“مجزرة رابعة”.. 7 سنوات من غياب العدالة لـ 1100 شهيد

حلت أمس، الجمعة 14 أغسطس، الذكرى السابعة لمجزرتي “رابعة” و”النهضة”، حيث قتل ما لا يقل عن ألف معتصم (بحسب شهادة رئيس الوزراء حينئذ حازم الببلاوي)، و100 في اعتصام النهضة.

7 سنوات مرت على المجزرة التي استنفر لها العالم كله، واعترف بجرمها شيخ الأزهر؛ فذهب ليعتصم في قريته غاضباً لإهدار دماء المعتصمين، ومع تغلب لغة المصالح في العالم، تغاضى الجميع عن الجريمة ولم يعد أحد يطالب بعقاب القاتل، باستثناء المنظمات الحقوقية.

والقضاء لم يعد يعترف بقتلى المعتصمين، ويرفض التحقيق في قتلهم، وعلى العكس قام بمحاكمة من نجا من القتل بموجب اتهامات تعتبرهم “إرهابيين”، وحكم عليهم بالإعدام أو السجن طويل الأجل!

كما أقر البرلمان قانوناً، في 16 يوليو 2018، يحمي قادة الجيش من المساءلة عن هذه المجزرة ويعطيهم حصانة دبلوماسية في الخارج، ونص القانون بوضوح على عدم جواز محاسبتهم أو اتخاذ إجراء قضائي ضدهم عما دار في الفترة بين 3 يوليو 2013 و8 يونيو 2014 (منذ العزل وحتى بعد الفض) إلا بإذن من المجلس الأعلى للقوات المسلحة!

وما قيل عن مصالحة مجتمعية أو وزارة للعدالة الانتقالية، لتبريد وقع المجزرة داخلياً أو خارجياً، انتهى بإلغاء الوزارة عام 2015 وعدم الاعتراف بالمادة (214) من الدستور الذي نصت على ذلك، ليبقى الانتقام فقط من جانب السلطة لخصومها، وينتهي الأمر بإدانة المعتصمين في التقرير النهائي للجنة تقصي حقائق 30 يونيو؛ ما يعني أنه ليس لهم حقوق، والشهداء عدالتهم عند ربهم.

فقد اعتبر التقرير الحكومي الذي جاء عقب 3 يوليو وفض الاعتصام وشرعية السلطات الجديدة التي قامت على عزل كل ما له صله بالإخوان، أن “اعتصام رابعة كان مسلحاً، وأول قتيل من الشرطة”، وزعمت أن “الإخوان” نقلت جثثاً من المرج والسلام والنهضة لرابعة، وكل من قتلوا كانوا 8 من الشرطة، و860 من معتصمي رابعة والنهضة والمنصة.

بل لقد اعترفت السلطات باستحالة المصالحة مع “الإخوان”، معلقة الأمر على اتهام مستمر للإخوان بانتهاج العنف رغم أنهم باتوا ما بين قتيل ومعتقل وهارب خارج مصر.

وقال أسامة هيكل، وزير الإعلام الحالي، في مايو 2017: “نص الدستور متضمن عمل مصالحة وطنية، والمقصود بها مصالحة جماعة الإخوان، وهو أمر لا يمكن تقبله في ظل العنف الممنهج من الإخوان”.

ولا يزال مسجد رابعة العدوية نفسه الذي شهد الجريمة مغلقاً، وتسعى السلطة لطمس معالمه بأي شكل، حتى إنها قامت بتغيير اسم الميدان الشهير باسم “هشام بركات”، النائب العام الذي قتل في حادث إرهابي.

الجرائم لا تسقط بالتقادم

وبرغم ذلك، لا تزال العديد من المنظمات الحقوقية ترى أن حقوق الضحايا محفوظة تحت لافتة أن “الجرائم لا تسقط بالتقادم”، وتسعى لتتبع ومحاولة مقاضاة بعض من شاركوا في هذه الجريمة، وآخرها سعي محامين موكلين عن الناشط السياسي محمد سلطان في أمريكا لمعاقبة رئيس الوزراء حازم الببلاوي الذي أصدر أمر فض الاعتصام، رغم حماية وزارة الخارجية الأمريكية له وإعطائه نوعاً من الحصانة.

ويسعى أنصار الضحايا للتعويل على التحرك الإعلامي وإحياء الذاكرة سنوياً لترسيخ بقاء القضية حية، وتذكير العالم بأبشع جريمة، ورصد شهادات شهود عيان لا يزالون على قيد الحياة، وشهادات منظمات حقوقية دولية مثل “العفو الدولية”، و”هيومن رايتس وواتش” وغيرهما.

