احتجاجات الشرق الليبي.. هل تدفع حفتر لفتح النفط؟

لا شيء بات قادراً على وقف الغضب الهادر في مدن شرق ليبيا، رغم لجوء مليشيا الجنرال الانقلابي خليفة حفتر إلى إطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين.

فالمتظاهرون ضاقوا ذرعاً، خلال الأسبوع الأخير، من استمرار انقطاع الكهرباء لفترات طويلة ونقص الخدمات، بالموازاة مع انتشار الفساد بشكل صارخ.

وانفلتت الأوضاع الأمنية بمدن الشرق بشكل غير مسبوق، ووصلت الاحتجاجات إلى حد اقتحام مقر حكومة عبدالله الثني، غير المعترف بها دولياً، في مدينة بنغازي، وإطلاق النار على محتجين اقتحموا مديرية أمن مدينة المرج، وإضرام النيران وقطع طرق رئيسة.

ورفع المحتجون هتافات وشعارات تطالب برحيل حفتر، والثني، وصالح، رئيس مجلس نواب طبرق، والناظوري، قائد أركان مليشيا الشرق.

ومنذ مساء الثلاثاء الماضي، انتقلت شرارة الاحتجاجات الغاضبة من بنغازي، مركز الشرق الليبي، وامتدت إلى مدينة البيضاء (شرق بنغازي)، المركز السابق لما يسمى بالحكومة المؤقتة، التابعة لحفتر، وبالقرب منها مدينة شحات، بالجبل الأخضر.

ووصلت المظاهرات إلى المرج، مسقط رأس الناظوري، الذي يتهمه المحتجون بالفساد والاغتناء الفاحش، فيما لا تهدأ الاحتجاجات بالنهار إلا لتشتعل مجدداً في أوقات متأخرة من المساء.

وبثت قنوات تلفزيونية محلية فيديوهات لحرق محتجين مقر حكومة الثني الموازية في بنغازي، في وقت متأخر من مساء السبت، وأضرموا النار فيه، قبل أن تتدخل مليشيا حفتر لتفريقهم.

وفي منطقة سلوق غربي بنغازي، أضرم محتجون النار على الطريق السريع احتجاجاً على الأوضاع المزرية التي وصلت إليها مدن المنطقة الشرقية، والإثراء غير المشروع لوزراء الحكومة الموازية وقادة مليشيا حفتر.

تضارب أنباء حول ضحايا المرج

لكن أعنف هذه الاحتجاجات وقعت في المرج، حيث أطلقت وحدات أمنية تابعة للمليشيا الرصاص الحي على المتظاهرين، وتضاربت الأنباء حول حصيلة هذه المواجهة الدموية.

وقالت منظمة رصد الجرائم (ليبية حقوقية): إنه سقط عدد من الجرحى (لم تحدد عددهم) بعد استعمال مديرية أمن المرج، التي يترأسها وهبي الرخ، الرصاص الحي لتفريق المتظاهرين.

قبل أن تعود في منشور آخر، وتعلن إدانتها لمقتل المتظاهر سعيد محمود البرعصي، إثر إطلاق الرصاص عليه من قبل عناصر مديرية أمن المرج.

وأدانت المنظمة الاستخدام المفرط للقوة ضد المحتجين، ودعت لفتح تحقيق عاجل ومحاسبة المسؤولين عن هذه الجريمة، وطالبت بضرورة احترام حق التظاهر والتعبير عن الرأي.

فيما تحدثت قناة “فبراير” (خاصة) عن مقتل 5 أشخاص في المرج، بعد إطلاق مليشيات حفتر النار عليهم، عندما اقتحموا مديرية أمن المدينة وأضرموا فيها النيران، إثر إصابة أحد المتظاهرين برصاص حي.

ونشرت صفحات التواصل الاجتماعي أسماء القتلى الخمسة (عز الدين الدرسي، أيمن المسماري، خالد العرفي، إبراهيم أنور الدرسي، محمد الغماري)، بالإضافة إلى حديثها عن مقتل شرطي (لم يكشف عن اسمه) خلال المواجهات ضد المحتجين.

بينما ذكر موقع “عين ليبيا” (خاص) أن اثنين من المحتجين قتلا متأثرين بجراحهما، بحسب مصادر طبية، وأصيب آخرون (لم يذكر عددهم) خلال إطلاق مليشيا الناظوري النار على المحتجين، الذين أضرموا النار في مقر مديرية أمن المرج.

عبدالحميد العبيدي، أحد سكان المرج، أفاد في تصريح لإحدى القنوات المحلية، أن مليشيات حفتر استجوبت المصابين في مستشفى المدينة بعد إطلاق النار عليهم خلال مشاركتهم في الاحتجاجات.

كما اختطفت المليشيا الناشط المؤيد لها منير زغبية، لمجرد تأييده للمظاهرات، وذكرت وسائل إعلام محلية أن مليشيا حفتر اختطفت عدة محتجين خشية استمرار الاحتجاجات وتوسعها.

هل تجبر الاحتجاجات حفتر على فتح النفط؟

وبالتوازي مع انتشار الاحتجاجات العنيفة في الشرق، أعلنت السفارة الأمريكية لدى طرابلس أن مليشيا الشرق نقلت إلى الحكومة الأمريكية الالتزام الشخصي لحفتر بالسماح بإعادة فتح قطاع الطاقة بالكامل في موعد أقصاه 12 سبتمبر الجاري.

غير أن حفتر، ورغم هذا الالتزام، لم يفتح قطاع النفط ولو جزئياً بحول الموعد المحدد (السبت).

وهذه ليست المرة الأولى التي يتراجع الجنرال الانقلابي عن قرار فتح قطاع النفط، رغم الضغوط الأمريكية والدولية، لكن الأمر هذه المرة مختلف.

فمدن شرق ليبيا، الخاضعة لسيطرته، انتفضت من سوء المعيشة وانقطاع الكهرباء لفترات طويلة، وتضاعف أسعار الوقود في السوق الموازية.

وكل هذه الأزمات مرجعها الأساسي غلق مليشيا الجنرال للحقول والموانئ النفطية منذ 17 يناير الماضي، الذي يُعد المورد شبه الوحيد للبلاد من العملة الصعبة.

وفي غياب الغاز أصبح من الصعب إنتاج الكهرباء، وبدون النفط لا يمكن إنتاج الوقود، وفي ظل انعدام مداخيل النفط والغاز بالعملة الصعبة يصعب استيراد الكثير من السلع الضرورية؛ مما يؤدي إلى ارتفاع أسعارها، خصوصاً في ظل تراجع صرف الدينار الليبي أمام الدولار.

وقد تدفع الاحتجاجات الداخلية والضغوط الدولية الجنرال العنيد إلى التراجع، وإلا فليس أمام الشعب الليبي الكثير ليخسره مع سوء المعيشة وانتشار الفساد والاستبداد.

وهذا ما يفسر مستوى العنف الذي وصلت إليه الاحتجاجات والرد الأعنف من مليشيات حفتر، التي حاولت توجيه هذا الغضب ضد التحالف الثلاثي الذي يقوده عقيلة، والناظوري، والثني، لتصفية حساباتها معهم.

Exit mobile version