“التعليم عن بُعد” بالعراق.. ضرورة أملتها الظروف وأعاقتها التحديات

– مشكلات تقنية وفنية حالت دون تفعيل منصة أطلقتها وزارة التربية العراقية لبث الدروس

– لجأ الطلاب إلى استخدام وسائل التواصل الاجتماعي كبديل في التواصل مع طلبتهم

– القطاع الخاص أطلق منصة لاقت إقبالاً واسعاً شملت كل مدارس العراق

– سهيل: التحدي الأهم في التجربة الجديدة تمثل في صعوبة الوصول إلى جميع الطلاب

– المكصوصي: معوقات كثيرة تعترض نظام التعليم الإلكتروني منها عدم التخطيط وغياب الرؤية والتسرع

 

كسائر طلاب العلم في العالم، واجه طلاب المدارس والجامعات في العراق مشكلات بإتمام العملية التعليمية خلال العام الدراسي الجاري بسبب جائحة كورونا “كوفيد – 19″، حيث يعتبر العراق من الدول الأكثر تضرراً من انتشار الفيروس في الشرق الأوسط، وهو ما دفع الحكومة لإيقاف العملية التعليمية منعاً للتجمعات البشرية التي تساهم في نشر المرض، حيث أبلغت وزارتي التربية والتعليم العالي المدارس والجامعات بالتواصل عن بُعد مع الطلبة.

وأطلقت وزارة التربية العراقية لهذا الغرض منصة “نيوتن التعليمية”، لبث الدروس المقررة لملايين الطلاب عبرها، ولكن يبدو أن مشكلات تقنية وفنية حالت دون تفعيل هذه الخطوة، إذ تعذر على الطلاب الوصول إليها، الأمر الذي دفع المدارس إلى استخدام وسائل التواصل الاجتماعي كبديل في التواصل مع طلبتهم، حيث بدأت المدارس والجامعات العراقية باستخدام تطبيقات مثل؛ “زوم”، و”كوكل ميت”، و”يوتيوب”، و”سكايب”، و”واتس آب”، و”تليغرام” لتنفيذ نظام “التعليم عن بُعد”.

تجربة مربكة

رغم أن وزارة التعليم العالي العراقية اعتمدت التعليم الإلكتروني كوسيلة من وسائل التواصل مع الطلبة منذ عام 2015، حيث شُكلت اللجنة العليا للتعليم الإلكتروني بمركز الوزارة، فإن الانتقال الكلي السريع إلى التعليم عن بُعد بسبب الجائحة أربك العملية التعليمية برمتها، بحسب عبدالملك سهيل، المستشار في الوزارة.

سهيل قال، في حديثه لـ”المجتمع”: إن التحدي الأهم في التجربة الجديدة تمثل في صعوبة الوصول إلى جميع الطلاب، بسبب التفاوت بين المناطق المختلفة في القدرة على استخدام التقنية، فهناك فجوة كبيرة على سبيل المثال بهذا الخصوص بين الريف والمدينة.

وأضاف: الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي في العراق شكَّل تحدياً كبيراً في إمكانية نجاح تجربة التعليم عن بُعد، حيث تصل ساعات الانقطاع في بعض المحافظات إلى 14 ساعة، مستدركاً كما أن مشكلة ضعف شبكة الإنترنت فاقمت الأمر ووقفت كحجر عثرة في إنجاح التجربة بسبب صعوبة الأمر على مرسل الرسالة ومستقبلها.

وتابع سهيل: جائحة كورونا التي أرغمت قطاع التعليم على اللجوء للتعليم عن بُعد كوسيلة بديلة لتوقف العملية التعليمية بشكل سريع، جعلنا ندخل إلى هذا الحل دون تخطيط وبغياب رؤية إستراتيجية بشأنها، فضلاً عن عدم توفر الدعم المادي اللازم بسبب الأزمة الاقتصادية التي يمر بها العراق، وهو ما تسبب بإرباك وحالة من الفوضى.

