التغريبة الفلسطينية في زمن التطبيع

استكمالا لمقالي السابق ( قيامة ارطغرل في زمن الكورونا) وحيث جذبتني المسلسلات التاريخية نصحتني صديقة بعد أن لمست مني هذا الاهتمام بالتاريخ بمتابعة مسلسل عرض منذ ١٥ عاما يحمل اسم ( التغريبة الفلسطينية ) وأكتب هذا المقال ولم تنته متابعتي لحلقات المسلسل الثلاثون ولكن يشاء الله تعالى ان أشاهد ماكنا نعلمه جملة ونقرأه في سطور مناهجنا بإشارة للقضية الفلسطينية الى تفاصيل معاناة الشعب الفلسطيني .. بداية القصة وولادة المقاومة ومعاناة أهل فلسطين من العدو وتكالب الأمم وخذلان الأشقاء فضلا عن شظف العيش وقسوة الحياة التي كان يعانيها أغلب الشعب الفلسطيني .
لقد أجاد طاقم العمل فأوصلوا الصورة جلية للمشاهد وجرت الدموع حزنا على حال اخوتنا بالعروبة والاسلام وماحل بهم ولعل من أقسى المشاهد التي تابعتها مشهد هجوم الصهاينة على قرية قائد الثورة ( أبوصالح ) وقتل الناس ومشهد الفزع والرعب والهروب والنزوح في مسيرة طويلة ومأساة العيش كلاجئين في الخيام وشعور الذل والألم الذي يعتصر القلوب والمصير المجهول والاحباط الذي يخيم على النفوس فيكاد يقتلها كمدا لولا بقية من إيمان وثقة بوعد الله بأن العاقبة للمتقين .

تخيل أن تتابع مشاهد كتلك تحكي واقعا عاناه أخوتنا من ظلم الصهاينة في المساء ثم تستيقظ صباحا على أخبار هرولة بعض الدول العربية نحو التطبيع مع اسرائيل !!!
أي مرارة يشعر بها المرء وأي حال وصلنا اليه وكيف غيب الضمير العربي وانقلبت المفاهيم التي كانت في زمن ليست محلا للنقاش بين أبناء الأمة على اختلاف طوائف وأطيافهم ومذاهبهم الفكرية !!
ان كانت بعض الحكومات تحركها المصالح لا المباديء فأين الشعوب ؟؟
أيعقل ان جلاد السلطة وهراوة الحكم ألجمت الناس الى هذه الدرجة فصاروا غير قادرين على الانكار ولو بكلمة بل الأدهى والأمر مانراه من تملق البعض للصهاينة بشكل سمج تعافه النفوس الكريمة الحرة .
وفي هذا المقام يحق لي أن افتخر بموقف بلدي الكويت الشامخ – حكومة وشعبا – أمام طوفان الضغوط واستفزاز الاخر الذي لايسره الا ان ينغمس الاخرون مثله في وحل السلام مع مغتصبي الأرض والقتلة فوقفت بلادي -الصغيرة حجما الكبيرة مواقفا وفعالا – مواقف ناصعة لدعم القضية الفلسطينية ورفض مايسمى بالتطبيع . وأسأل الله لقيادتنا الحكيمة وشعبنا الأبي بالسداد والثبات على هذا الموقف المشرف .
وأخيرا اسأل نفسك :
ماذا فعلت لنصرة القضية ؟؟
انها ليست أرضا عربية فحسب .. هي مسرى رسولنا الحبيب ومهد الرسالات السماوية وثالث الحرمين ..
ماذا فعلنا وماذا قدمناوهل بذلنا الوسع الحقيقي ؟!؟
هل اكتفينا بالتبرع المادي أم جاهدنا معهم بالكلمة أم نشأنا أبناءنا على معرفة الحق الفلسطيني الثابت ورفض التآمر على مقدساتنا أم شملناهم بالدعاء أم وقفنا بصوت واحد مرددين : لا وألف لا للتطبيع ..
أم كل ذلك معا .
قال صلى الله عليه وسلم :-

«ما من امرئٍ يخذل امرءًا مسلمًا في موطنٍ يُنتَقَصُ فيه من عِرضِه، ويُنتهَكُ فيه من حُرمتِه، إلا خذله اللهُ تعالى في موطنٍ يحبُّ فيه نُصرتَه، وما من أحدٍ ينصر مسلمًا في موطنٍ يُنتقَصُ فيه من عِرضِه، ويُنتهَكُ فيه من حُرمتِه، إلا نصره اللهُ في موطنٍ يحبُّ فيه نُصرتَه» (صحيح الجامع)

وفاء الأنصاري

٢٠٢٠/٩/٢٤

Exit mobile version