اعتداءات روسيا على جيرانها واستفزازها للغرب يهدد باندلاع حرب باردة جديدة

في مقابلة حصرية مع “The Telegraph” بعد الكشف عن تسميم متعمد لزعيم المعارضة الروسية بنوفيتشوك، قال ينس ستولتنبرج، الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو)، محذراً: إن سلوك موسكو ومحاولتها تأسيس مجال نفوذ يتطلب رداً من “الناتو”.

وأضاف ستولتنبرج: لا نريد حربًا باردة جديدة، ولا نريد سباقاً جديدًا للتسلح، ولكن علينا في الوقت نفسه أن نتأكد من أننا نتكيف مع تغير العالم؛ لذلك يجب أن نرد على ما تفعله روسيا.

علم ستولتنبرج لأول مرة باحتمال تعرض أليكسي نافالني للتسمم بسلاح كيميائي في إحاطة خاصة من أنجيلا ميركل قبل أسبوع من إعلان المستشارة الألمانية النتائج للعالم.

إدوارد مالنيك

بالنسبة لزعيم أكبر تحالف عسكري في العالم، يعتبر الهجوم باستخدام السم ضد منشق روسي، بعد اغتيال ألكسندر ليتفينينكو في لندن، والهجوم على سيرجي سكريبال وابنته يوليا في سالزبوري شيئاً مثيراً جداً للقلق.

وقال ستولتنبرج لصحيفة “تليغراف”: ما يهم الآن هو أن على روسيا أن تجيب عن بعض الأسئلة الجادة للغاية.

كيف يمكن أن يحدث هذا؟ وكيف يمكننا أن نرى مرارًا وتكرارًا زعماء المعارضة في روسيا يتعرضون للهجوم وتتهدد أرواحهم ويقتل بعضهم بالفعل؟

هذه ليست المرة الأولى التي نرى فيها استخدام السم ضد المعارضين للنظام الروسي، وهذا يجعل الأمر أكثر خطورة.

وأوضح أن العدوانية الروسية، بالطبع، ليست مجرد الهجوم بالسم على نافالني (44 عامًا) كفرد، ونتمنى جميعًا (له) الشفاء العاجل، ولكنها أيضًا تتمثل أيضاً في الهجوم على الحقوق الديمقراطية الأساسية، مثل الحق في المعارضة والحق في أن تكون منتقداً صريحاً للنظام.

يجب محاسبة مهاجمي نوفيتشوك

عندما وقع الهجوم في روسيا وهي ليست دولة عضو في “الناتو”، قال ستولتنبرج، الذي خدم فترتين كرئيس وزراء نرويجي: إن محاولة تسميم نوفيتشوك يمثل انتهاكًا للقانون الدولي ويتطلب ردًا دوليًا.

والخرق الصارخ الذي حدث في سالزبوري منذ أكثر من عامين، عندما تم استهداف سكريبال، وهو ضابط سابق في المخابرات العسكرية الروسية، من قبل ضباط المخابرات العسكرية الروسية وذراع القوات الخاصة التابعة لوزارة الدفاع الروسية.

وقد أدى ذلك الهجوم بغاز الأعصاب إلى طرد عشرات الدبلوماسيين الروس من أوروبا والولايات المتحدة وفرض عقوبات جديدة على النظام.

وبالنسبة لدول “الناتو”، يثير التسمم الثاني لـنوفيتشوك في غضون سنوات قليلة التساؤل عما إذا كان يمكن أن تتبعه بلاد أخرى، وما إذا كان يمكن تكرار ذلك مرة أخرى خارج روسيا؟

ربما كان ذلك يعني جزئياً أن ستولتنبرج يصر على أنه يجب على روسيا الآن أن تقدم “كشفاً كاملاً” عما حدث لنوفيتشوك للمنظمة عن حظر استخدام هذه الأسلحة الكيميائية، وقال: إن المسؤولين عن الهجوم “يجب أن يحاسبوا”، مضيفًا أن هذا بالضبط ما ننقله بكل وضوح إلى السلطات الروسية.

لكن المتهمين باغتيال ليتفينينكو، وتنفيذ هجوم سالزبري، لم يتم تقديمهم للمحاكمة بسبب رفض روسيا تسليم مواطنيها، وبعد تعرضها لضغوط بسبب عدم مساءلة أولئك المشتبه بهم في حادثتي تسميم ليتفينينكو، وسكريبال، أقر ستولتنبرج بأن سيادة القانون لا تتمتع بنفس القوة التي نود رؤيتها في روسيا.

لكنه أصر على أن “الناتو” مبني على بعض القيم الأساسية، تشمل سيادة القانون، واحترام الحقوق الديمقراطية الأساسية؛ لذلك سنواصل دعوة روسيا للالتزام، وسنواصل توضيح رسالتنا بوجوب توفر الحق بأن يكون السياسيون المعارضون في وضع يسمح لهم بانتقاد النظام، وأنه يجب حماية هؤلاء الذين يفعلون ذلك، ويجب أن يكونوا في أمان.

