الشائعات تسمم العقول وتقتل القلوب.. فاهجروها!!!

مصادر الأخبار وقنواتها أصبحت أكبر مما تستوعبه خزائن العقول وسراديبها

دقائق تبذلها في البحث والتحرّي خيرٌ من شهور وسنوات تتمناها لتجاوز وعلاج ما قد تصنعه معلومة أو خبر تناقلته دون وعي به

الشائعات اليوم قد طوّرت أساليبها تعددت أشكالها وتبقى غايتها لم تتغير

 

 في الألفية الثالثة تصدرّت مواقع التواصل الاجتماعي اهتمام البشر، وأصبحت أجهزتنا المحمولة أقرب لنا من أنفسنا، مما سرّع من وتيرة انتشار الأخبار بشكل يفوق سرعة الضوء، ولا وجود لنظام عقلي قادر على استيعاب هذا الكمّ الهائل من البيانات والمعلومات والأخبار، حيث مع شدّتها قد يتعطّل الجزء العقلي لدى الإنسان. فلا يمكنه التمييز بين الخبر الصحيح والخاطئ، حيث لا وقت للتمحيص والتحليل. ومصادر الأخبار وقنواتها أصبحت أكبر مما تستوعبه خزائن العقول وسراديبها، وما بين شهيقنا وزفيرنا تنطلق عشرات، بل مئات الأخبار!! وأصبحت عقولنا تائهة فيما تمتلك ولا تمتلك من معلومات، بين ما نصدّق ولا نصدّق. حيث إنّ (فلاتر) التمييز قد تعطّلت بسبب تدفّق المعلومات والأخبار بشكل سريع حتى سدود المعرفة قد تسقط أمام تياراتها المتدفقة إن لم يكن بناؤها قوياً رصيناً. لذا فتجنبّوا الحديث فيما لا تعلمون!! فجميعنا مسؤولون عما تنطق به ألسنتنا أو ترسله أجهزتنا المحمولة!!

وفي زحام حياتنا تندّس بين تلك الأخبار والمعلومات، بعضٌ من سموم الكلام، ما يسمى بـ(الشائعات) ونصبح نحن (دون وعي) موظفين لشركات ترويج تلك الشائعات دون أن نتنبّه لتلك المعلومات، ونتحرى الصدق فيها بالعودة إلى مصادرها الأصلية. فدقائق تبذلها في البحث والتحرّي عن المعلومة الصحيحة خيرٌ من شهور وسنوات تتمناها لتجاوز وعلاج ما قد تصنعه معلومة أو خبر تناقلته دون وعي به. فنحن مسؤولون كناقل الإشاعة عما يدور ويحدث حولنا ولا ننسى أنّ كلّ كلمة نشارك في نشرها سنُسأل عنها في الأرض والسماء أمام الله أولاً، والبشر من بعد ذلك. لذا كونوا حريصين واقرأوا بعقولكم ولا تنطقوا بأصابعكم فيما أنتم غير متاكدين منه، فالكلمة كما الرصاصة إن خرجت لن تعود. وتذكّروا بأنّ (جوارحكم وألسنتكم) ستشهد عليكم يوم الحساب فلا تكونوا شركاء في الهدم بل ساهموا في إعادة البناء!!

قديماً كان (اللسان) بمثابة وسيلة للنشر ومع التطوّر في عالم الاتصال والتواصل أصبحت أصابع يديك هي الخيل الذي تمتطيه لنشر المعلومة. فالحذر ثم الحذر فيما تتكلم به أصابعك، إن الإشاعة تكبر وتتّضخم وتنتشر ما دامت وجدت آذاناً تصغي إليها وألسنة ترددها وشفاهاً تنقلها ونفوساً مريضة حاقدة تتقبلها وتصدقها، فالحذر كلّ الحذر من كلمة تخرج من بين يديك عبر أثير (المواقع الإلكترونية) فتنشر السمَّ، وتفرّق وتهدم.

الشائعات اليوم قد طوّرت أساليبها ولكن هدفها الخبيث لا زال واحداً، تعددت أشكالها وتبقى غايتها لم تتغير، أبحرت الشائعات في بحر تكنولوجيا التواصل فازدادت شدّتها وتياراتها، ولكن لا خوف على من تسلّح بالإيمان والمعرفة، ففي البحر الهائج وعندما تتوه المراكب فهنالك دوماً منارة واحدة نسترشد بها للوصول إلى برّ الأمان، حيث قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)   صدق الله العظيم.

لكن ما هو المطلوب!! فقط اقرأوا بعقولكم ولا ترددوا فيما أنتم غير متأكدين منه، فلا تكونوا من أهل الـ(قص ولصق) دون وعي، واحرصوا على نقل الكلمة الطيبة، فتلك الآلة الإلكترونية صنعت لخدمة البشر لا لتسميم عقولهم. واجعلوا تلك الرسائل التي يشوبها قليل من الشك تتوقف عندكم ولا تشاركوا بها أحداً، فقد يكون ذلك الآخر لا يمتلك مفاتيح العقل الصحيحة كما امتلكت!!

 

 

abdelfttahnaji@yahoo.com

Exit mobile version