حكومة الكاظمي تستعد لمواجهة “داعش” والصراعات السياسية تعيق إكمال حقائبها الوزارية

كشف مصدر في وزارة الدفاع العراقية، الخميس الماضي، أن رئيس الوزراء الجديد مصطفى الكاظمي وجه القيادات العسكرية في القوات المسلحة العراقية، والأجهزة الأمنية التابعة لها، بالاستعداد لإجراء عملية عسكرية واسعة ضد “تنظيم الدولة” (داعش)، في شمال وشرق وغربي البلاد.

وأشار المصدر، في حديثه لـ”المجتمع”، مفضلاً عدم ذكر اسمه لأنه غير مخول بالتصريح، إلى أن التوجيهات صدرت خلال زيارة الكاظمي، الأربعاء الماضي، إلى مقر وزارة الدفاع العراقية، التقى خلالها بالقيادات العليا في القوات الجوية والبرية والاستخبارات العسكرية، بحضور وزير الدفاع الفريق الركن جمعة عناد الجبوري.

20 قتيلاً بهجمات لـ”داعش”

تأتي هذه التطورات بعد تصاعد هجمات “داعش” في أنحاء مختلفة من العراق مؤخراً، كان آخرها، الثلاثاء الماضي، في قضاء الفلوجة التابع لمحافظة الأنبار (غرب)، ومحافظة ديالى (شرق)، ومحافظة صلاح الدين (شمال)، أسفرت عن مقتل 20 شخصاً بين عسكري ومدني، بينهم 7 من أسرة واحدة يعمل اثنان من أبنائها في جهاز مكافحة الإرهاب، حيث أطلق المهاجمون النار على العائلة بعد أن هاجموا منزلهم خلال وقت الإفطار.

وكشف المصدر المطلع أن الأجهزة الأمنية أجرت تحقيقات عاجلة في هجمات “داعش” الأخيرة، وحصلت على معلومات هامة، وأجرت على ضوئها عمليات تفتيش واسعة النطاق، خلال الساعات الـ48 الماضية، أسفرت عن تفكيك خلايا إرهابية في غرب وشمال العراق.

وأضاف أن العملية العسكرية التي ستنطلق خلال الـ48 ساعة القادمة حصلت على دعم من التحالف الدولي الذي تقوده والولايات المتحدة الأمريكية ضد “داعش” في العراق وسورية، مبيناً أن قادة عسكريين عراقيين تواصوا مع قيادة التحالف، التي أبدت استعدادها لتقديم كافة أشكال الدعم.

وتابع المصدر: تم الاتفاق مع التحالف الدولي على أن يعاود مهام الرصد الجوي وتحليل المعلومات وتتبع تحركات فلول “داعش” بين صحراء الأنبار والمناطق الجبلية شمال العراق، كما تعهد التحالف بتقديم الدعم الجوي للقوات العراقية، بعد أن تراجع هذا الدعم خلال الأشهر الماضية، إثر قرار صادر من البرلمان العراقي يقضي بسحب القوات الأجنبية من العراق.

يذكر أن “تنظيم الدولة” شن 24 هجوماً في أنحاء مختلفة من العراق، تركزت في محافظات ديالى وصلاح الدين وكركوك والأنبار، خلال الفترة الممتدة من 15 أبريل الماضي، وحتى 6 مايو الجاري، تنوعت الهجمات بين تفجيرات بواسطة عبوات ناسفة ولاصقة، وقصف بقذائف الهاون، واغتيالات لشخصيات سياسية وعشائرية، إلى جانب هجمات انتحارية بواسطة أحزمة ناسفة، حسب معلومات وبيانات رسمية.

7 وزارات بلا وزير

التحديات العسكرية التي تواجه العراق، تأتي متزامنة مع تحديات سياسية تعيق تشكيل حكومة الكاظمي، التي منحها البرلمان العراقي ثقته، الأربعاء الماضي، بعد أن صوت على 15 وزيراً ورفض 5 مرشحين لوزارات التجارة والعدل والثقافة والزراعة والهجرة، فيما لم يتم تسمية اسمي وزارتي الخارجية والنفط.

