية متأصلة تمنع حتى من مجرد افتراض الخطأ، وتوسع رقعة العداء للإسلام بين الغربيين.

فهناك، مثلاً، الباحث السعودي عبدالمحسن بن سالم العقيلي الذي ترأس فريق تحليل الكتب الدراسية في بريطانيا؛ حيث قاموا بدراسة ‏30‏ كتاباً في التاريخ والأديان والجغرافيا، وأظهرت الدراسة تشوّه صورة العرب فيما يتعلق بفترة الحروب الصليبية والصراع العربي – الصهيوني.

فقد أكد الباحث وفريقه أن بعض الكتب تربط بين الإسلام والإرهاب‏، وتحصر مضمون الإسلام في مجرد الحديث عن الحرام والحلال، والمحظور والمباح، ولا تقدم للقارئ الإسلام كدين يحمل رسالة حضارية وإنسانية كاملة‏، كما تربط بعض الكتب بين الجماعات المتشددة والإسلام.

كما شوّهوا صورة المقاومة الفلسطينية، وصوروا فلسطين على أنها أرض اليهود في الأصل، وأنها حق إلهي لليهود، وتصف المسلمين بالانعزالية‏‏ (لاحظ نفس توصيف ماكرون الأخير).

إغفال متعمد

أيضاً هناك دراسة أخرى عن صورة الآخر في المناهج الدراسية في الغرب والدول الإسلامية للدكتورة فوزية العشماوي، رئيس قسم الدراسات العربية والإسلامية في كلية الآداب جامعة جنيف في سويسرا، ورئيس منتدى المرأة المسلمة الغربية، قالت فيها: رغم أن من حق كل دولة عربية أو غربية أن تختار بحرية ما ترغب في تدريسه لتلاميذها، من تاريخ ومواد قومية دونما أي تدخل من أي طرف أجنبي؛ فإنه مع انتشار ثقافة العولمة والثورة المعلوماتية أصبحت مسألة تدوين أي معلومات غير صحيحة في كتب التاريخ أمراً غير مقبول؛‏ إذاً لا بد من ضرورة احترام حقوق المسلمين والغرب‏ حتى لا يصبح أو يستمر الآخر هو العدو أو الكافر كما روجت له كل جهة في كتبها التاريخية المدرسية علي الجانبين.

فمثلاً من الأخطاء الخطيرة التي احتوتها الكتب المدرسية بمادة التاريخ في الدول الغربية أنها تقدم الرسول والإسلام بصورة سيئة تجرح شعور المسلمين، فنجدهم يقدمون النبي صلى الله عليه وسلم على أنه شاعر ملهم يرى رؤى خارقة، وهو مؤلف القرآن الذي به معلومات وقصص مستوحاة من التوراة والإنجيل، وأنه تعرف عليهما خلال رحلاته التجارية للشام حيث التقى باليهود والمسيحيين فنقل عنهم في كتابه القرآن‏.

وتشير الدكتورة فوزية إلى أن هناك ظاهرة الإغفال المتعمد في المناهج الدراسية الأوروبية للاعتراف بفضل الفلاسفة والعلماء العرب المسلمين على النهضة الأوروبية في القرن الخامس عشر الميلادي، ونادراً ما تذكر المناهج الدراسية الأوروبية اعترافاً بدين أوروبا تجاه علماء المسلمين، من أمثال ابن رشد، وابن المقفع، والخوارزمي، وابن سينا، وابن النفيس، الذين كانوا منذ القرن التاسع الميلادي أساتذة ومعلمي أوروبا بأسرها.

الصحوة الإسلامية

كذلك، فإن كتب التاريخ المدرسية للمرحلتين الإعدادية والثانوية الأوروبية تهتم بالإسلام في العصر الحديث وخاصة بظاهرة الصحوة الإسلامية، وقد راجعنا كتب كبرى دور النشر الفرنسية هاشيت، وهاتيه، وبورداس ومعظمها يتم تدريسه في فرنسا وسويسرا، فوجدنا مثلاً أن كتاب هاشيت “Grehg Histoire De 1945 A Nos Jors”، يخصص ثلاث صفحات لهذه الظاهرة، وتضمنت الصفحات شرحاً للأسس التي يرتكز عليها الدين الإسلامي، وقد وجدنا فيها بعض الأخطاء.

