المبادرة الكويتية لحل الأزمة الخليجية تحرك المياه الراكدة بين الأشقاء

بدخول الأزمة الخليجية عامها الرابع، أحيت دولة الكويت الأمل في نفوس الشعوب العربية والخليجية المتطلعة لوضع حد للخلاف الذي فرق بين الأشقاء، حيث أكد رئيس الوزراء الكويتي الشيخ صباح الخالد الصباح، أن صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح مهتم بالاستمرار في السعي لرأب الصدع وإيجاد الأرضية المشتركة للبناء عليها لعودة اللحمة الخليجية.

وقال رئيس الوزراء، في اجتماع مع رؤساء الصحف المحلية، الأربعاء الماضي: أؤكد اهتمام سمو الأمير بأن تكون دولة الكويت دائماً هي من تجمع الأطراف المختلفة على أسس تحقق كل الطمأنينة لأي اتفاق مقبل إن شاء الله.

وأشار إلى أن الآمال أكبر مما كانت عليه في طريق إنهاء الخلافات الخليجية، مؤكداً أن الكويت تضع المصالحة الخليجية والمحافظة على وحدة مجلس التعاون الخليجي “أولوية لها”.

حركة دبلوماسية مكوكية

وجاءت مساعي دولة الكويت إثر حركة دبلوماسية مكوكية شهدها مايو الماضي، قادها وزيرا خارجية الكويت وسلطنة عُمان، اشتملت على تسليم رسائل شفهية وخطية بين قادة الدول الخليجية، بهدف إحياء الوساطة الكويتية لحل الأزمة الخليجية. 

وتعود الأزمة بين دولة قطر، وكل من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين، إلى 5 يونيو عام 2017، حيث قطعت الدول الثلاث علاقاتها بالدوحة، إثر سوء فهم مرتبط بتصريحات صحفية نسبت لأمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وردت على موقع “وكالة الأنباء القطرية” الرسمية، أكدت الدوحة أنها غير صحيحة، وأن الوكالة تعرضت لاختراق في توقيت نشرها.

الدبلوماسية الكويتية بقيادة سمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح تحركت مع الساعات الأولى لنشوء المشكلة، إذ سارع بالقيام بجولات مكوكية عبر دول مجلس التعاون الخليجي، في محاولة لتقريب وجهات النظر.

ويملك سمو الشيخ صباح الأحمد خبرة دبلوماسية كبيرة اكتسبها خلال فترة عمله كوزير لخارجية الكويت بين عامي 1963 و2006، قبل توليه مقاليد الحكم في البلاد، ويحوي سجله العديد من الإنجازات في مجال التوسط في الخلافات وحل الأزمات بين الدول العربية، بدءاً من الحرب الأهلية في لبنان، وانتهاء باستضافة الكويت لمفاوضات السلام بين الحكومة الشرعية اليمنية وجماعة الحوثي عام 2016.

قبول للمبادرة وتفاؤل

أعربت دولة قطر عن تفاؤلها ودعمها الكامل للجهود التي يبذلها صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد لحل الأزمة الخليجية، جاء ذلك على لسان وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني.

وأشاد آل ثاني، في مقابلة مع قناة “الجزيرة” الفضائية، بوساطة الكويت ومحاولتها نزع فتيل الأزمة، مؤكداً أن بلاده تنظر بإيجابية كاملة إلى هذه الجهود الهادفة لرأب الصدع بين دول مجلس التعاون الخليجي، مشيراً إلى أن جهود الكويت تلقى دعماً من الولايات المتحدة الأمريكية.

وأضاف: نأمل أن يكون هناك فرج قريب، وأن تكون هناك جدية أكثر في التعامل مع المبادرات المطروحة حالياً من قبل دولة الكويت.

وأشار وزير الخارجية القطري إلى أن الحوار بين قطر والسعودية، نهاية العام الماضي، كان إيجابياً، لكنه توقف دون معرفة الأسباب، ونأمل أن تختلف المبادرة الجديدة عن سابقاتها ونجد جدية بالتعامل معها هذه المرة.

الباحث والمحلل السياسي المختص بالشأن الخليجي، محمد العاني، اعتبر حديث وزير الخارجية القطري المتفائل عن مبادرة الكويت الجديدة مؤشراً على تطور في سياق الأزمة، وخطوة في طريق حلحلة مواقف أطرافها المختلفة.

وأضاف الباحث في مركز بغداد للدراسات، في حديثه لـ”المجتمع”، أن دخول سلطة عُمان على خط الوساطة الكويتية هذه المرة أعطى المبادرة زخماً إقليمياً ودولياً تمثل بدعم الولايات المتحدة الأمريكية، وما أُنجز في مفاوضات فض الاشتباك الثنائي في المرحلة السابقة بين السعودية وقطر أمر يؤخذ في الاعتبار، مستشهداً بتصريح وزير الخارجية القطري الأخير عن ذلك.

وتابع العاني حديثه بالقول: إن حجم ما خسره مجلس التعاون الخليجي من هذه الأزمة هو الأكبر في تاريخه، وإن أطراف الأزمة أدركت مؤخراً أن استمرارها يعني المزيد من الخسارة على الصعيدين الإقليمي والدولي.

وأشاد الباحث المتخصص بالشأن الخليجي بدور سمو أمير الكويت في رأب الصدع بين الأشقاء، والحفاظ على وحدة مجلس التعاون الخليجي الذي شارك في تأسيسه عام 1981، وساهمت دولة الكويت في كل الإنجازات التي حققها المجلس على مختلف الصعد السياسية والثقافية، وأخيراً الاقتصادية بعد أن توصلت دول المجلس لتحقيق الوحدة الجمركية بينها عشية الأزمة.

يشار إلى أن الدوحة استقبلت، في مايو الماضي، وزيرا خارجية الكويت وسلطنة عُمان، حيث سلم وزير الخارجية الكويتي الشيخ أحمد الناصر رسالة شفوية لأمير قطر من سمو أمير الكويت.

كما تلقى أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني رسالة شفوية من سلطان عُمان هيثم بن طارق، حملها الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية بالسلطنة يوسف بن علوي بن عبدالله.

وأشار مراقبون حينها إلى أن زيارة الوزيرين الكويتي والعُماني هدفها استكمال جهود الوساطة المتواصلة لإنهاء الأزمة الخليجية.

Exit mobile version