عمليات الإغلاق تؤدي إلى انخفاض هائل في انبعاثات الكربون العالمية

أظهرت أبحاث حديثة أن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون قد انخفضت بشكل هائل منذ أن فرضت عمليات الإغلاق حول العالم بسبب أزمة فيروس كورونا.

فقد انخفضت الانبعاثات اليومية للغازات الدفيئة بنسبة 17% بحلول أوائل أبريل مقارنة، بمستويات عام 2019، وفقًا لأول دراسة نهائية لإنتاج الكربون العالمي هذا العام.

وأظهرت النتائج أن العالم قد شهد أكبر انخفاض حاد في إنتاج الكربون منذ بدء التسجيلات، مع توقف قطاعات كبيرة من الاقتصاد العالمي توقفاً شبه تام، وعندما كان الإغلاق في أقصى حالاته، انخفضت الانبعاثات في بعض البلدان بنسبة تزيد قليلاً على الربع (26%)، ففي المملكة المتحدة وصل الانخفاض لحوالي 31%، بينما انخفضت الانبعاثات في أستراليا بنسبة 28.3% خلال أبريل.

وقد قالت كورين لو كويري، أستاذة تغير المناخ في جامعة إيست أنجيلا والمؤلفة الرئيسة للدراسة المنشورة في مجلة “Nature Climate Change”: هذا انخفاض كبير حقًا، ولكن في الوقت نفسه؛ ما زالت هناك 83% من الانبعاثات العالمية، الأمر الذي يظهر مدى صعوبة تقليل الانبعاثات من خلال تغيرات في السلوك، وهذا غير مرغوب فيه، فليست هذه هي طريقة التعامل مع تغير المناخ.

من المرجح أن يكون هذا الانخفاض غير المسبوق مؤقتًا، فمع عودة البلدان ببطء إلى نشاطها الطبيعي، من المرجح أن يعود الانخفاض السنوي على مدار العام لحوالي 7% فقط، إذا بقيت بعض القيود لوقف الفيروس مستمرة، ومع ذلك؛ فإذا تم رفعها في منتصف يونيو، من المحتمل أن يظل الانخفاض السنوي 4% فقط.

سيظل ذلك يمثل أكبر انخفاض سنوي للانبعاثات منذ الحرب العالمية الثانية، وهذا فرق صارخ مقارنة بالاتجاهات الأخيرة، حيث كانت الانبعاثات ترتفع بنحو 1% سنويًا، وقالت لو كيري: إن ذلك سيحدث “تأثيراً ضئيلاً على أهداف اتفاق باريس”.

يجب أن تنخفض الانبعاثات إلى الصفر بحلول منتصف القرن أو بعد ذلك بقليل للوفاء بأهداف اتفاقية باريس ومنع الاحترار العالمي من الوصول إلى مستويات كارثية، وفقًا للجنة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، وقالت أيضاً: إن انخفاض الكربون الناتج عن أزمة “كوفيد-19” يكشف إلى أي مدى يجب على العالم أن يذهب.

لقد أظهرت تجربة الأزمة حتى الآن أن التغييرات في سلوك الأفراد -مثل عدم الطيران والعمل من المنزل والقيادة الأقل- لا يمكن أن تسير بنا إلا جزءاً يسيراً من الطريق اللازم لخفض الانبعاثات، حيث إن إجراءات الإغلاق تركت الجزء الأكبر من الانبعاثات يعمل، مضيفة أن هناك حاجة إلى تحولات أكبر في الطريقة التي ينتج بها الناس الطاقة ويستخدمونها.

وأضافت: مجرد التغيير السلوكي ليس كافياً، نحن بحاجة إلى تغييرات هيكلية (في الاقتصاد والصناعة)، ولكن إذا انتهزنا هذه الفرصة لإجراء تغييرات هيكلية سيكون ذلك أفضل، فقد رأينا الآن ما يمكن تحقيقه.

فقد أظهرت الانبعاثات من الطيران انخفاضًا كبيرًا، بنسبة 60% تقريبًا، بسبب تعطل الرحلات الجوية الدولية بين العديد من الدول، وانخفضت الانبعاثات من النقل السطحي بشكل أقل حدة بنحو 36%، ولكن توليد الطاقة والصناعة يشكل حوالي 86% من إجمالي الانبعاثات.

ولكن على الرغم من هذا الانخفاض غير المسبوق، من المرجح أن تكون التأثيرات على المناخ قليلة، وسترتفع مخزونات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، التي وصلت إلى 414.8 جزء لكل مليون العام الماضي، أكثر نحو عتبة الخطر البالغة 450 جزءاً في المليون هذا العام، على الرغم من أنها ربما تتم بوتيرة أبطأ قليلاً هذا العام.

فقد قال ريتشارد بيتس، رئيس قسم أبحاث التأثيرات المناخية في “Met Office Hadley Centre”، وهو ليس مشاركاً في البحث: يبقى ثاني أكسيد الكربون في الهواء لفترة طويلة، وعلى الرغم من أن الانبعاثات أقل، فإنها لا تزال تحدث، وبالتالي فإن ثاني أكسيد الكربون لا يزال يتراكم ببطء أكثر، وإذا أردنا وقف تراكم ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، فنحن بحاجة إلى التوقف عن وضعه تمامًا، يبدو الأمر وكأننا نملأ حمامًا، وقمنا بإغلاق الصنبور قليلاً، ولكن لم نقم بإيقاف تشغيله”.

وأشار مارك ماسلين، أستاذ علم المناخ في جامعة يونيفيرسيتي كوليدج لندن، وهو أيضاً لم يشارك في البحث، إلى أن عمليات الإغلاق تسببت في انخفاض حاد في الطلب على الطاقة، ولكن لم يتم تغيير طرق إنتاج الطاقة بسبب الأزمة.

وقال: إن الدرس الحقيقي لهذا الوباء هو أنه يجب علينا أن نحول إنتاج الطاقة لدينا على مستوى العالم بعيدًا عن الوقود الأحفوري بأسرع ما يمكن إذا أردنا ضمان انخفاضات مستمرة على أساس سنوي لانبعاثاتنا العالمية، الخبر السار هو أن كلاهما سيساعد في الحفاظ على الهواء النقي والسماء الصافية التي اكتشفناها جميعًا أثناء الإغلاق، مما سينقذ العديد من الأرواح.

ملحوظات

أجرى التحليل الشامل علماء من جامعة إيست أنجليا، وجامعة ستانفورد في الولايات المتحدة، ومركز سيسيرو في النرويج، وكذلك علماء في هولندا وأستراليا وفرنسا وألمانيا.

استخدم الباحثون قياسات النشاط الاقتصادي، وتوليد الطاقة، والإنتاج الصناعي، والنقل، ووكلاء آخرين لتقدير إنتاج ثاني أكسيد الكربون، وركزوا تحليلهم على ستة مجالات: توليد الطاقة والنقل السطحي والصناعة والمباني العامة والتجارة والمصادر السكنية والطيران، تم أخذ التقديرات من 69 دولة و50 ولاية أمريكية و30 مقاطعة صينية، تمثل 97% من انبعاثات الكربون العالمية.

على الرغم من أن التركيزات المتزايدة من الكربون في الغلاف الجوي يتم قياسها بانتظام، فإنها تخضع لتقلبات طبيعية كبيرة لذا فمن غير المناسب أن يكون التحليل مجرد لقطة لما يحدث من انبعاث للكربون العالمي خلال فترة قصيرة نسبيًا.

 

____________________________

المصدر: “theguardian“.

Exit mobile version