الشارع العراقي ينتفض ضد حكومة الكاظمي التي أقرها البرلمان

شهدت العاصمة العراقية بغداد، ومحافظات الوسط والجنوب، أمس الأحد، عودة قوية للتظاهرات الجماهيرية المطالبة بمكافحة الفساد وإصلاح النظام السياسي، بعد إعلان تشكيل حكومة جديدة برئاسة مصطفى الكاظمي، صادق عليها البرلمان بأغلبية الأصوات.

جاءت التظاهرات الجديدة بعد توقف حوالي 90 يومياً؛ بسبب أزمة جائحة كورونا، حيث أصدرت حكومة تصريف الأعمال برئاسة رئيس الوزراء المستقيل عادل عبدالمهدي قراراً، في 17 أبريل الماضي، بمنع التجمعات العامة، أعقبتها بقرار يقضي بحضر التجوال، بعد عدة محاولات لكسر الحراك الجماهيري باستخدام مختلف الوسائل؛ كالقتل والاغتيالات وخطف الناشطين وترويع المتظاهرين.

شغب وحرق مقرات حزبية

وشهدت مدن جنوبي العراق أعمال شغب وحرق لمقرات حزبية، خاصة في محافظة واسط جنوبي البلاد، من قبل معارضين لحكومة مصطفى الكاظمي التي لم يمض على تشكيلها أسبوع واحد.

فيما اندلعت مظاهرات سلمية في بغداد، والناصرية وبلدات عدة جنوبي العراق، شارك فيها المئات من الشباب، سرعان ما تحولت إلى مواجهة مع الأجهزة الأمنية بسبب مجموعات شبابية أقدمت على إحراق بعض المباني ورمي قوات الأمن بالحجارة.

جاءت هذه الأحداث بعد أن أصدر رئيس الوزراء العراقي الجديد مصطفى الكاظمي، أول أمس السبت، أمراً بإطلاق سراح جميع المتظاهرين المعتقلين، وتشكيل لجنة جديدة للتحقيق في جميع الأحداث التي رافقت التظاهرات منذ مطلع أكتوبر الماضي، وتعويض عوائل ضحايا التظاهرات ورعاية المصابين منهم، في أول قرار يتخذه بعد منحه الثقة، يوم الخميس الماضي.

وكان ناشطون ومثقفون عراقيون قد أطلقوا عبر مواقع التواصل الاجتماعي نداء طالبوا فيه بمحاكمة المسؤولين عن قتل المتظاهرين، مؤكدين عدم تنازلهم عن هذا الحق.

أطراف في العملية السياسية اعتبرت أن عودة التظاهرات في هذا التوقيت ليست بريئة، وأنها جاءت بدعم ودفع من جهات سياسية مرتبطة بالخارج.

وقال حسن اللامي، القيادي في ائتلاف النصر، الذي يقوده رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، لـ”المجتمع”: إن أطرافاً سياسية (لم يسمها) دفعت باتجاه تأجيج الشارع ضد حكومة الكاظمي، بسبب خلاف على توزيع حقائب وزراية لم يحسم أمرها بعد، وتسعى هذه الأطراف لاستخدام الشارع كورقة ضغط لمساومة الكاظمي.

وأضاف أن هذه التظاهرات سياسية وليست شعبية، فإقرار الحكومة في البرلمان جاء بعد مخاض عسير أدخل البلاد في مأزق سياسي واقتصادي، وتوافق الفرقاء اليوم على الكاظمي فرصة أخير لإخراج البلاد من المأزق.

واعتبر اللامي أن من يجيشون الشارع، ويحرضون على العنف، هدفهم إسقاط النظام السياسي، وليس تحقيق الإصلاح الشامل في البلاد، حسب تعبيره.

مطالبة بتحقيق العدالة

في المقابل، اعتبر محمد الكرخي، عضو تنسيقية وطني حقي، أن التظاهرات جاءت لممارسة الضغط على رئيس الوزراء الجديد، لتحقيق ما وصفه بـ”العدالة”، وأخذ القصاص من قتلة المتظاهرين.

وتابع: وجهنا الدعوة لشباب العراقي للخروج والتجمع في ميادين التظاهر، ضد تنصل القوى السياسية من تنفيذ المطالب الشعبية بإبعاد العراق عن المحاصصة الطائفية، وأن يكون رئيس الوزراء شخصاً غير مرتبط بالقوى السياسة، وهي الأسباب التي أطلقت شرارة الغضب الجماهيري في أكتوبر 2019.

وأشار الكرخي إلى أن التنسيقيات دعت عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إلى تظاهرات سليمة، هدفها المطالبة بمحاسبة قتلة المتظاهرين وإجراء الانتخابات المبكرة، ومكافحة الفساد، وحصر السلاح بيد الدولة والحفاظ على سيادة العراق.

وبخصوص أعمال العنف التي رافقت التظاهرات، وعمليات إحراق مقرات حزبية، أكد الكرخي أن هذه الأعمال قام بها طرف لا ينتمي للمتظاهرين، حيث قام أشخاص مجهولون برمي الحجارة على قوات الأمن، وسعى بعضهم للتجاوز على الحواجز الأمنية، أو إحراق مقرات الأحزاب السياسية، ونحن نؤكد أن هذه الممارسات غير صحيحة وتضر بالحراك السلمي.

جدير بالذكر أن المتظاهرين في العراق يحمّلون النخبة السياسية التي تحكم البلاد منذ عام 2003، مسؤولية ما تشهده البلاد من فقر وجوع وانعدام للحريات، حيث يعيش عراقي من بين كل خمسة تحت خط الفقر، في حين يعاني 20% من الشباب من البطالة، بحسب الإحصائيات الرسمية.

وقد تحولت ساحات التظاهر إلى مسرح للعنف، خلال فترة حكومة رئيس الوزراء المستقيل عادل عبدالمهدي، وأشارت تقارير حقوقية إلى أن عناصر الأمن مارسوا العنف في سعيهم لتفريق التظاهرات بالقوة، وأكدت أن العنف الأمني امتد حتى آخر يوم من عمر حكومة عبدالمهدي.

وأعلنت مفوضية حقوق الإنسان في العراق، في 3 فبراير الماضي، أن حصيلة ضحايا أحداث التظاهرات العراقية بلغت 556 شخصاً منذ الأول من أكتوبر 2019.

وقال عضو المفوضية علي البياتي، في بيان صحفي: إن عدد الضحايا الذين سقطوا في التظاهرات الأولى في مطلع أكتوبر وحسب تقرير اللجنة بلغ 158 قتيلاً، بينما بلغ عدد الضحايا منذ 25 أكتوبر 2019 وحتى الآن 399، وبالمحصلة تكون النتيجة 556 قتيلاً بينهم 13 رجل أمن.

Exit mobile version