“ترهونة” مدينة استراتيجية لقوات حفتر ونقطة ارتكاز رئيسة لها في هجومها على العاصمة
شهاب: مدينة ترهونة بمثابة حضن للعاصمة طرابلس بسبب قربها منها
مصر الحليف الرئيس لحفتر في هجومه على الشرعية دخلت على خط الخلاف بين عقيلة وحفتر
بالتزامن مع إعلان حكومة الوفاق الشرعية المعترف بها دولياً، تحرير مطار طرابلس الدولي بالكامل، بدأ الجيش الليبي، أمس الأربعاء، هجوماً لاستعادة مدينة ترهونة من سيطرة مليشيات اللواء المتقاعد خليفة حفتر.
ونقلت وكالة “الأناضول” عن الناطق باسم المركز الإعلامي لعملية بركان الغضب، مصطفى المجعي، قوله إن قوات الجيش بدأت هجوماً من 3 محاور على ترهونة، آخر مدينة غربي ليبيا تحت سيطرة مليشيا اللواء المتقاعد خليفة حفتر.
وفيما أكدت تركيا على تواصل دعمها لحكومة الوفاق في مساعيها لتحقيق الاستقرار في البلاد، تسعى مصر لمساعدة حفتر في مأزقه سياسياً، بوضع حد للخلاف المستحكم الذي برز للعلن مؤخراً بينه وبين حليفه السابق رئيس مجلس النواب المنعقد في طبرق عقيله صالح، تمهيداً للإذعان لدعوة المجتمع الدولي لوقف إطلاق النار والعودة لطاولة المفاوضات.
أهمية ترهونة
مدينة ترهونة 90 كيلومتراً جنوب شرق العاصمة طرابلس، هي منطلق الإمدادات بالأسلحة والذخائر والوقود لقوات حفتر، القادمة من قاعدة الجفرة الجوية إلى جبهات القتال في العاصمة، لذلك تعتبر مدينة استراتيجية لتلك القوات، ونقطة ارتكاز رئيسية لها في هجومها على العاصمة، كما أنها تمثل الخزان البشري الرئيس لمليشيا حفتر في المنطقة الغربية.
وبحسب الخبير العسكري، أسعد اسماعيل شهاب، فإن مدينة ترهونة بمثابة حضن للعاصمة طرابلس بسبب قربها منها، خاصة أن أصول أكثر من ثلث سكان طرابلس من ترهونة، وتتصل المدينة بشكل مباشر بأحياء جنوبي العاصمة، وتحديداً منطقة قصر بن غشير، التي يمر من خلالها الإمدادات لقوات حفتر، وهو ما يعني أن المدينة هي الفاصلة في المشهد الدائر في الغرب الليبي.
وأضاف في حديثه لـ”المجتمع”، أن المدينة شبه جبلية، والتحرك فيها أو عبرها يعتبر من الناحية السوقية العسكرية أمراً صعباً على القطعات المقاتلة، كما أن التشكيلة القبلية للمدينة تلعب دوراً محورياً في ولاء سكانها.
وتابع شهاب، أن عدد القبائل في ترهونة يقدر بنحو 63 قبيلة، ويحكمها جميعاً عرف التناصر بناء على ما يعرف بـ”الفزعة”، لذلك فإن نجاح الوفاق في كسب العشائر إلى طرفها سيغير موازين القوى لصالحها وسيختصر المعارك ويوفر الدماء.
وأشار إلى أن، هناك أنباء تتناقلها وسائل إعلام محلية ليبية، عن اتصالات بين غرفة عمليات بركان الغضب التابعة لقوات الوفاق، مع رجال القبائل لدخول المدينة من دون قتال، وهذا يؤكد أن المعارك مع حفتر ليست عسكرية فقط وإنما تستند على الجانبين العسكري والاجتماعي، خصوصاً بعد إسقاط مناشير تطالب أبناء المدينة بعدم القتال وترك السلاح.