وستقوم دول الناتو الآن بـ”تنسيق طريق للتقدم إلى الأمام” ردًا على العدائية، ولكن من المبكر جدًا قول أي شيء آخر.

لا نريد سباق تسلح جديداً

يركز جزء كبير من عمل “الناتو” الآن على الرد على العدوان الروسي على جيرانها وتطوير موسكو لقدرات عسكرية جديدة، بما في ذلك الصواريخ الجديدة، بعضها مصمم لتوصيل الأقمار الصناعية إلى مداراتها.

ففي خطاب حديث لإطلاق الناتو 2030 عن مخطط الحلف للعقد المقبل، تصدرت الأنشطة العسكرية الروسية قائمة ستولتنبرج “التوترات” الحالية التي يواجهها أعضاء الحلف، وقد شرعت مؤخرًا في برنامج رئيس لمواجهة التضليل الروسي.

ولدى سؤاله عما إذا كان يخشى اندلاع حرب باردة أخرى، قال ستولتنبرج: هذا وضع مختلف، لا سيما أنه خلال الحرب الباردة كان لدينا كتلتان عسكريتان تواجهان بعضهما بعضاً، وكانت أوروبا منقسمة، وكانت ألمانيا منقسمة، يمكن أن تحدث مواجهة ولكنها ليست من نفس النوع المواجهة الأيديولوجية السابقة، لكنه أضاف: في الوقت نفسه، نرى روسيا مسؤولة عن الأعمال العدوانية ضد جيرانها، وروسيا تحاول إعادة تأسيس نوع من مجال النفوذ.

رأينا ذلك في جورجيا، في مولدوفا، في أوكرانيا، وهذا يتطلب ردًا من “الناتو”، وهذا هو بالضبط سبب قيامنا الآن بتنفيذ أكبر تعزيز لدفاعنا الجماعي منذ نهاية الحرب الباردة، وبعد سنوات من خفض الإنفاق الدفاعي، يزيد جميع حلفاء “الناتو” الآن من الإنفاق الدفاعي، ونقوم بتحديث قواتنا المسلحة، لذا فإن “الناتو” يرد بطريقة دفاعية متناسبة.

لا نريد حربًا باردة جديدة، ولا نريد سباقاً جديدًا للتسلح، ولكن في الوقت نفسه  علينا أن نتأكد من أننا نتكيف مع تغير العالم، لذلك نستجيب لما تفعله روسيا.

في المملكة المتحدة، قام الحزب الوطني الأسكتلندي لنيكولا ستورجون بحملة تتعهد بالتخلص من ترايدنت، الرادع النووي للمملكة المتحدة، الذي يصر الحزب على أنه يجعل العالم “أكثر خطورة”، حذر ستولتنبرج: المملكة المتحدة حليف قوي ومهم للغاية في “الناتو”، تمتلك المملكة المتحدة ثاني أكبر ميزانية دفاعية في حلف الأطلنطي، بجانب الولايات المتحدة مباشرةً والمملكة المتحدة قوة نووية، والقدرات النووية للمملكة المتحدة مهمة كجزء من الردع النووي لـ”الناتو”.

وقد نشب خلاف الأسبوع الماضي بسبب تقارير تفيد بأن ريشي سوناك كان يسعى لتحويل مليارات الجنيهات الإسترلينية من ميزانية المساعدات الخارجية للمساعدة في تمويل الاستخبارات البريطانية وقدرات الدفاع، ويشير ستولتنبرج إلى أن الاستثمار في الدفاع يمكن أن يساعد في تحقيق التنمية الاقتصادية في البلدان التي تستفيد من إنفاق المساعدات.

أعتقد أن الإنفاق الدفاعي يمكن أن يساعد البلدان في جعلها آمنة ومأمونة، والسلام شرط مسبق للتنمية الاقتصادية.

نحن بحاجة إلى الاستقرار، ونحتاج إلى السلام، للمساعدة في التنمية الاقتصادية، وللتخفيف من حدة الفقر، إنهما وجهان لعملة واحدة، لكنهما شيئان مختلفان، إن توفير اللقاحات أو مساعدات التنمية شيء واحد، والمساعدة في توفير الأمن شيء آخر، لكن النتيجة النهائية هي ظروف معيشية أفضل لأبناء البلد.

إن المساعدة على استقرار بلدان مثل أفغانستان هي أيضًا في مصلحتنا؛ لأنها إذا كانت أكثر استقرارًا، فسنكون نحن أكثر أمانًا.

 

_______________________

المصدر: “telegraph”.

Exit mobile version