استنفار سياسي وأمني بالعراق لمنع إغلاق السفارة الأمريكية في بغداد

يشهد العراق استنفاراً على المستويين السياسي والأمني، بهدف ثني الولايات المتحدة الأمريكية عن غلق سفارتها في العاصمة بغداد، التي تتعرض لهجمات صاروخية تشنها جماعات شيعية مسلحة بشكل مستمر.

ونقلت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، عن مسؤول أمريكي لم تذكر اسمه ووصفته بأنه “مطلع” قوله: إن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو أخبر رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي عن خطة مغادرة الولايات المتحدة للسفارة.

وأبلغ بومبيو الجانب العراقي أنه ما لم تتخذ الحكومة العراقية الخطوات المناسبة، فمن المحتمل أن يتم إغلاق السفارة، وبحسب الصحيفة، فإن مسؤولاً عراقياً قال: إن الولايات المتحدة طلبت من الحكومة العراقية أن تكون قوية ضد المليشيات.

اجتماع للرئاسات العراقية

التهديد الأمريكي دفع الرئاسات العراقية للاجتماع بشكل استثنائي، أمس الأحد، وفي اجتماع ضم رئيس الجمهورية برهم صالح، ورئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي، ورئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان، تم مناقشة المستجدات الأمنية والسياسية والتداعيات الخطيرة المترتبة على الأوضاع الحالية.

وخرج الاجتماع بموقف موحد إزاء الأمر، وأكد المجتمعون دعمهم لخطوات الحكومة في حماية البعثات الدبلوماسية والتصدي للأعمال الخارجة عن القانون، وحصر السلاح بيد الدولة.

وصدر عن الاجتماع بيان جاء فيه: إن “المجتمعين أكدوا أن التطورات الأمنية التي حدثت في الآونة الأخيرة من استمرار استهداف المراكز والمقرات المدنية والعسكرية، وتواصل أعمال الاغتيال والخطف ضد ناشطين مدنيين، إنما تمثل استهدافاً للعراق وسيادته”.

وأضاف البيان أن “التطورات الأمنية تمثل أيضاً استهدافاً للمشروع الوطني الذي تشكلت على أساسه الحكومة الحالية لتحقيق الاستقرار وحفظ هيبة الدولة، تمهيداً لإجراء انتخابات مبكرة على أُسس عادلة، وأنها تنال من سمعة العراق الدولية ومن علاقاته الخارجية”.

وشدد المجتمعون على أن “استمرار أجواء الاضطراب الأمني والتداعيات التي تترتب عليه سيمثل إضراراً بالغاً باقتصاد العراق وسعيه إلى تجاوز الأزمة التي ترتبت على انتشار جائحة كورونا وانخفاض أسعار النفط وعائداته، كما يقوض فرص الخروج بالبلد إلى بر الأمان في مواجهة الأزمات”.

وبحسب البيان، فقد أكد المجتمعون أن “إعلان الحرب هو من اختصاص مؤسسات الدولة العراقية التشريعية والتنفيذية المستندة إلى القانون والدستور، وأنه ليس من حق أي طرف إعلان حالة الحرب أو التصرف على أساس حالة الحرب داخل الأراضي العراقية”، مشددين على أن “العراق يرفض تحويل أرضه إلى ساحة لتصفية حسابات أو منطلقاً للاعتداء على دول أخرى”.

وجاء في البيان أن “أعمال الجماعات الخارجة على القانون ضد أمن البلاد وسيادتها، تمثل منحى خطيراً يعرض استقرار العراق إلى مخاطر حقيقية؛ ما يستدعي تضافراً للجهود على كل المستويات، وحضوراً فاعلاً لموقف القوى السياسية المختلفة من أجل التصدي لهذا التصعيد ودعم جهود الحكومة العراقية لضمان أمن وسيادة العراق”.

إجراءات أمنية مشددة

وعقب اجتماع الرئاسات العراقية، أصدر رئيس الحكومة العراقية القائد العام للقوات المسلحة، تعليمات مشددة لكافة الأجهزة الأمنية بضرورة التصدي للجماعات المسلحة التي تقوم بعمليات خارج القانون.

وقال مصدر أمني: إن الكاظمي أصدر تعليماته إلى القيادات الأمنية بالتعامل بحزم مع الهجمات المسلحة، وتطبيق القانون على أي جهة تنفذها مهما كان ارتباطها.

وأضاف المصدر، مفضلاً عدم ذكر اسمه، في حديثه لـ”المجتمع”، أن أجهزة الاستخبارات العامة والاستخبارات العسكرية والأمن العام استنفرت طاقاتها لمتابعة الجماعات المسلحة التي تهدد السفارة الأمريكية.

وأشار إلى أن الحكومة العراقية لديها خشية حقيقية من أن الجانب الأمريكي قد لا يكتفي بغلق السفارة، فهناك مؤشرات عديدة تشير إلى احتمال أن تقوم الولايات المتحدة بضرب مواقع لجماعات مسلحة بعد إغلاق السفارة، وهو ما سيعقد الأمر.

وأوضح المصدر أن التحرك الأمني تزامن مع اتصالات مكثفة بين جهات سياسية وأمنية مع أطراف لها تأثير في الساحة العراقية، لحث الجماعات الشيعية على تهدئة الأوضاع وتجنب التصعيد.

حركة النجباء تصعّد

بالتزامن مع التحركات والمخاوف الرسمية من تداعيات تدهور العلاقة مع الجانب الأمريكي، صعدت حركة النجباء، أحد مكونات هيئة الحشد الشعبي، من لغة التحدي ضد الولايات المتحدة، معتبرة أن مقاومة الاحتلال أمر مشروع.

وقال الأمين العام للحركة أكرم الكعبي، في بيان: إن العمل الذي يستهدف الاحتلال أقرته الشرائع والثوابت والمبادئ، ولا نتوقع من إخواننا الذين عرفوا بالجهاد والتضحية والمقاومة غير المؤازرة في طريق الحق.

وأضاف: لم يعهدنا أحد أن نكون من المعتدين، ولا نقر أي عمل يطال المدنيين، وموقفنا في المقاومة الإسلامية واضح حيث لا نقبل أي استهداف للبعثات الدبلوماسية ونعد ذلك تعدياً سافراً، مؤكداً ضرورة حماية البعثات الدبلوماسية المعززة لعلاقات العراق مع العالم بما يخدم النمو والرفاه لشعبنا.

وتابع الكعبي: المستغرب أن تجد الضبع الأمريكي الغادر فرحاً بالمواقف والتصريحات المطالبة بحماية البعثات الدبلوماسية، موضحاً أن كل من صرح بعدم استهداف البعثات لا يقصد سفارة الشر الأمريكية إنما يقصد البعثات الدبلوماسية الحقيقية.

وأكد الأمين العام لحركة النجباء أن الأمريكيين في العراق ليسوا إلا مجموعة محتلين سارقين يتخذون وكراً ساتراً لجرائمهم اسمه سفارة.

وختم بالقول: إن فصائل المقاومة لا تستهدف سفارة الشر هذه حالياً من الخارج لسبب واحد هو وجود مقار حكومية ومدنية حولها، لافتاً إلى أن السفارة الأمريكية هي قاعدة عسكرية ضخمة وكبيرة تقبع بين البيوت الآمنة لأهالي بغداد.

Exit mobile version