3 أعوام على تحرير الموصل.. وما زالت آثار الحرب قائمة

– الحرب خلفت أكثر من 40 ألف قتيل وجريح ومفقود بين المدنيين

– السنجاري: كل إجراءات إعادة إعمار الموصل هي عبارة عن حبر على ورق

– الواقع الصحي في الموصل متردٍّ وما زالت المستشفيات مدمرة

 

احتفت مدينة الموصل حاضرة سُنة العراق، أمس الجمعة، بالذكرى الثالثة لتحريرها من سيطرة “تنظيم الدولة” (داعش)، الذي اتخذ من المدينة في شمال العراق عاصمة لدولته المزعومة التي أعلن عن قيامها عام 2014، بعد هزيمة الجيش والشرطة العراقية خلال حكم رئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي عام 2014.

وبعد معركة طاحنة انتهت عام 2017، واستغرقت 9 أشهر، شارك فيها أكثر من 100 ألف عنصر من القوات العراقية؛ مدعومة بالبيشمركة الكردية وقوات العشائر إلى جانب الحشد الشعبي، وبدعم كبير من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، تم تحرير المدينة بثمن باهظ جداً أتى على بناها التحتية بالكامل، وأدى لقطع التواصل بين شطريها على ضفتي نهر دجلة بعد تدمير طائرات التحالف 5 جسور كانت تربط بينهما.

آثار الحرب

لا تزال آثار الدمار ومخلفات الحرب تعم أرجاء المدينة مركز محافظة نينوى، ثاني أكبر محافظة عراقية بعد العاصمة بغداد، وتسبب الدمار بوضع مأساوي خصوصاً في الجانب الغربي من المدينة.

وتشير تقارير صادرة عن البرلمان العراقي إلى أن الحرب خلفت أكثر من 40 ألف قتيل وجريح ومفقود بين المدنيين، ودماراً هائلاً أتى على أكثر من 70% من عمران المدينة، ورغم تعهد حكومة رئيس الوزراء العراقي الأسبق حيدر العبادي، وخلفه عادل عبدالمهدي بإعادة إعمار المدينة، فإن شيئاً من ذلك لم يحدث، وكل ما أنجز هو عبارة عن مشاريع متواضعة، بحسب مراقبين، تصب في خانة عودة الاستقرار وإعادة جزء من النازحين، حيث لا يزال نازحوا محافظة نينوى يشكلون النسبة الأكبر من مجموع مليون و500 ألف نازح عراقي.

رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي لم يطلق أي وعود على خطى سلفيه بخصوص مطلب أهالي المحافظة بإعادة الإعمار، واكتفى، في بيان طويل بذكرى تحريرها، بالإشادة بما وصفه بـ”الملاحم البطولية” للقوات التي هزمت “داعش”.

وقال، في بيانه الصحفي: “تفتخر الأمم بانتصاراتها على عتاة التاريخ، الذين كانوا رمزاً للوحشية والعنصرية وأعداءً للإنسانية، ومن حق العراقيين اليوم أن يفتخروا بذكرى نصرهم الأبرز، على من جمع كل الموبقات وأخرجها بشكل استهدف وجودهم وديمومة عيشهم على ضفاف النهرين العظيمين”.

وأضاف الكاظمي: “نحن نخوض حرباً ضد الفساد والخراب، وواعون تماماً لما لهذا العزم العراقي القوي من أثر، بفضل تصميمهم الذي أزاحوا به الإرهاب، سينتصر العراقيون بإعمار بلدهم وفي حربهم على الفساد والفاسدين، وستكون مرتبة أخرى يرتقونها معاً كشعب واحد متآزر، فقد دفعوا ثمناً لم يدفعه قبلهم أحد”.

إعمار على الورق

الصحفي الموصلي، فارس السنجاري، اعتبر في حديثه لـ”المجتمع” أن كل إجراءات إعادة إعمار الموصل هي عبارة عن حبر على ورق، ومقولات للاستهلاك الإعلامي، فأهل المدينة يمرون صباح مساء من بين ركام المنازل التي دمرتها الحرب، ويعيشون في ليالي مدينتهم المظلمة بسبب دمار شبكة الكهرباء، ويدركون أن شيئاً لم يتغير على الأرض.

