وسط مخاوف الناتو وتهديدات واشنطن.. هل قررت تركيا تفعيل منظومة S400 الدفاعية الروسية؟

كشفت مقاطع فيديو مختلفة انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي في تركيا نقل منظومة S400 الدفاعية التي اشترتها تركيا من روسيا إلى ولاية سينوب على البحر الأسود شمالي تركيا تمهيداً لإجراء تجارب على تفعيل المنظومة في خطوة تشير إلى اقتراب أنقرة من اتخاذ قرار نهائي بتفعيل المنظومة عقب تأجيل ذلك منذ عدة أشهر، وذلك على الرغم من استمرار معارضة الناتو لهذه الخطوة والتهديدات الأمريكية بفرض عقوبات على تركيا في حال تفعيل المنظومة.
وعلى الرغم من غياب التصريحات والتأكيدات الرسمية، إلا أن عشرات مقاطع الفيديو أكدت انتقال عربات يمكن الجزم أنها تابعة لأجزاء من المنظومة الدفاعية الروسية عبر ولاية سامسون وصولاً إلى ولاية سينوب على البحر الأسود، وذلك بالتزامن مع فرض حظر طيران فوق المنطقة على مدى الأيام المقبلة.
وقالت مصادر تركية غير رسمية إن الجيش التركي سوف يجري تجارب عملية على تشغيل منظومة S400 وذلك من خلال تنفيذ 10 عمليات إطلاق صواريخ على أهداف جوية بارتفاعات مختلفة وذلك للتأكد بشكل نهائي من فعالية المنظومة وجاهزيتها وأدائها إلى جانب فحص خبرات الفريق التقني التركي الذي تلقي تدريبات في روسيا على استخدام المنظومة.
ولا يعرف على وجه التحديد لماذا جرى نقل المنظومة إلى شمالي تركيا وهي المنطقة التي لم تكن ضمن سيل من التكهنات والتحليلات السابقة حول الأماكن المتوقعة لنشر المنظومة، لكن يعتقد أن المكان اختير فقط لإجراء التدريبات لاعتبارات مختلفة أبرزها قلة حركة الطائرات والنقل الجوي في المنطقة ومستوى الأمان في الكثير من الجوانب، وأن المنطقة المطلة على البحر الأسود المتاخم لروسيا ليست هدفاً لتكون موقعاً لخطط أنقرة لنشر المنظومة.
وأشارت التقديرات العسكرية في السابق إلى أن تركيا تخطط إلى نشر منظومة S400 في العاصمة أنقرة وبخاصة في قاعدة مرتد الجوية هناك، فيما سيجري نشر المنظومة الثانية في منطقة مطلة على سواحل شرق البحر المتوسط وذلك لحماية عمليات التنقيب التركية هناك في ظل التصعيد العسكري غير المسبوق مع اليونان وفرنسا وأطراف دولية أخرى بالمنطقة.
ولا يعرف أيضاً إلى حد الآن ما إن كانت التجارب الأخيرة جاءت نتيجة قرار نهائي بتفعيل المنظومة رغم ما سيكلف أنقرة ذلك من تبعات كبيرة، أم أنها مجرد مناورة للضغط على الولايات المتحدة وحلف الناتو في ظل تصاعد الخلافات حول الكثير من الملفات ومنها شرق المتوسط ورفع حظر السلاح الأمريكي عن قبرص اليونانية والأنباء عن نية واشنطن إقامة قاعدة عسكرية أمريكية في جزيرة كريت اليونانية وإمكانية استخدامها كبديل عن قاعدة إنجرليك الجوية في تركيا.
وقبل أسابيع، نقلت وكالة إنترفاكس تصريحاً لسيرغي تشيميزوف رئيس مجموعة روستيك الروسية الحكومية قال فيه إن روسيا “ستوقع على الأرجح” عقدا لتسليم دفعة إضافية من منظومة S400 الصاروخية لتركيا العام المقبل، وهو ما اعتبر بمثابة دليل إضافي على إصرار أنقرة على تفعيل الدفعة الأولى في ظل مساعيها للحصول على دفعة جديدة.
وعقب شراء تركيا منظومة S400 من روسيا، واجهت انتقادات واسعة من حلفائها في حلف الناتو، وتهديدات من الإدارة الأمريكية بفرض عقوبات واسعة عليها وبدأت ذلك من خلال تعليق مشاركة تركيا في برنامج صناعة وتطوير طائرات F35 والتلويح لحزمة عقوبات اقتصادية قاسية في حال جرى تفعيل المنظومة بالفعل، وهو السبب الذي يعتقد أنه يدفع أنقرة لتأجيل تفعيل المنظومة حتى اليوم.
واستغلت تركيا أزمة كورونا لعدم تفعيل المنظومة في الموعد الذي كان مقرراً نهاية آذار/مارس الماضي والقول إن ذلك جاء لأسباب تقنية بسبب انتشار الوباء عالمياً.
وزارة الخارجية الأمريكية أعربت عن “قلق واشنطن العميق” إزاء تقارير تحدثت عن استعدادات تجريها تركيا لاختبار منظومات الدفاع الروسية، وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، الثلاثاء: “إننا على علم بورود هذه التقارير وما زلنا نعارض بشكل قاطع شراء تركيا لمنظومات الصواريخ المضادة للطائرات S400، نحن قلقون للغاية بشأن التقارير التي تفيد بأن تركيا تواصل جهودها الرامية إلى بدء تشغيل إس-400”.
من جهته، دعا الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، ينس ستولتنبرغ، الإثنين، تركيا إلى البحث عن بديل لأنظمة الدفاع الجوي الروسية “حتى لا تشكل خطرا على طيران أعضاء الحلف”، وقال في مؤتمر صحافي بأنقرة: “امتلاك تركيا لـ S400 يخلق صعوبات بالنسبة لنا، وقد يشكل خطرا على طائرات الحلفاء، ويضع تركيا أيضا في مواجهة العقوبات الأمريكية. لا يمكن دمج S400 في منظومة الناتو، وأدعو شركاءنا الأتراك للبحث عن بديل”.
من جانبه قال وزير الخارجية التركي إن بلاده اضطرت لشراء أنظمة دفاع جوي روسية لأنها “لم تكن قادرة على الحصول على أنظمة الدفاع الجوي الأمريكية باتريوت أو أنظمة أخرى مماثلة لدفاعها”.
ومع الحديث عن قرب تفعيل المنظومة الروسية، لامست الليرة التركية مستوى قياسيا منخفضا مقابل الدولار، الأربعاء، وذلك في ظل تزايد المخاوف من فرض واشنطن عقوبات على تركيا حيث هددت واشنطن بعقوبات اقتصادية بعدما قررت إخراج تركيا من برنامج صناعة وبيع طائرات اف 35 وسط خلافات حادة جداً بين البلدين.
والاثنين، جاء في تقرير لصحيفة “تايمز” البريطانية أن واشنطن تخطط لنقل وسائلها الحربية من قاعدة إنجرليك في تركيا إلى جزيرة كريت اليونانية، لـ”معاقبة الرئيس التركي على تصرفاته”، وذلك بعد أسابيع من قرار واشنطن رفع الحظر عن تصدير الأسلحة لقبرص اليونانية لأول مرة منذ عقود، وهو القرار الذي أغضب أنقرة واعتبرته محاولة لتغيير موازين القوى في المنطقة، الأمر الذي قدر يعتبر من أبرز الأسباب التي قد تدفع أنقرة لتفعيل المنظومة الروسية أو التلويح بذلك للضغط على واشنطن للتراجع عن القرار.

Exit mobile version