المغرب.. قصص إنسانية مؤثرة في زمن كورونا

تابع الجميع على المباشر كيف بكى رئيس الحكومة المغربية متأثراً بما يسببه فيروس كورونا من ضحايا في بلاده مثله مثل بلاد المعمورة.

تأثر سعد الدين العثماني في جلسة برلمانية منقولة على “التلفزيون المغربي” كان وصفه وفاة كل مواطن بسبب الجائحة بـ”الجنازة” للمغاربة جميعاً، وكل إعلان عن حالة معافاة بـ”العيد”، مؤكداً أن تضامن الجميع كفيل بالخروج من هذه الغمة التي أصابت العالم بأكمله.

واعتبر مراقبون أن سلوك العثماني بإظهاره مشاعره بدون بروتوكول هو انعكاس لأحاسيس إنسانية يعيشها المغاربة كل يوم، حتى باتت الندوة الصحفية لوزارة الصحة، على الساعة الرابعة عصراً من كل يوم، موعداً قاراً يتابعه الجميع بترقب لمعرفة آخر المستجدات تتعلق قلوبهم بكل جديد يترحمون على الموتى ويفرحون بكل معافى، فيما يتبادلون فيما بينهم حكايات القصص الإنسانية التي لم يكن أحد يتوقع حدوثها قبل الجائحة.

لا أستطيع اللعب مع ابنتي

وفي هذه الظروف الحرجة، يقف الأطباء والممرضون وباقي كوادر الصحة في الصف الأول من المواجهة.

ويقول الطبيب بالمستشفى الجامعي بمدينة مراكش د. عماد سوسو لـ”المجتمع”: إنه يعيش تجربة إنسانية لا يمكن نسيانها، ستغيره جذرياً ما بقي من حياته، وتعيد النظر في ترتيب أولوياته.

ويبرز الكادر الطبي العامل بمصلحة المساعدة الطبية المستعجلة وبمركز العناية المركزة أنه منذ البداية في مواجهة مباشرة مع الوباء، مشيراً إلى أنه كان يعود إلى المنزل دون أن يستطيع رؤية عائلته أو يسلم على زوجته أو ابنته ذات العام وثمانية أشهر من عمرها، حيث كان متقيداً بالعزل الصحي، مما أثر كبيراً على نفسيته وأيضاً على نفسية ابنته التي لم تفهم سلوكه، قبل أن يصبح التواصل معهما عبر “واتساب”.

ويصف سوسو، الذي انتقل فيما بعد إلى العزل داخل فندق، مواجهة الفيروس بالحرب ضد قوة عظمى خفية، وأن الهاجس من الإصابة بالفيروس غير سلوكه في مجال التعقيم وأخذ الاحتياطات اللازمة لتفادي العدوى، بل إنه حرص على سلوك يومي يبعد التوتر ويقوي المناعة، من خلال الرياضة والتواصل مع العائلة عبر الهاتف، والكف ما أمكن على زيارة مواقع التواصل.

رواد فضاء

يشير المتحدث ذاته أنه يجب تصور الحالة النفسية للمرضى الذين يرون الأطباء بلباسهم “الفضائي” وتعاملهم المحتاط الزائد عن اللزوم، مبيناً كيف أن مريضة كانت ترقد في المستشفى إلى جانب رضيعتها تحركها مشاعر الأمومة وتريد أن يتم العناية أكثر بوليدتها أكثر من نفسها.

ويقول الطبيب: إنه تأثر كثيراً ويشعر بالفرح والسعادة والفخر بالتضامن الذي أبداه المغاربة بينهم، ومشاعر التضامن تجاه الأطر الطبية، ومد المساعدة كل حسب استطاعته.

وفي مستشفى “فاس”، يقول الممرض زهير عبي لـ”المجتمع”: إن ظروف التباعد الاجتماعي والحالة النفسية التي يعيشها جراء ذلك، لم تنل من عزيمته في مواجهة الوباء.

ويشير العامل بمصلحة “كوفيد 19” بالمستشفى المذكور إلى أن أول ما يوجهه العامل اللباس الواقي الذي يسميه “الفرن المتنقل” لارتفاع درجة حرارته.

ويبرز أن أكثر شيء تأثر به هي المشاعر الإنسانية التي يبديها المرضى، والتناقض الصارخ بين الخوف والرجاء.

جنود

وإضافة إلى الكوادر الصحية، تعيش حالة استنفار قصوى منهم رجال الأمن وأعوان السلطة الحريصون على تأمين تطبيق إجراءات الحجر الصحي، وباقي العاملين في قطاع التعليم والنظافة وقطاعات حيوية أخرى.

وتتبع المغاربة جميعاً قضية الطفل الذي أصيب بفيروس كورونا المستجد بمدينة مكناس، وحظي بتضامن كبير من الجميع، وبرعاية طبية بطابع إنساني، وهو الذي بات وحيداً بعد وفاة أمه ثم جدته بسبب الوباء ذاته.

وانتشر مقطع للطفل لحظة دخوله وأسبوعين بعد ذلك لحظة خروجه من المستشفى، مبدين تعاطفاً كبيراً مع الولد الميتم مرتين.

مؤونة

في حالة الحجر الصحي، وبسبب إغلاق الأسواق الأسبوعية في البوادي التي كانت مصدراً رئيساً لمواردهم المالية البسيطة، وأيضاً في غياب حركة التنقل بين الدواوير والمدن المجاورة، يقوم متطوعون بنقل المؤونة التي يتبرع بها محسنون.

يقول الشاب خالد، عضو جمعية مدنية: إنه في 10 أيام فقط، تبرع محسنون لفائدة الآلاف من الأسر في العشرات من الدواوير البعيدة.

وتأثر الفنانون والأدباء المغاربة أيضاً بهذه الجائحة، وكتبوا نصوصاً عن عزلتهم وعدم قدرتهم عن لقاء معارفهم، بل إن الشاعر المغربي عبدالمجيد أذهابي كتب قصيدة جميلة حول والدته التي لم يعد قادراً على زيارتها في إطار التباعد الاجتماعي خوفاً عليها من العدوى لكبر سنها، ويقول في مقطع مؤثر: “ونهاب الهدايا.. هكذا رب وباء منها عبر”، وفي مقطع آخر “هذا الوباء اللعين.. للأرحام قد كسر”. 

تضامن في المهجر

ومن الأمثلة الجميلة في سياق التضامن بين الشعوب من هويات مختلفة، ما يقوم به عدد من المهاجرين المغاربة في المهجر.

وتعتكف المغربية فاطمة باحسي على خياطة الكمامات في منزلها، قبل أن يتم استدعاؤها إلى مركز صحي محلي للغرض ذاته لتخوض تجربة إنسانية رائعة إلى جانب مواطنين من أصول مختلفة. 

ويقول زوجها الإعلامي محمد بحسي: إنه فخور بما تقوم به فاطمة، مبرزاً في صفحته أنه تم توزيع المئات من الكمامات على عمال النظافة، والأصدقاء، وأيضاً المواطنين بدون مأوى.

Exit mobile version