واشنطن وموسكو.. سباق نحو المعارضة السورية لتحريك الملف السياسي

شهدت الساحة السياسية السورية مؤخراً سباقاً محموماً بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا الاتحادية، للتواصل مع أطراف المعارضة السورية بهدف تحريك ملف التسوية السياسية، عبر إقناع أطراف في المعارضة بتقاسم السلطة مع نظام بشار الأسد، وهو ما ترفضه الأخيرة حتى الآن، لإدراكها أن ذلك لن يجلب الاستقرار للبلاد التي باتت مهددة بالتقسيم، بسبب الصراع مع النظام الذي اختار مواجهة شعبه عبر القوة العسكرية.

لقاء في الدوحة

مساعد وزير الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر، التقى في العاصمة القطرية الدوحة، أول أمس الثلاثاء، معاذ الخطيب رئيس “حركة سورية الأم”، وبحث معه العملية السياسية في سورية، والبدائل والخيارات المطروحة وفق القرارات الدولية، بحسب بيان رسمي صادر عن الحركة.

وأشارت الحركة، في بيانها، إلى أن الخطيب ومعه بعض أعضاء مكتبها السياسي رفضوا أي مشاريع انفصالية أو منفردة تمس وحدة سورية، وطالبوا بضرورة السماح بالأدوية والأغذية للسوريين من دون قيد أو شرط.

وعن استحقاقات المرحلة المقبلة، نوه البيان إلى أن الحركة ترى وجوب ربط الاستحقاقات الدستورية والانتخابية بموافقة السوريين على نتائج العملية السياسية والضمانات الدولية لها.

وختمت الحركة بيانها بالدعوة إلى ما وصفتها ببدائل أكثر انسجاماً مع القرارات الدولية، لا سيما القرار (2254) لتنسجم مع حاجات العملية السياسية التفاوضية الجارية، في ظل انسداد آفاق اللجنة الدستورية.

واللجنة الدستورية السورية هي جمعية تأسيسية مرخصة من الأمم المتحدة، تسعى إلى التوفيق بين نظام بشار الأسد والمعارضة السورية، من خلال تعديل الدستور الحالي أو اعتماد دستور جديد لأجل سورية، وشكلت الأمم المتحدة هذه اللجنة على أمل أن تؤدي إلى مفاوضات سلام تضع حداً للحرب الجارية، وتم تشكيلها بموافقة النظام والمعارضة.

مشاورات روسية تركية

وفي ذات السياق، استضافت العاصمة الروسية موسكو مشاورات روسية تركية، حيث التقى المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سورية ألكسندر لافرنتييف، ونائب وزير الخارجية سيرغي فيرشينين، مع وفد تركي برئاسة نائب وزير الخارجية سادات أونال.

وتضمن اللقاء، حسب بيان للخارجية الروسية، مناقشة الملف السوري والعملية السياسية، وبحث سبل الحفاظ على الاستقرار على الأرض.

وكان المبعوث الأمريكي إلى سورية، جيمس جيفري، تحدث خلال زيارته إلى تركيا، الأسبوع الماضي، عما وصفه بتطورات مثيرة فيما يتعلق بالملف السوري، دون ذكر ماهية هذه التطورات.

هذه التطورات جاءت بالتزامن مع انعقاد الجولة الثالثة لاجتماعات اللجنة الدستورية السورية في جنيف، التي بدأ في 24 أغسطس الماضي، وتم تعليقها ثلاثة أيام عقب اكتشاف إصابات بفيروس “كوفيد -19” بين أعضاء اللجنة.

ودعا المبعوث الأمريكي نظام الأسد إلى العودة لطاولة المفاوضات والتعامل مع باقي المجتمع الدولي، مشدداً على ضرورة أن تنتهي المرحلة العسكرية لهذا النزاع.

وتولي الأمم المتحدة وأمريكا اهتماماً كبيراً باللجنة الدستورية، باعتبارها الطريق الوحيد للحل السياسي، بحسب تصريحات المبعوث الأمريكي لسورية.

يشار إلى أن اجتماعات اللجنة الدستورية السورية انطلقت في جنيف، في 30 أكتوبر الماضي، إلا أنها فشلت في استكمال الجولة الثانية من المحادثات، عقب انسحاب وفد النظام من اللجنة المصغرة، بسبب خلاف على جدول الأعمال، وتمسك الوفد بما أسماه ورقة “الثوابت الوطنية”.

موسكو تستضيف معارضين

الجهود الأمريكية مع المعارضة السورية، تقابلها جهود روسية تسعى جاهدة لإرساء حل سياسي لا يتعارض مع توجهات ومصالح موسكو المنخرطة في الصراع إلى جانب نظام الأسد.

حيث زار وفد من مجلس سورية الديمقراطية المعروف اختصاراً بـ”مسد” موسكو، الإثنين الماضي، برئاسة رئيسة الهيئة التنفيذية للمجلس، إلهام أحمد، ووقع مذكرة تفاهم مع حزب الإرادة الشعبية، الذي يترأسه قدري جميل، الذي يدور في فلك السياسة الروسية، والتقى الوفد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف.

ويرى مراقبون أن روسيا تسعى لتحقيق خرق في صفوف المعارض السورية، التي ترى في موسكوا حليفاً لنظام الأسد وشريكاً له في جرائمه ضد الشعب السوري.

وكان نائب وزير الخارجية، ميخائيل بوغدانوف، التقى أواخر يونيو الماضي، بمعاذ الخطيب في العاصمة القطرية الدوحة، ورشحت معلومات عن أنه طرح عليه فكرة تولي رئاسة حكومة وحدة وطنية واسعة الصلاحيات، مع بقاء بشار الأسد في الرئاسة وحق ترشيح نفسه للرئاسة لمرة واحدة فقط.

وتطالب المعارضة السورية بتغيير حقيقي يؤدي إلى خروج الأسد من السلطة بعد أكثر من 9 سنوات من الحرب التي شنها على السوريين، وأدت إلى مقتل وهجرة ملايين السوريين، وعرضت البلاد إلى تدخل إقليمي ودولي بات يهدد وحدتها.

Exit mobile version