خبراء يحذرون من كارثة اقتصادية في غزة

حذر خبراء اقتصاديون من وقوع كارثة اقتصادية في غزة نتيجة تأخر صرف رواتب موظفي السلطة الفلسطينية بسبب الأزمة المالية التي تواجه السلطة جراء عدم استلامها أموال المقاصة من الاحتلال احتجاجاً على قرار الضم والتوسع الاستيطاني التي تريد دولة الكيان الصهيوني تنفيذه بداية الشهر المقبل.

وتواجه السلطة الوطنية الفلسطينية أزمة مالية طاحنة؛ ما جعلها غير قادرة على صرف رواتب موظفيها في الضفة الغربية وقطاع غزة، إضافة إلى تقليص في تقديم بعض من خدماتها الأساسية للمواطنين.

وقال المحلل الاقتصادي ماهر الطباع لـ”المجتمع”: إن السلطة تواجه أزمة مالية طاحنة منذ عدة سنوات نتيجة قلة المنح المقدمة من المجتمع الدولي، خاصة أن السلطة تعتمد بشكل كبير على المنح والمساعدات المقدمة دولياً. 

وأضاف الطباع: هذه المنح انخفضت؛ ما سبب عجزاً في موازنة السلطة، وأصبحت غير قادرة على سد التزاماتها المالية للموظفين وللقطاع الخاص.

وحول أموال المقاصة قال الطباع: إنها المصدر الأساسي لدخل السلطة، وإن رفضها عدم استلامها أدى إلى عدم قدرتها على دفع رواتب الموظفين؛ ما يعني تدهوراً في الأوضاع الاقتصادية والمعيشية خاصة في قطاع غزة الذي يعتمد بشكل أساسي على رواتب موظفي السلطة.

وأضاف: عدم صرف الرواتب ساهم بتراجع القدرة الشرائية ونتيجة انعدام السيولة النقدية من السوق، محذراً من انهيار الأوضاع الاقتصادية بشكل متسارع وارتفاع في نسب الفقر والبطالة.

وقال: إن الأشهر الماضية وخلال إجراءات مواجهة كورونا تعمقت الأزمة الاقتصادية بغزة، وما سيزيدها هو تأخير صرف الرواتب، مطالباً المجتمع الدولي بالتدخل بإنقاذ القطاع قبل حدوث كارثة اقتصادية ستؤثر على حياة مليوني مواطن فلسطيني بغزة.

من جهته، قال الخبير الاقتصادي محمود صبرة، في حديث مماثل لـ”المجتمع”: إن تأخير صرف رواتب موظفي السلطة خاصة بقطاع غزة سيشكل خطراً كبيراً على المجتمع الفلسطيني بصفة عامة، وعلى الشرائح المهمشة بصفة خاصة. 

وأضاف أن رواتب موظفي السلطة من أحد اهم مصادر الدخل الفلسطيني في قطاع غزة، وتأخيرها سيجعل القطاع ينهار بشكل سريع، وهو منهار أصلاً بفعل الحصار الإسرائيلي المفروض منذ عدة سنوات.

وحذر من وقوع كارثة حقيقية في القطاع حال تأخر صرف الرواتب فترة أطول، مؤكداً انعدام الحركة الشرائية وعدم قدرة المواطنين على تلبية احتياجات أسرهم، خاصة أن الأغلبية العظمى في القطاع تعتمد على رواتب موظفي السلطة.

وطالب بضرورة تعزيز صمود الشعب الفلسطيني في مواجهة كل الإجراءات الإسرائيلية الهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية.

بدوره، قال عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية طلال أبو ظريفة لـ”المجتمع”: إن قرار السلطة الفلسطينية عدم استلام أموال المقاصة هي خطوة في الاتجاه الصحيح، وندفع بها قدماً إلى الأمام، مطالباً بضرورة استثمار هذه الخطوة بخطوات أخرى.

وأضاف أبو ظريفة أن الشعب الفلسطيني لا يمكن أن يساوم على الحقوق الوطنية الفلسطينية، ولا يمكن أن يقبل بأي حلول اقتصادية أو تنمية اقتصادية على حساب الحقوق السياسية له، مؤكداً أن الشعب الفلسطيني متمسك بحق عودته وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وحق تقرير المصير، مشدداً على رفض الشعب الفلسطيني لكل المشاريع التي يحاول الاحتلال الإسرائيلي المقايضة بها، مشيراً إلى أنها مرفوضة جملة وتفصيلاً، ولا يمكن لأي فلسطيني أن يقبل بها. 

مخاطر الضم

وقال: إن مخاطر قرار الضم يتجلى في كونه جزءاً لا يتجزأ من صفقة نتياهو- ترمب التي باتت تعرف بـ”صفقة القرن”، وهذا يمعن إقراراً بشرعية المستوطنات القائمة في حدود 5 يونيو عام 1967، وهو يشكل تناقضاً مع كل قرارات الشرعية الدولية، ويقطع الطريق على إقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس.

وأضاف أن هذا عدوان على الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، مشيراً إلى أنه يمكن مواجهة الصفقة وقرار الضم بإستراتيجية جديدة تقوم على التحلل من كل الالتزامات التي نتجت عن “اتفاقية أوسلو” ووقف العمل بهذه الاتفاقيات من بينها العلاقة المالية مع الاحتلال كجزء لا يتجزأ من اتفاق باريس الاقتصادي. 

ومع وجود الأزمة المالية للسلطة، طالب أبو ظريفة الدول العربية بتشكيل شبكة أمان للسلطة الفلسطينية من أجل الانفكاك عن الاحتلال، ومن أجل الصمود في معركة مواجهة خطة الضم والسيطرة على الأراضي الفلسطينية والصمود أمام الضغوطات الإسرائيلية.

وناشد الدول المانحة الالتزام بتعهداتها وتقديم موازنة للسلطة من اجل الاستمرار والصمود في كل هذه الإجراءات وتقديم الدعم للشعب الفلسطيني خاصة للمقيمين في مناطق التماس والاستيطان بما يمكنهم بالصمود في معركة الضم والاستيلاء على الأراضي الفلسطينية.

يشار إلى أن عدد موظفي السلطة الفلسطينية الذين يتلقون رواتب منها في قطاع غزة يزيد على 60 ألف موظف يتلقون رواتب بقيمة 25 مليون دولار شهرياً.

Exit mobile version