72 عاماً على النكبة.. الكبار ورَّثوا الأجيال حق العودة والتمسك بالأرض

على مقربة من قريتها “دمرة” التي هُجرت منها في النكبة عام 1948 هي وعائلتها عندما كانت طفلة تبلغ 14 عاماً، تعيش الحاجة عائشة الزويدي في مدينة بيت حانون شمال قطاع غزة، التي لا يفصلها عن قريتها التي هجرت منها غير جدار إلكتروني، وفوهات بنادق الاحتلال التي حالت دون قريتها التي هجرت منها قبل 72 عاماً، يشدها الحنين للعودة إليها، وما زال هذا الأمل قائماً على الرغم من أن الحاجة الزويدي تجاوزت من العمر 86 عاماً، وما زالت تتذكر طفولتها في قريتها وأرضها وبيوتها، وما حدث للفلسطينيين من مجازر على يد العصابات الصهيونية.

الزويدي وراية النكبة 

كثيرة هي الأحداث التي ما زالت تدور في ذاكرة الحاجة أم حسن الزويدي عن أيام النكبة وما تبعها من أحداث ومآسٍ، وعن هجرة آلاف الفلسطينيين الذين نجوا من مجازر العصابات الصهيونية في القرى والمدن التي اقتحموها التي أبرزها مجزرة دير ياسين وجرائم حيفا وإحراق المنازل والحقول.

وتقول الزويدي: كانت ساعات الهجرة وترك القرية مسقط الرأس صعباً للغاية، الموت بدأ يحاصرنا من كل جانب، كنا نسمع عن جرائم بشعة، وبدأ هجوم العصابات الصهيونية على القرى إلى أن وقعت الكارثة، وهي النكبة وتركنا كل شيء، الأرض والمزارع والأموال هرباً من الموت وتوجهنا إلى غزة، وكل تلك السنوات التي مرت لا يدخل إلى نفسي الشك أني سأعود يوماً، لأن هذه بلدي ووطني، وهؤلاء أغراب مستعمرون، هم إلى زوال، زرعتهم بريطانيا على أرضنا بعد أن أمدتهم بالسلاح.

وأثناء حديثها لـ”المجتمع”، أخرجت الزويدي مفتاح منزلها في قرية “دمرة” الذي هجرت منه عام النكبة وقالت: هذا مفتاح المنزل، إن لم تكتب لي العودة سيأخذه أحفادي ويعودون إلى قريتهم التي هجر أجدادهم منها، حق العودة حق مقدس، ولا أحد في العالم يستطيع أن يجبرنا على التنازل عن حقنا بالعودة إلى بلدتنا، وسنعود لفلسطين.

وتكشف الحاجة أم حسن الزويدي التي لها أكثر من 100 حفيد أنها تقف بشكل مستمر طيلة 72 عاماً على تلة مرتفعة في بيت حانون شمال قطاع غزة قريبة من قريتها “دمرة” المهجرة تنظر من بعيد لها؛ لترى أشجارها وأرضها وحقولها وبيوتها المدمرة، التي أقام الاحتلال فيها مواقع عسكرية ومنشآت للمستوطنين الغاصبين، تتحدث لأحفادها عن شوارعها والعائلات التي كانت تقطن في القرية قبل النكبة، مرددة عبارة: “والله غير انعود بعون الله.. والاحتلال سيرحل عن أرضنا لأنهم أغراب غزاة”.

ولبئر السبع حكاية أخرى مع النكبة 

من جانبها، تروي الحاجة فضية سالم الحميدي (88 عاماً) هاجرت من مدينة بئر السبع الواقعة جنوب فلسطين، جانباً من الألم والمعاناة، وتقول لـ”المجتمع”: العصابات الصهيونية قبل النكبة كانت تغير وتقتل المزارعين، ويحرقون الحقول، وأقاموا العديد من المستوطنات بمساعدة بريطانيا، التي تحولت فيما بعد لنقطة انطلاقة لتنفيذ الجرائم واحتلال فلسطين، كل يوم كنا نسمع عن مجزرة وعمليات تفجير من قبل عصابات المستوطنين.

وروت الحميدي مأساتها هي وعائلتها حيث تقول: إن العصابات الصهيونية المدعومة بالسلاح والعتاد من بريطانيا، التي كانت تحتل فلسطين بدأت بالهجوم على مدينة بئر السبع، واستشهد العديد من جيراننا من المقاومين الذين كانوا يحاولون صد هجمات العصابات الصهيونية، لكن لا مقارنة في التسليح مع الأهالي، العصابات الصهيونية كانت مزودة بأحدث الأسلحة من دبابات ومدافع وطائرات، في حين أن القليل من الشباب من يمتلك سلاحاً خفيفاً، استشهد العشرات من الشبان ووقعت النكبة وحملت ما حملت من المعاناة والألم الذي ما زال مستمراً حتى اليوم.

وأضافت: لم تتوقف المأساة عند هذا الحد، فقد مات طفلي الرضيع أثناء النكبة، ووصلنا إلى مدينة رفح جنوب قطاع غزة، واستقر بنا المكان هناك إلى أن جاءت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) التي قامت بتسجيلنا وصرف مساعدات لنا، ومنذ ذلك الوقت وأنا ما زلت أحلم بالعودة إلى مدينتي بئر السبع بعد 72 عاماً من النكبة.

Exit mobile version