ويتولى الكاظمي مهام وزير الخارجية إلى حين تسمية وزير، بحسب بيان صادر عن مكتبه، الثلاثاء الماضي، أشار فيه إلى أنه وجه وزراء في حكومته لإدارة الوزارات الشاغرة، إذ تسلم وزير التربية علي مخلف مهام وزير التجارة، ووزير التعليم نبيل كاظم مهام وزير العدل، ووزير الشباب عدنان درجال مهام وزير الثقافة، ووزير النقل ناصر حسين بندر مهام وزير الهجرة، ووزير المالية علي حيدر عبد الأمير مهام وزير النفط.

وذكر الصحفي العراقي محمود المشهداني أن الخلافات بين القوى السياسية العراقية على تولي الحقائب الوزارية تعيق إكمال حكومة الكاظمي، حيث ترغب كل منها بأن تكون الوزارة الشاغرة من حصتها.

وقال المشهداني لـ”المجتمع”: إن حكومة الكاظمي كسابقاتها بنيت على المحاصصة الطائفية والحزبية، وتعيق الخلافات بين المكونات الطائفية على من له الأحقية في تولي المنصب الوزاري وتسمية الوزير، فالشيعة مختلفون على من يتولى حقيبتي الزراعة والنفط التي هي من حصة المكون، وفي ذات السياق يختلف السُّنة على من يمثلهم في وزارة التجارة.

وتابع: الطرف الكردي تجاوز خلافاته الداخلية، وقدم مرشحين اثنين لوزارتي الخارجية والعدل التي هي من حصته، هما خالد شواني لحقيبة العدل، وفؤاد حسين لحقيبة الخارجية، إلا أن القوى السياسية الشيعية ترفضهما بسبب دعمهما لاستفتاء انفصال إقليم كردستان العراق، الذي لم ينجح بسبب غياب الدعم الدولي، وتسبب بأزمة سياسية بين الإقليم والمركز في سبتمبر 2017.

وأشار المشهداني إلى أن الكاظمي في موقف حرج، فهو يحاول أن يشكل حكومة قوية قادرة على العبور بالعراق من عنق الزجاجة التي وضعته فيها الاحتجاجات الشعبية التي انطلقت في أكتوبر من العام الماضي، وتسببت باستقالة رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي، مستدركاً أن رئيس الوزراء لا يستطيع تقديم مرشحين للوزارات الشاغرة في البرلمان، قبل تحقيق توافق سياسي، لأن ذلك سيؤدي إلى سقوطهم في التصويت.

يشار إلى أن مظاهرات احتجاجية خرجت في العاصمة العراقية بغداد ومحافظات الجنوب؛ احتجاجاً على تسمية الكاظمي لرئاسة الوزراء، ويطالب المتظاهرون بتشكيل حكومة غير خاضعة للأحزاب السياسية، التي يتهمونها بالتسبب في تحول العراق إلى بلد فاشل، حسب الشعارات التي يرفعونها في ساحات التظاهر.

وقد أصدر الكاظمي مؤخراً قراراً بإخلاء سبيل كل الأشخاص الذين اعتقلوا خلال المظاهرات التي اندلعت نهاية أكتوبر 2019، في خطوة اعتبرها مراقبون محاولة لترضية الشارع الساخط، وتنتظر الحكومة الجديدة مهام صعبة وتحديات خطيرة، أهمها هجمات “داعش”، والأزمة الاقتصادية التي تسبب بها تراجع أسعار النفط، وأزمة وباء كورونا (كوفيد 19)، إلى جانب الصراع المحتدم بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية، التي تتخذ من الأراضي العراقية ساحة للمواجهة بينهما.

Exit mobile version