استمرار الدعم التركي
يأتي تسارع وتيرة التطورات الميدانية، ورجحان كفة المعادلة العسكرية في ليبيا لصالح حكومة الوفاق، بالتزامن مع تأكيد تركيا استمرارها في دعم الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً.
وقال وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو، أمس الأربعاء، في لقاء تلفزيوني أجراه مع قناة “تي في 24” التركية، إن حفتر لن يتمكن من كسب المعركة في ليبيا.
وأضاف، تركيا حافظت على التوازن في ليبيا، وإلا كان وضع البلد سيتحول إلى حرب شوارع، مؤكداً أن بلاده ترغب في إيجاد حل سياسي يحتضن ليبيا بأسرها، وأن حفتر ما زال بعيداً عن الحل السياسي.
جاءت تصريحات أوغلو تعليقاً على بيان مجلس الأمن القومي التركي، الذي أكد فيه استمرار أنقرة في تقديم الاستشارات العسكرية لحكومة الوفاق الوطني الشرعية في ليبيا، من أجل احلال الاستقرار والسلام.
وجاء في البيان الذي صدر عن المجلس عقب اجتماعه، الثلاثاء الماضي، برئاسة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان: “سنواصل تقديم الاستشارات العسكرية للحكومة الشرعية في ليبيا من أجل إحلال السلام والاستقرار، عبر الحفاظ على وحدة الكيان السياسي لليبيا ووحدة أراضيها”.
ودعا المجلس المجتمع الدولي إلى اتخاذ موقف مبدئي ضد “الذين يغتصبون إرادة الشعب الليبي ويستهدفون الحكومة الشرعية الليبية”.
حبل نجاة مصري
هزائم حفتر العسكرية في الغرب الليبي، واحتدام صراعه السياسي في الشرق مع حليفه بالأمس رئيس مجلس نواب طبرق عقيلة صالح، جعله على شفا الانهيار الكلي، وهو ما دفع داعميه المحليين والدوليين للتحرك السريع لإنقاذه.
مصر الحليف الرئيس لحفتر في هجومه على الشرعية، دخلت على خط الخلاف بين عقيلة وحفتر، حيث وصل الأخير إلى القاهرة، أمس الأربعاء، بناء على دعوة من الرئاسة المصرية، فيما كان رئيس مجلس النواب المنعقد بطبرق قد وصل إلى مصر، السبت الماضي، حيث التقى عدداً من المسؤولين على رأسهم اللواء عباس كامل مدير جهاز المخابرات العامة.
وتسعى القاهرة لمد حبل النجاة السياسي لحفتر، من خلال الترتيب لرأب الصدع بين الرجلين، في أعقاب اتهام صالح لحفتر بتنفيذ انقلاب صامت، بعد إعلانه إسقاط اتفاق الصخيرات، وتولي زمام الأمور بالبلاد، معتبراً ذلك تهميشاً لدروه.
ويرى مراقبون أن تحرك القيادة المصرية لتوحيد جبهة الشرق، تأتي لتمهيد طريق العودة لطاولة المفاوضات ووقف إطلاق النار، في محاولة لوقف هزائم حفتر ووضع حد لتقدم قوات حكومة الوفاق.
وبالتزامن مع التحرك المصري، نشطت الدبلوماسية الروسية في ذات المسار، حيث وصل نائب رئيس حكومة الوفاق، أحمد معتيق، إلى موسكو لإجراء محادثات رسمية مع الحكومة الروسية بشأن تطور الأوضاع، بحسب قناة “فبراير” الليبية، التي أشارت إلى أن وزير الخارجية الليبي، محمد سيالة، كان برفقة معتيق في زيارته الخاصة.
تأتي هذه التطورات غداة إعلان بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، قبول حكومة الوفاق ومليشيات حفتر، باستئناف مباحثات وقف إطلاق النار والترتيبات الأمنية المرتبطة بها.