الذكرى الـ64 لمجزرة قلقيلية.. واقع مؤلم للمدينة المنكوبة منذ عهد النكبة

في العاشر من أكتوبر من كل عام تصادف الذكرى المؤلمة لمجزرة قلقيلية المعروفة بمجزرة المركز التي ارتقى فيها قرابة 70 شهيداً على يد العصابات الصهيونية التي فجرت المركز التابع للجيش الأردني شمال المدينة والقريب من خط الهدنة والمعروف اليوم بالخط الأخضر الفاصل بين أراضي الـ48 والـ67.

المجزرة كان توقيتها بعد 8 سنوات من النكبة عام 1948، وكانت رسالة من العصابات اليهودية لأهالي قلقيلية بالانتقام منهم لمقاومتهم التي لم تتوقف حتى بعد النكبة بعد ضياع أراضيهم التي تقدر بـ50 ألف دونم وكانت تصل إلى البحر المتوسط.

تضاهي مجزرة دير ياسين

يقول الباحث في تاريخ المدينة سمير الصوص: هذه المجزرة تضاهي مجزرة دير ياسين ومجزرة كفر قاسم التي كانت بعد 19 يوماً من مجزرة قلقيلية بتاريخ 29/ 10/ 1956م، وجرح المجزرة ما زال نازفاً، فكل عائلات قلقيلية نكبت في هذه المجزرة وكذلك كان هناك شهداء من الجيش الأردني الذين تم ذبحهم بالسلاح الأبيض وتفجير المركز بالألغام على رؤوس من فيه.

ويضيف: تفاصيل المجزرة مرعبة، فالقوات الصهيونية كانت تمارس إرهاباً يفوق كل مظاهر الإرهاب في العالم، فبعد ذبح الضحية يتم ردم المركز فوق رؤوس الشهداء في عملية انتقام مخطط لها من قبل قادة الدولة العبرية التي لم يكن عمرها فقط سوى 8 سنوات، فهذه الدولة قامت على الدم والقتل والذبح.

المجزرة وجرح النكبة النازف

د. إبراهيم أبو جابر من كفر قاسم الذي ألَّف كتاب “جرح النكبة” في 12 جزءاً، يقول: عندما كتبت وجمعت المعلومات عن مجزرة قلقيلية، كانت التفاصيل فيها مؤلمة، فلم يكن هناك قتال بين الطرفين، وكان المركز منطقة هادئة، واختبار العصابات اليهودية للمركز كمكان لارتكاب الجريمة باعتباره هدفاً سهلاً وقريباً جداً من خط الهدنة، والوصول إليه لا يحتاج إلا لبضع مئات من الأمتار، كما أنه مركز ليس محصناً من الناحية العسكرية، بل هو مركز فيه بعض عناصر من الجيش الأردني، وبعض السجناء؛ لذا كانت العملية سهلة بالنسبة للعصابات الصهيونية، وتم القضاء على من فيه بطريقة لها دلالات، وهي تجسيد رسالة الإرهاب والتخويف، فالضحايا قطعت رؤوسهم قبل أن ينسف المركز بعد زرع الألغام في زوايا المركز ونسفه.

موعد مع القتل

ويتحدث الحاج جهاد منصور (78 عاماً) عن تفاصيل ليلة المجزرة بحزن عميق قائلاً: كان عمري وقتها 14 عاماً، وعند الساعة العاشرة مساء من العاشر من أكتوبر 1956، كانت قلقيلية على موعد من القتل والإرهاب لم يسبق له مثيل، فصوت الانفجار كان مرعباً وصوته جنونياً، وبالرغم من مرور 64 عاماً على المجزرة ما زلت أذكر صوت تفجير المركز من قبل العصابات الصهيونية وقتل أكثر من 70 شخصاً بدم بارد.

ويضيف: العصابات الصهيونية اقتحمت المركز من الباب الشرقي، وكان معها خارطة للمركز الذي بني في عهد الانتداب البريطاني، وكان محصناً، وتم وضع المتفجرات بطريقة هندسية حتى يتم تفجيره بشكل كامل، فهو محصن بطريقة لا تؤثر فيه القنابل العادية، وتم زرع المتفجرات بطريقة جعلت من المركز رماداً، وفي الصباح ذهب أهالي قلقيلية لانتشال الجثث التي طمرت تحت الركام، وكان المنظر لا يصدق، فالركام غطى المكان، وكانت هناك صعوبة في انتشال الجثث، وهذا المشهد لا يفارق مخيلتي وأحدّثه دوماً للجيل الصغير، فالجيل الكبير يجب أن يورث التفاصيل عن هذه المجزرة التي ليس لها مثيل.

يتابع الحاج منصور بألم: المطلوب من بلدية قلقيلية والجميع إقامة مَعْلم قرب الموقع الذي حدثت فيه المجزرة، حتى تكون رسالة للأجيال القادمة.

بعد مقاومة باسلة

أما رئيس بلدية قلقيلية د. هاشم المصري فيقول: المجزرة جاءت بعد المقاومة الباسلة التي قام بها أهالي قلقيلية ضد التجمعات اليهودية التي أقيمت على أراضيها في مناطق الـ48، والكل يشهد على بسالة أهالي المدينة الذين قدموا كل ما لديهم في الدفاع عنها.

ويؤكد المصري أن الاحتلال أراد من المجزرة ترحيل أهالي المدينة، وفشل فشلاً ذريعاً، وفي عام 1967 أكمل الاحتلال تفاصيل المجزرة بترحيل الأهالي ولكن مشروعهم فشل، وفي عام 2002م أقام الجدار لخنق المدينة من أجل الترحيل الصامت للأهالي، إلا أن المواطنين ما زالوا بصمودهم وإرادتهم يحطمون كل مخططات الاحتلال العنصرية.

Exit mobile version