فعلى سبيل المثال، جاء في شرح معنى الأحاديث النبوية: “الحديث هو شروحات قام بتأليفها أساتذة القانون خلال الفترة ما بين القرن السابع والقرن التاسع الميلادي” (المرجع المذكور صفحة 168)، وهذا الشرح يعد خطأ جسيما ويجب الإسراع باتخاذ إجراء عاجل لتصحيح هذه المعلومة المغلوطة عن حقيقة الأحاديث النبوية التي هي أقوال الرسول الكريم، وليست من تأليف أحد من البشر.

وفي نفس الفصل من المرجع المذكور وصف لمراسم الحج عند المسلمين، وتم شرح الهدف من تأدية فريضة الحج في ثلاثة أسطر، بينما بقية الصفحة تسرد أرقاماً ومبالغ ضخمة تخصصها حكومة المملكة العربية السعودية لمعدات الخيام لحجاج بيت الله الحرام.

والمتعمق سيجد أن الهدف من وراء ذكر الأرقام والمبالغ الضخمة إنما هو تصوير الحج على أنه “BUSINESS”؛ أي صفقات تجارية بملايين الدولارات تقوم بها الشركات الضخمة في الولايات المتحدة وألمانيا؛ أي أن السعودية ليست لديها التكنولوجيا اللازمة، وإنما لديها ملايين الدولارات التي يستفيد منها الأمريكيون والأوروبيون.

وفي فصل آخر يحمل عنوان” هوية الإسلام في نهاية القرن العشرين”، نجد صفحة مخصصة لموجة الصحوة الإسلامية خلال السنوات الأخيرة، جاء فيها أن “البلاد الإسلامية سواء كانت علمانية أو اشتراكية أو تقليدية تجتاحها اليوم موجة إسلامية، فلم يوجد أبداً قبل ذلك مثل هذه الكثافة في المساجد، وأكثر ما يثير الدهشة هو انجذاب الشباب نحو الإسلام”!

دراسة نقدية

من أهم الدراسات النقدية في هذا المجال ما قام به د. محمد منصور، رئيس قسم اللغة الألمانية بكلية اللغات والترجمة بجامعة الأزهر، حيث قدم قراءة نقدية لكتب التاريخ في النمسا، فلاحظ أنه رغم احتفائها بالبحث في الحضارة العربية الإسلامية، وقعت في فخ السلبية عندما تحدثت عن الإسلام، إذ صورته باعتباره مجموعة من التعاليم المسيحية واليهودية التي تعرف عليها الرسول صلى الله عليه وسلم وصنع منها ديناً جديداً!

وهناك أيضاً دراسة للدكتور طارق رضوان، الأستاذ بكلية اللغات والترجمة، عن “كتب التاريخ المدرسية في اليونان”، أكد فيها أن هذه الكتب بها مفاهيم سلبية كانتشار الإسلام بحد السيف، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان هو البادئ بالهجوم دائماً، كما قدمت موقف الإسلام من المرأة في شكل خاطئ، وأن ذلك لم يقلل من كون الكتاب المدرسي اليوناني به الكثير من إيجابيات حضارة المسلمين.

وهناك دراسة للدكتور صلاح رمضان السيد، العميد الأسبق لكلية اللغات والترجمة، جامعة الأزهر عن “كتب التاريخ المدرسية في إيطاليا”، أكد فيها أن تلك الكتب تخلط دائماً بين التاريخ السياسي للدولة الإسلامية والدين الإسلامي، وتقدم الإسلام بطريقة سلبية، عن طريق اعتساف مفاهيم مغلوطة لأمور كالجهاد بصفته حرباً مقدسة ضد المسيحيين.

وتقدم مفهوم الجهاد دائماً على أنه الحرب المقدسة التي يحتم الإسلام على أتباعه القيام بها ضد غير المسلمين لإرغامهم قهراً على الدخول في هذا الدين، الأمر الذي يتضح من استخدام عبارات مثل “الحرب المقدسة” بالمفهوم الصليبي لهذا المصطلح، ومصطلح “التوسع الإسلامي” أو “السيطرة الإسلامية على العالم”.

وتخيل أن منهج التاريخ المقرر على الصف الثاني الابتدائي فيه تلك العبارة: “من واجبات المسلم أن يقوم بنشر دين الإسلام حتى لو بالقوة؛ ولذا بدأ العرب الحرب المقدسة، واحتل العرب أيضاً الأماكن التي عاش فيها السيد المسيح عليه السلام، وهي الأماكن المقدسة لدى المسيحيين”!

Exit mobile version