الكاظمي يبدأ عهده بملاحقة المتظاهرين المطالبين بالإصلاح في العراق

منذ نجاح مدير المخابرات العراقية مصطفى الكاظمي في تشكيل الحكومة الجديدة، وهو يقدم نفسه في الخطابات العلنية على أنه نصير للمتظاهرين العراقيين المطالبين بالإصلاح، الذين لم تخلُ منهم ساحات الاحتجاج والتظاهر والاعتصام، منذ أكتوبر من العام الماضي.

وقد أعلن رئيس الوزراء العراقي الجديد عن عزمه إطلاق سراح كافة المعتقلين، الذين ألقت السلطات الأمنية القبض عليهم إبان حكم سلفه عادل عبدالمهدي، إلا أن الشارع العراقي الساخط من أداء الطبقة السياسية التي تحكم العراق منذ احتلال العراق عام 2003، عاد إلى الشارع من جديد بذات الفعاليات الاحتجاجية في وسط وجنوب العراق، وهو ما اعتبره مراقبون اختباراً لمصداقية الكاظمي ووعوده بتحقيق مطالب المحتجين.

إصابات واعتقالات جديدة

وقد علمت “المجتمع” من مصدر في تنسيقيات جنوب العراق، أن مظاهرات حاشدة اندلعت، أول أمس الإثنين، في محافظة القادسية (180 كم جنوب العاصمة بغداد)، حيث اعتصم المئات من الشباب بالقرب من طريق رئيس يؤدي إلى حقل نفطي رئيس غربي المحافظة.

وقال سامي الساعدي، عضو تنسيقيات محافظة القادسية: إن مجموعة ثانية من المتظاهرين احتشدت أمام مبنى محافظة القادسية، وفي الشارع العام لمركز مدينة الديوانية.

وأضاف أن قوات الأمن عمدت إلى مواجهة المتظاهرين، بحجة منعهم من اقتحام مبنى المحافظة، رغم ترديد المحتجين عبارة “سلمية.. سلمية”، مشيراً إلى أنه تم إطلاق الرصاص الحي في الهواء.

واستدرك الساعدي حديثه بالقول: إن قوة من الشرطة اقتحمت منازل 4 ناشطين في التظاهرات من مدينة الديوانية واعتقلتهم، بسبب دعواتهم المتكررة لاستمرار الاحتجاج بالمحافظة.

وتابع: كما شهدت مدينة الكوت مركز محافظة واسط احتجاجات مماثلة، حيث أقامت التنسيقيات اعتصامات وتجمعات للإفطار الجماعي، وقد اقتحمت قوات الأمن هذه التجمعات وفرقتها بالقوة، وأصيب متظاهر واحد على الأقل نتيجة ذلك، كما تم اعتقال عدد من المتظاهرين.

وأكد عضو تنسيقيات القادسية أن التصعيد من قبل قوات الأمن ينذر بعودة حشود أكبر إلى الساحات، الثلاثاء، للتظاهر والاعتصام، وقد باشرنا بحملة دعوات عبر وسائل التواصل الاجتماعي للاحتشاد، ونتوقع أن يكون التجاوب كبيراً.

وبحسب الساعدي، فإن محافظة البصرة النفطية، أقصى جنوب العراق، شهدت هي الأخرى مظاهر احتجاجية، حيث تظاهرة العشرات من موظفي شركة غاز الجنوب، احتجاجاً على وقف صرف مرتباتهم.

أوامر بإحصاء المتضررين

في المقابل، أعلن مكتب رئيس الوزراء الكاظمي أنه أصدر أوامر ببدء عملية حصر أعداد ضحايا الاحتجاجات، التي اندلعت مطلع أكتوبر 2019.

وقال في بيان: إن رئيس الوزراء أوعز بتشكيل لجنة تتولى وضع قائمة دقيقة بأسماء الشهداء والجرحى والمصابين بإعاقات، من الذين سقطوا في الاحتجاجات الشعبية، سواء من المحتجين أو قوات الأمن.

وأشار البيان إلى أن القائمة المخطط لها ستغطي الفترة الممتدة منذ الأول من أكتوبر 2019 إلى 18 مايو الجاري، وأن القائمة ستنشر في وسائل الإعلام وتعتمد أساساً لتكريم الشهداء وإعادة الاعتبار لهم وتعويض عوائل الضحايا.

واعتبر البيان أن هذه القائمة ستعد عند إنجازها، أول جهد رسمي عراقي لتوثيق ضحايا الاحتجاجات.

الإعلان عن هذا الإجراء جاء بعد يومين من قرار مماثل للحكومة حول إطلاق سراح جميع المتظاهرين، الذين تم اعتقالهم بأوامر من قبل حكومة رئيس الوزراء السابق عادل عبدالمهدي.

عضو مجلس محافظة ذي قار السابق نزار الموسوي اعتبر أن إعلانات حكومة الكاظمي السريعة والمتلاحقة، عن إطلاق سراح المعتقلين، وتكريم من قتل في الاحتجاجات أو أصيب بإعاقات، تأتي لتسكين الشارع العراقي الذي تمكن من إسقاط سلفي الكاظمي، وزير الاتصالات الأسبق محمد علاوي، والنائب عدنان الزرفي اللذين كلفا بتشكيل الحكومة ولم يوفقا بذلك، بسبب رفض الشارع لهما الذي انعكس في ساحات التظاهر.

وأضاف الموسوي، في حديثه لـ”المجتمع”، أن خلفية الكاظمي المخابراتية جعلته أكثر حنكة وقدرة على التعاطي مع الشارع الغاضب، إذ لديه فريق عمل يعمل عبر وسائل التواصل الاجتماعي على تسويقه كإصلاحي ومؤيد للتظاهرات، وفيما يصدر أوامر بإطلاق سراح معتقلين، وتعويض متضرري الاحتجاجات، فإن قوات الأمن تتعامل بذات المنهجية مع الاحتجاجات، والدليل ما حصل أمس وأول أمس من تعامل عنيف مع محتجي القادسية وواسط.

ونوه إلى أن تسكين الشارع العراقي يحتاج إلى خطوات حقيقية على الأرض، وليس إلى حركة إعلامية سرعان ما سيدرك الشارع حقيقتها ويعود للاحتجاج، فالجيل الشبابي الجديد أكثر وعياً من تصورات السياسيين العراقيين، الذين يتعاملون معه بأدوات ووسائل قديمة.

جدير بالذكر أن ملف قمع المظاهرات هو الأكثر حساسية في العراق بسبب سقوط عدد كبير من القتلى والمصابين خلال مواجهة قوات الأمن للاحتجاجات، في ظل تسريبات تتناقلها وسائل التواصل الاجتماعي، تتحدث عن تورط ضباط وقادة في الأجهزة الأمنية، وقيادات في الفصائل الشيعية المسلحة، في قمع التظاهرات وقتل المحتجين.

وكان رئيس الوزراء العراقي السابق عادل عبدالمهدي أعلن في 12 أكتوبر الماضي، عن تشكيل لجنة تحقيق عليا بجرائم قمع التظاهرات، إلا أن أي نتائج لم تظهر، كما أن عمل اللجان توقف، من دون أن تكشف نتائج تحقيقاتها، وكانت السلطات القضائية في محافظة ذي قار، أصدرت أمراً باعتقال قائد الجيش في المحافظة الفريق جميل الشمري، بعد ثبوت إصداره أوامر إطلاق النار على المتظاهرين، لكن القرار لم ينفذ، وما يزال الشمري يمارس عمله في مقر وزارة الدفاع العراقية.

Exit mobile version