تكامل الهجوم! (1-3)

لعلك تتساءل أيها القارئ الكريم: ماذا نعني بالعنوان أعلاه “تكامل الهجوم!”.

أعني به التكامل المحسوس كتكامل بذاته، والتكامل اللامحسوس آنياً كتكامل بذاته أيضاً، والمؤثر باللاشعور المُبرمج لصناعة المستقبل وقطف الثمرة مستقبلاً.. وبين التكاملين أيضاً؛ تكامل ما بينهما “المحسوس واللامحسوس”، هكذا نكون بيَّنا المعني بالتكامل؛ وهو تكامل في المجال السلبي على الإسلام والمسلمين، والإيجابي للمشكك المحارب للإسلام.

أما الهجوم.. من المعني به؟ هجوم من على من؟ ومن المهاجم؟ ومن المعني بالهجوم عليه؟!

المعني بالهجوم عليه سُنة الحبيب وعلومها عليه الصلاة والسلام.

لماذا السُّنة النبوية؟ وما الهدف من الهجوم عليها؟!

الهدف.. للوصول إلى أن القرآن فيه شك، ويجب تقديم العقل عليه أو تفسيره عقلاً، وإن كان هناك نص ثابت قطعي!

إنه من خلال الهجوم عليها وتسطيحها وذلك بطرح أنه لا يلجأ لها (السُّنة) إلا السطحيون وتسطيح محبيها من أجل إمكانية الطعن في القرآن العظيم، ومن ثم تسطيح الإسلام والمسلمين؛ كتاباً، وسُنة، وتاريخاً، وحضارة، وهي عملية مدروسة ومقننة، وبشكل مدروس ومتكامل من حيث الفكرة وآليات طرحها، والتركيز على المتشابه وطرحه على العوام من الناس، والتركيز على تغليظ الغبش كإدراج المكذوب على الصحيح، وطرح الأمور العلمية التي يصعب هضمها الشارع المسلم العام، التي لا يهضمها ويستوعبها إلا المتخصص أو المتابع، وأيضاً هناك تكامل في الزمن والجغرافيا!

كيف؟

أذكر موقف للفنان سعد الفرج يخاطب فيه أخيه عبدالحسين عبدالرضا يرحمه الله في مسلسل “درب الزلق” يقول له: “افتح مطعم باچه وبجانبه فندق چنك ما تدري! وأنا متأكد كل واحد يأكل وجبة الباچه راح يدش الفندق يريح وچذي نربح من المطعم والفندق وچنك ما تدري”؛ أي منهج التذاكي!

هناك مجموعة من المتذاكين! في أزمان متعددة، ومواقع جغرافية متعددة، إلا إنهم مجموعة وجوه لعملة واحدة! وسنذكر بعضاً منهم لاحقاً.

هذا منهجهم التكاملي، وكأنهم لا وصال واتصال فيما بينهم، وذلك يؤصل أن توافقهم صدفة عقلية علمية، توافقت علمياً من غير ترتيب لها أو تنظيم! وذلك يؤصل لتغلغل الفتنة وتشكيك الناس في دينهم وعلمائهم أكثر وأكثر، وفي الوقت نفسه يزيد مصداقية العوام فيهم.

بين فترة وفترة؛ يخرج لنا رجل يدعو بالحق، ويتحدث بكل علمية، وقوة منطق بالحق ونصرة الحق وأهله، ويتكلم بشكل جداً معتدل في هذا الموضوع المهم، الذي يكسب من خلاله الجماهير في بقعة جغرافية؛ ومن ثم تكون له أرضية جماهيرية ليست بالسهلة، وفجأة نجده يطعن في السُّنة ويخص صحيح البخاري بذلك وبالذات؛ وبشكل علمي كما يدعِ الدعي، ونجده يتوافق تماماً مع أحد الزنادقة من الذين ظهروا قبل خمس أو عشر سنوات، أو معاصر له في بلد آخر تبعد عنه أكثر من عشرة آلاف كيلومتر أو أكثر.

يبدأ أول ما يبدأ في تكوين الأرضية له من الجماهير، وذلك بفضح البسطاء السطحيين، والعالة على الدعوة، ويكون صادقاً على مدى سنوات ليست بالقصيرة، فيكوّن له أرضية ذات طيوف عديدة، ومن ثم يظهر حقيقته كما هي الحال مع د. عدنان إبراهيم، وموافقته المالكي، والسقاف، والتيجاني، وميزو الذي حلل الخمر.. وغيرهم، وهكذا فهم عدة وجوه لعملة واحدة كما أسلفنا، وهكذا تكون الفتنة أعمق، وتكاملها زماناً وجغرافياً مع نفس الطرح يكون أثرها أعمق وأخطر، والبيان فيها أصعب!

الغريب حقيقة وبالفعل، نجدهم جميعاً تركيزهم على الإمام البخاري، وكأن الإمام البخاري جاء بقواعده من خارج نطاق العقل، وأنه ما جاء بها إلا من خلال الجهل والسذاجة، وعدم العلم والمعرفة، وكأنما القواعد العلمية التي وضعها للقبول والرد لهذه الروايات سهلة، ويستطيع صناعتها وابتكارها السطحيون والأغبياء، وما علموا أن هذه القواعد الرصينة والعظيمة، لا يمكن أن يضعها ويصنعها أي عقل، نعم.. فلا يضعها ولا يبتكرها إلا أصحاب العقول الكبيرة، صاحبة التجارب القديرة والعديدة العريقة، وأهل الثقافات والمعلومات غير الطبيعية، مثل الإمام البخاري وأمثاله.. والغريب أيضاً أغلبهم يدعون أن الإمام البخاري بعيد عن عصر النبوة والصحابة، وإضافة إلى ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن تدوين السُّنة، فكيف وصل البخاري لهذا العدد الذي هو قريب من أربعة آلاف رواية أو أقل من ذلك مع المكرر؟!

هكذا أيها القارئ الكريم، يقتنصون الكثير من العوام حيث خلطهم ما بين التدوين عموماً، والتدوين المسند العلمي، ونهي الرسول صلى الله عليه وسلم من كتابة السُّنة، ولا شك هذا الطرح يعلمه المتابع للأمر وأهل الاختصاص، ولكن على العوام فيه الفتنة؛ وخصوصاً إذا ما طرح بفنية عالية الغبش، ودقيقة الفتنة كما يطرحه البعض ممن ذكرناهم آنفاً، لتسهيل ترويجها، لأنها مسألة فيها شيء من التخصص، وإذا تم كشفها بعد فترة تكون الفتنة أخذت مجراها وواقعها في عوام الناس وفتنتهم.

سنكمل الحديث بداية في السطور القادمة بإذن الله تعالى فيمن دون السُّنة بالسند في عصر التابعين قبل البخاري أكثر من مائة عام تقريباً.

[اجمعها مع البقية ففيها معلومة متكاملة بإذن الله تعالى]

 

_____________________________

(*) إعلامي كويتي.

Exit mobile version