أظهرت صور وخرائط نشرتها مواقع بحثية وإخبارية وجود بحيرة من المياه خلف سد النهضة، بالتزامن مع تأكيد إثيوبيا أن المفاوضات الحالية لا تمنع ملء السد، وأن خططها لملء السد دون موافقة مصر والسودان مستمرة؛ ما أثار تساؤلات حول: هل بدأت إثيوبيا ملء السد دون علم مصر؟ وما قصة الصور التي تُظهر مياهاً خلف السد؟
وزاد البلبلة تأكيد مواقع إثيوبية أنه تم البدء رسمياً بملء سد النهضة، ثم إعلان رئيس وزراء إثيوبيا تمسك بلاده بالموعد الذي حددته مسبقاً من أجل ملء سد النهضة، ونفى التقارير التي تحدثت عن التزام أديس أبابا بتأجيل العملية إلى حين التوصل إلى اتفاق مع مصر والسودان، وأكد أنه لا يمكن إيقاف تعبئة سد النهضة، كما أن الارتفاع الذي وصل إليه مستوى البناء فيه يلزم بالبدء بالتعبئة.
د. عباس شراقي، أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، فسر وجود مياه خلف السد بأنه ليس بداية تحرك إثيوبي لملء السد، وأن وجود تجمع مائي حسبما تظهر الخرائط الحديثة خلف سد إثيوبيا “هو نتيجة لموسم الأمطار ويبدو كأنه بحيرة”.
وقال شراقي، في مداخلة هاتفية مع المذيع الموالي للسلطة بمصر أحمد موسى في برنامج «على مسؤوليتي» على قناة «صدى البلد»: إن الصورة قديمة، ومن سبتمبر العام الماضي، وهي ليست تخزيناً لمياه نهر النيل، وهو ما يحدث طبيعياً في موسم الفيضان.
وتابع أن الأمطار بدأت هذا الأسبوع، وستزيد المياه الفترة المقبلة خلف السد، مؤكداً أن هدف إثيوبيا هذا العام هو حجز 18 مليار متر مكعب من مياه النيل، بغرض الوصول لمنسوب يصل إلى 595 متراً في السد بما يسمح بإدارة توربينات الكهرباء، ولكن الصور تظهر عدم اكتمال البناء أو الوصول لهذا المنسوب.
وأوضح أن السد لم يكتمل، ويحتاج لثلاث سنوات حتى يكتمل بناؤه ويصل للمنسوب الذي يريده الإثيوبيين لتوليد 5250 ميجا وات كهرباء.
وعن انتشار بعض صور الأقمار الصناعية على مواقع التواصل التي توحي ببدء إثيوبيا ملء السد دون موافقة مصر، قال د. محمد السباعي، المتحدث باسم وزارة الري: هناك تعهد من إثيوبيا بعدم اتخاذ أي أجراء أحادي في أزمة سد النهضة، ولكل حادث حديث.
لا علاقة بين المفاوضات وبدء الملء
وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية الإثيوبية نبيات جيتاتشو زعم أن المفاوضات المستمرة لليوم الرابع على التوالي بين إثيوبيا ومصر والسودان دون تحقيق أي تقدم، “لا علاقة بينها وبين عملية بدء ملء بحيرة سد النهضة”.
وزعم جيتاتشو أن “عملية التعبئة جزء من سير أعمال السد، بينما المفاوضات هي للتوصل إلى اتفاق شامل لآليات التشغيل على المدى البعيد”.
وأورد “التلفزيون الإثيوبي” أن السد سيعبأ التعبئة الأولية بحسب الخطة المقررة، باحتجاز 4.9 مليار متر مكعب من المياه خلال موسم الأمطار، مشيراً إلى أن 75% من المشروع أنجز.
ورداً على هذه التصريحات الإثيوبية، قال سامح شكري، وزير الخارجية، في تصريح سابق: “إذا خالفت إثيوبيا تعهدها بعدم ملء السد، فهذا يعني فرض أمر واقع غير مقبول وغياب إرادة الحل”.
وقال شكري: إن إثيوبيا تعهدت بعدم ملء السد دون اتفاق، وهذا بمثابة تعهد واضح وصريح لا يحمل مجالاً للشك، وأي تخلف عن الالتزام الماضي سيعني فرض أمر واقع غير مقبول من الجانب الإثيوبي، وسيؤكد غياب الإرادة السياسية لحل الأزمة، وسيشير إلى أن أي مفاوضات مستقبلية هي محض “جهود عبثية”.
وأعلنت وزارة الري المصرية، الممثل الرئيس للقاهرة في مفاوضات سد “النهضة”، أن إثيوبيا تتمسك بـ”مواقف متشددة” بشأن ملء وتشغيل السد، معتبرة أن فرص التوصل إلى اتفاق “تضيق”.
وقال بيان لوزارة الري، عقب انتهاء اليوم الخامس على التوالي من محادثات يرعاها الاتحاد الأفريقي، بحضور ممثلي مصر وإثيوبيا والسودان والمراقبين (أمريكيين وأوروبيين وأفارقة)، بهدف التوصل إلى اتفاق حول ملء وتشغيل السد: إن “الخلافات بين الدول الثلاث استمرت حول إجراءات مجابهة فترات الجفاف وقواعد إعادة الملء”.
وأضافت الوزارة أن إثيوبيا “تريد الانفراد بتغيير قواعد تشغيل السد بطريقة أحادية، ثم تبلغ بها دول المصب (مصر والسودان)، وهو أمر رفضته مصر والسودان”، وحذّرت من أن “استمرار تمسك إثيوبيا بمواقفها المتشددة بشأن إجراءات مجابهة الجفاف، خلال الملء والتشغيل، يضيّق من فرص التوصل إلى اتفاق”.
وتخشى مصر من المساس بحصتها السنوية من مياه نهر النيل البالغة 55.5 مليار متر مكعب، وتطالب باتفاق حول ملفات بينها أمان السد وتحديد قواعد ملئه في أوقات الجفاف.