وأشار إلى أن جملة المشكلات التي اعترضت التجربة، جعلت القائمين على قطاع التعليم مترددين بخصوص استمرار التجربة أو إلغائها، ولا يزال الموضوع قيد الدراسة في محاولة للترجيح بين الخيارات والبدائل.

وكانت لجنة التربية والتعليم في البرلمان العراقي طالبت بإلغاء تجربة التعليم عن بُعد كونها “غير مجدية” بحسب النائبة إيناس المكصوصي.

المكصوصي العضو في اللجنة قالت، في بيان: هناك معوقات كثيرة تعترض نظام التعليم الإلكتروني، منها: عدم التخطيط، وغياب الرؤية، والتسرع، خصوصاً أنه جاء فجأة بدون دراسة سابقة، وبدون تجهيزات، كما لا توجد ميزانية له، فضلاً عن نقص البنية التحتية للاتصال عبر الإنترنت، ما يجعله مشروعاً غير فعال.

مشاركة القطاع الخاص

يعتبر القطاع الخاص في مجال التعليم بالعراق من القطاعات سريعة النمو، بسبب تفضيل شريحة واسعة من العراقيين توجيه أبنائهم للدراسة في المدارس والجامعات الخاصة، بسبب تهم تلاحق القطاع الحكومي بالإهمال وعدم التخطيط وغياب الرؤية.

وساهم مركز تنمية الإبداع الدولي التابع للقطاع الخاص في إطلاق “المنصة العراقية للتعليم الإلكتروني”، وقال نذير النعيمي، الخبير التربوي وعضو المركز لـ”المجتمع”: إن المنصة تحاول بجهود شخصية ومجانية دفع العملية التعليمية للاستمرار دون انقطاع، عبر إيجاد حلول وبدائل للطلاب لاستمرار إيصال المعلومات باستخدام شبكات التواصل الاجتماعي إلى جانب المنصة الرقمية.

وأضاف النعيمي: المنصة لاقت إقبالاً واسعاً، حيث تجاوز عدد المستخدمين الـ100 ألف، مشيراً إلى أن الخدمة لم تقتصر على المدارس الخاصة، التابعة لمركز تنمية الإبداع الدولي، بل شملت كل مدارس العراق لأن المناهج واحدة في القطاعين الخاص والعام.

وعن أهمية التعليم الإلكتروني تابع النعيمي قائلاً: إن هذه التجربة توفر فرصة حقيقة لنا لنضع إستراتيجية بعيدة الأمد لتوظيف الإنترنت في خدمة العملية التعليمية، حيث إن شبكة الإنترنت دخلت إلى كل منزل، كما أن الحواسيب والأجهزة اللوحية والهواتف الذكية باتت متاحة للجميع، وإيجابيات العملية كثيرة على صعيد الدول والأفراد، فهي من ناحية تقلل النفقات العامة للحكومات والشخصية للأفراد، كما أنها تساهم في التقليل من التلوث البيئي، وعلى سبيل المثال؛ فإن عدد المنتظمين في مدارس التعليم الأساسي والثانوي والجامعات العراقية يصل إلى حوالي 11 مليوناً، ولنا أن نتخيل حجم حركة النقل التي تتطلبها حركة هذه الملايين، وكم سيوفر التعليم عن بُعد من نفقات، وكم سيقلل من زحام الشوارع، إلى جانب التقليل من التلوث البيئي.

ودعا النعيمي في ختام حديثه المختصين في قطاعي التربية والتعليم في العالمين الإسلامي والعربي، إلى ضرورة تلاقح الأفكار وتظافر الجهود لدراسة تجربة التعليم الإلكتروني عن بُعد التي فرضتها جائحة كورونا، مقترحاً عقد مؤتمر دولي يضم وزراء التربية والتعليم، وأساتذة من أهم الجامعات، ومختصين في العملية التعليمية، إلى جانب خبراء تقنيين ومتخصصين في التكنلوجيا الرقمية، لبحث مستقبل التعليم عن بُعد وإمكانية توظيفه في تبادل الخبرات ونقل المعلومات بين مختلف الدول.

Exit mobile version