رحم الله الصديق العزيز د. عبدالغفار عزيز، رئيس مكتب العلاقات الخارجية للجماعة الإسلامية في باكستان الأمين العام المساعد للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الذي لقي الله، أمس الإثنين (18 صفر 1442هـ/ 5 أكتوبر 2020م)، بعد صبر واحتساب على المرض العضال الذي أصابه منذ أبريل الماضي.
بموته -يرحمه الله– فقدت الجماعة الإسلامية فارساً من فرسانها، وفقدت الساحة الإسلامية في شبه القارة الهندية بل والعالم الإسلامي عَلَماً من دعاتها ومفكريها، حمل في قلبه ومشاعره حب وطنه، وتحرك بهمة عالية بقضايا دينه وأمته وهموم دعوته بكل تفان وإخلاص.
وبفقده فقدت الساحة السياسية والإعلامية في باكستان والمنطقة كاتباً ومحللاً ومفكراً، كان يجيد التعبير عن فكرته ومفاهيمه ومواقف جماعته الوطنية والإسلامية بمهارة وعمق وقوة في الطرح، مصحوباً بطلاقة في الوجه وتواضع جم.
وقد فتح القلوب وأحدث حراكاً وتواصلاً بين المسلمين في باكستان وشبه القارة الهندية والعالم العربي أجمع، فكان خير سفير لبلاده بلسانه العربي الفصيح، وكان خير معبر عن العالم العربي لدى الشعب الباكستاني.
وقد حول إدارة العلاقات الخارجية التي كان يديرها مع فريقه المحترم باقتدار إلى شريان نابض بالحيوية والتواصل مع العالم العربي، وباتت قضايا العرب والمسلمين حول العالم حاضرة على مائدة بحث هذه الإدارة، حيث يتم نشرها وشرحها على المجتمع الباكستاني، وباتت قضايا العالم العربي السياسية والفكرية والاجتماعية أكثر حضوراً في باكستان عبر د. عبدالغفار بعد انضمامه للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين وتوليه موقع الأمين العام المساعد للاتحاد.
وقد تشرفت بزيارته في مكتبه بمقر الجماعة الإسلامية بالعزيزية بمدينة لاهور قبل 10 سنوات تقريباً، تعرفت خلالها على آليات عمله، وشاهدت كيف حوَّل ذلك الرجل وزملاؤه الأفاضل تلك الإدارة إلى خلية نحل لا تهدأ.
ومن يومها استمر تواصلنا عبر لقاءاتنا في دولة الكويت ووسائل التواصل حتى خفت التواصل قبل فترة، فظننت أنه الانشغال بالعمل ومشاغل الحياة، ولم أكن أدري أنه بدأ مع مرضه الشديد الطريق إلى لقاء ربه الكريم الحليم، وأشهد أنه كان مهموماً بقضايا بلاده وأمته وخاصة قضيتي كشمير وفلسطين، ودوداً بشوشاً وهادئاً في طرحه بما يدخل على النفس السكينة والارتياح.
أخي الحبيب عبدالغفار عزيز، أودعك بما ودَّع به أمير الشعراء صديقه حافظ إبراهيم شاعر النيل، رحمهما الله:
الحـقُّ نـادَى فاسْـتجَبْتَ، ولـم تَـزلْ بــالحقِّ تحــفِلُ عنـدَ كـلِّ نِـداءِ
فطبت حياً وميتاً، وأسأل أن يغشاك برحمته، ويجعل قبرك روضة من رياض الجنة، وأن يسكنك الفردوس الأعلى من الجنة، وأن يلهم أسرتك وعائلتك وتلامذتك وأصدقاءك وكل محبيك الصبر والسلوان.
__________________________________________
(*) مدير تحرير مجلة “المجتمع” سابقاً.