وكان أحدث البيانات من “هيومن رايتس ووتش”، في يونيو الماضي، قالت فيه: إن “مذبحة رابعة، التي لم تحقق فيها السلطات المصرية حتى بعد سبع سنوات، كانت أسوأ واقعة قتل جماعي للمتظاهرين في التاريخ الحديث”، وأضافت المنظمة الحقوقية الدولية أنها “دعت مراراً وتكراراً إلى فتح تحقيق دولي مستقل في مذبحة رابعة، فيما لم يخضع أي مسؤول للتحقيق أو المقاضاة وحُكم على الكثير من الناجين بالإعدام والسجن لفترات طويلة في محاكمات غير عادلة”.

سؤال كل عام: كم عدد القتلى؟

ويتكرر كل عام السؤال عن العدد الحقيقي للقتلى دون إجابة، ولا تزال الأرقام الحقيقية للقتلى والمجهولين غير معروفة، وكان أبرز ما قيل هو ما يلي:

– وزارة الصحة المصرية أعلنت رسميًّا، يوم 15 أغسطس 2013، بعد يوم واحد من الفض، سقوط 638 قتيلاً و3994 مصابًا، قالت: إن منهم 333 قتيلاً مدنياً، و7 ضباط سقطوا في رابعة، ثم توقفت عن إصدار بيانات منذ 16 أغسطس 2013.

– وفي 28 أغسطس 2013، قال رئيس الوزراء في ذلك الحين (حازم الببلاوي)، الذي أصدر أمر فض الاعتصام بالقوة، عقب الفض، في حوار مع محطة التلفزيون الأمريكية “ABC” أن قتلى رابعة كانوا ألفاً.

– جاء في تقرير “لجنة تقصي حقائق 30 يونيو” المشكّلة بقرار جمهوري، أن عدد الضحايا 607 في ميدان رابعة العدوية، من بينهم بعض المواطنين، “قتلوا برصاص مسلحي التجمع”، بحسب التقرير، و88 قتيلاً في فض ميدان النهضة.

– المجلس القومي لحقوق الإنسان (حكومي) ذكر أن عدد القتلى بفض ميدان رابعة العدوية 624، فيما بلغ عدد الضحايا في النهضة أكثر من 80 قتيلاً.

– المبادرة المصرية للحقوق الشخصية قالت في تقرير بعنوان “أسابيع القتل”: إن عدد القتلى في رابعة بلغ 932، وفي النهضة 87 حالة.

– قدر موقع “ويكي ثورة” الحقوقي عدد من قتلوا في رابعة فقط بـ1542 قتيلاً، وقال: إنه وثق 904 حالة قتل جمعت من أماكن عدة في محيط رابعة العدوية ومسجد الإيمان، كان من بينهم 259 جثة مجهولة الهوية.

– تحدثت صحيفة “الوطن” الخاصة القريبة من السلطة في اليوم الثالث للفض عن ارتفاع عدد قتلى “رابعة” إلى 743 بعد الانتهاء من تشريح 43 جثة جديدة.

– قامت سيدة تدعى دينا كشك بدفن حوالي 35 جثة لمجهولين، جثث بعضهم متفحمة، ظلت في المشرحة أياماً دون التعرف عليهم.

– قبل انتهاء الفض الكامل، أعلن “مستشفى رابعة العدوية” في آخر بيانه أنه أحصى 2200 جثة، فيما قالت جماعة الإخوان المسلمين، وتحالف دعم الشرعية، بعد فض الاعتصامين، في تصريحات لأعضائها: إن عدد من سقطوا في ميدان رابعة وحده بلغ 2600 قتيل.

– في 14 أغسطس 2015، ذكر تقرير “هيومن رايتس ووتش” أن عدد القتلى في ميدان رابعة وصل 817 حالة، وفي النهضة 87 حالة، وهناك 40 جثة كانت محترقة، وانتقد عدم احتجاز أي مسؤول حكومي أو من قوات الأمن المسؤولة عن القتل الجماعي للمتظاهرين في ميدان رابعة العدوية بالقاهرة.

– في عام 2016 طالبت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، بتعويض أسر 1185 من ضحايا رابعة والنهضة، ودعت للتحقيق في “واقعة القتل الجماعي للمتظاهرين في عام 2013”.

– في التقرير الذي أعده المجلس القومي لحقوق الإنسان (الحكومي) عام 2015، وغطى الفترة من 30 يونيو 2013 لسبتمبر 2014، ذكر التقرير أن اعتصامي رابعة والنهضة وفضهما نتج عنه انتهاكات كثيرة لحقوق الإنسان، وسجل التقرير 2600 ضحية خلال هذه الفترة، منهم 1250 من المنتمين للإخوان، و700 من الشرطة والجيش (بحسب من قتلوا في سيناء)، و550 من المدنيين.

Exit mobile version