وأضاف السنجاري أن الكلفة الأولية لإعادة إعمار الموصل قدرت بين 30 إلى 40 مليار دولار، ورغم توافر منح دولية كبيرة، فإنه لم يتم الشروع بإعمارٍ فعلي، مشيراً إلى أن أسباباً عديدة تقف وراء ذلك، أهمها سوء الإدارة في الحكومة المحلية، واستشراء الفساد في الدوائر المكلفة بإعادة الإعمار.

وتابع: ما يجري عبارة عن فوضى وسوء تخطيط، والفساد تسبب في هدر المال وإعاقة عملية الإعمار، فالمنظمات الدولية قدمت مساعدات كبيرة جداً لا يرى أثرها على أرض الواقع، فالأموال يساء إنفاقها.

يشار إلى أن صندوق إعادة إعمار محافظة نينوى أعلن أنه نفذ عام 2018 حوالي 50 مشروعاً إستراتيجياً بكلفة تجاوزت 60 مليار دينار عراقي، وأنه نفذ العام الماضي 54 مشروعاً بكلفة 90 مليار دينار عراقي. ​

محافظ نينوى نجم الجبوري، أعلن عن إنجاز 700 مشروع حيوي جديد ضمن المرحلتين الثانية والثالثة من خطط إعمار مدينة الموصل والأقضية والنواحي التابعة لها.

وقال، في تصريح لصحيفة “الصباح” العراقية الرسمية: إن المشاريع المنجزة في الأشهر التسعة الماضية من العام الجاري، من قبل الجهد الهندسي والفني في بلديات وبلدية مدينة الموصل بالتعاون مع شركات وزارة الإعمار العاملة بالمحافظة بلغت 700 مشروع، شملت إعادة العمل لبعض الجسور، وإعمار مدارس وشبكات المجاري والكهرباء، وصيانة إسالة مياه الشرب وتوزيعها بين الأحياء البعيدة، فضلاً عن مشاريع إعمار المجمعات السكنية قليلة الكلفة والمنازل المدمرة جراء العمليات العسكرية.

يذكر أن الأمم المتحدة تقدر حجم الركام الذي خلفته المعارك في الموصل بحوالي 8 ملايين طن، وأن المدينة التاريخية القديمة التي شيد جانباً منها في عهد عماد الدين، ونور الدين زنكي لن تعود كما كانت عليه قبل تحريرها.

معاناة الأهالي

علي الجبوري (33 عاماً) يسافر شهرياً إلى مدينة أربيل 80 كم شرق الموصل، لمعالجة زوجته بجرعات الكيماوي لإصابتها بمرض سرطان الثدي.

الجبوري قال لـ”المجتمع”: إن الواقع الصحي في الموصل متردٍّ، وما زالت المستشفيات مدمرة، والتي أعيد إعمارها تفتقد للأجهزة الطبية، والخدمات الصحية والأدوية.

وأضاف: أنا مضطر للسفر إلى محافظة أربيل في إقليم كردستان لمعالجة زوجتي، وهناك المئات غيري يضطرون للسفر يومياً إلى محافظة السليمانية أو دهوك في كردستان لغرض العلاج ومراجعة المشافي.

عبدالسلام ذنون (27 عاماً) خريج كلية العلوم قسم الحاسبات، يعمل كعامل بناء رغم كونه مهندس حاسبات.

وعن سبب عمله كعامل بناء، رغم كونه خريجاً جامعياً قال لـ”المجتمع”: منذ تخرجي في الجامعة وأنا أنتظر تعييناً حكومياً، وقد أعلنت الحكومة العام الماضي وقف جميع التعيينات بسبب الأزمة المالية.

واستدرك: بسبب عملية تحرير الموصل دمر منزلنا في الجانب الأيمن من الموصل تدميراً كاملاً، فاضطررننا للانتقال إلى الجانب الأيسر، واستأجرنا منزلاً ولا نملك سوى راتب والدي التقاعدي، لذلك أعمل في أي مهنة تصادفني كي أقدم المساعدة في تسديد تكاليف المعيشة الصعبة.

ذنون قال مازحاً: كنا نتحدث أنا وبعض الزملاء قبل أيام عن إنشاء جمعية للعاطلين عن العمل، لعلنا نحصل على بعض المساعدات التي تقدمها المنظمات الدولية وتبتلعها حيتان الفساد، منوهاً إلى أن حجم البطالة في المدينة كبير جداً، ولعل ذلك يفسر سبب ارتفاع نسبة الجرائم.

Exit mobile version