البرلمان العراقي يمنح ثقته للكاظمي ليشكل الحكومة السابعة منذ الاحتلال الأمريكي

– الحديثي: للكاظمي ميزات تجعل منه شخصاً قادراً على العبور بسفينة العراق في المرحلة القادمة

– الدليمي: الاستحقاق الأصعب أمام الحكومة الجديدة هو الاستجابة لمطالب الاحتجاجات الشعبية

 

بعد تأخير عن موعد انعقاد جلسة التصويت على منح الثقة لحكومة مصطفى الكاظمي، دام أكثر من 3 ساعات، منح البرلمان العراقي، أمس الأربعاء، الثقة للحكومة الجديدة، من خلال التصويت على أغلب الوزراء، باستثناء وزارات التجارة والثقافة والزراعة والهجرة والعدل، التي لم تنل الثقة.

وكشف مصدر سياسي مسؤول لـ”المجتمع”، أن خلافات عاصفة كانت وراء تأخير انعقاد الجلسة، جاءت بسبب تباين وجهات النظر بين الكتل السياسية على مرشحي بعض الوزارات، خصوصاً حقيبتي النفط والخارجية، وبسبب عدم تمكن الفرقاء من الاتفاق، تم تأجيل التصويت عليهما لوقت لاحق.

وأضاف المصدر، الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن رئيس البرلمان محمد الحلبوسي أشرف على حوارات عاصفة بين القوى السياسية المختلفة، لوجود اعتراضات على بعض الوزراء، ورغم تغيير مرشحي وزارات العمل والزراعة والعدل، فإن الخلافات استمرت حول مرشحي حقائب أخرى، ما هدد بإفشال جلسة التصويت.

وأشار إلى أن الحلبوسي أنقذ الموقف من خلال اقتراح تأجيل التصويت على الحقائب الوزارية المختلف عليها، لتمرير الحكومة بالأسماء المتفق عليها، وتجنيب البلاد الدخول في فراغ سياسي.

من هو الكاظمي؟

مصطفى الكاظمي سابع رئيس وزراء يتولى الحكم في العراق، منذ الاحتلال الأمريكي للبلاد عام 2003، إذ تولى قبله رئاسة أول حكومة عراقية مؤقتة عام 2004 السياسي العراقي إياد علاوي، وتلاه في رئاسة حكومة انتقالية إبراهيم الجعفري عام 2005، ثم جاء بعدهما نوري المالكي بولايتين متتاليتين 2006–2014، ثم حيدر العبادي بولاية واحدة 2014–2018، وأخيراً عادل عبدالمهدي الذي أُرغم على الاستقالة بسبب الاحتجاجات الشعبية 2018–2019.

ولد الكاظمي في العاصمة العراقية بغداد عام 1967، وكسب لقبه من خلال سكنه في حي الكاظمية الشهير بالمدينة، حصل على شهادة البكالوريوس في القانون، وغادر العراق خلال الفترة التي حكم فيها صدام حسين، عن طريق كردستان العراق إلى إيران، ثم ألمانيا ثم بريطانيا، واختار لقب الكاظمي خلال عمله كصحفي.

ساهم في توثيق الشهادات وجمع الأفلام عن ضحايا النظام السابق، وأدار مؤسسة الحوار الإنساني لتأسيس الحوار بديلاً عن العنف في حل الأزمات.

عمل الكاظمي كاتباً لعمود، ومديراً لتحرير قسم العراق في موقع “المونيتور” الأمريكي، وله عدة مؤلفات سياسية أبرزها “مسألة العراق”، و”المصالحة بين الماضي والمستقبل”.

عين الكاظمي بمنصب رئيس جهاز المخابرات العراقي عام 2016، من قبل رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، وما يزال مستمراً في منصبه حتى تاريخ تكليفه.

وتتهم بعض الجهات العراقية الموالية لإيران الكاظمي بمساعدة الولايات المتحدة في تنفيذ عملية اغتيال قاسم سليماني، رئيس فيلق القدس الإيراني، وأبو مهدي المهندس نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي، هذه التهمة دفعت المسؤول الأمني في كتائب حزب الله العراقي، أبو علي العسكري، للإعلان عن رفض ترشحه لرئاسة الوزراء في مارس الماضي.

الباحث والأكاديمي العراقي محمد الحديثي، اعتبر أن للكاظمي ميزات تجعل منه شخصاً قادراً على العبور بسفينة العراق في المرحلة القادمة.

الحديثي قال لـ”المجتمع”: إن من أهم مميزاته أنه شخصية برجماتية تمكن من تحقيق عدة نجاحات في قيادة جهاز المخابرات، أبرزها القضاء على سياسات التمييز الطائفي التي اتبعها أسلافه، إلى جانب دوره في تأهيل وتطوير كوادر الجهاز عبر إدخال برامج ومنظومات علمية حديثة لم يألفها الجهاز في المراحل السابقة.

وأضاف: ويحسب للكاظمي على المستوى السياسي أنه ومنذ ترشيحه للمرة الأولى لرئاسة الوزراء لم ينخرط في الصراع السياسي الذي يشهده العراق، ولم يقترب من أي كتلة سياسية للحصول على تأييدها، كما أنه لم يقدم أي وعود بتحقيق مكاسب حزبية على حساب برنامجه السياسي؛ مما جعله يحظى بمقبولية واسعة في الأوساط العراقية، كما شهدت عملية تكليفه ترحيب أوساط إقليمية ودولية عديدة بما يفصح عن رؤية الكاظمي المتوازنة في إدارة علاقات العراق الخارجية.

مهام وتحديات صعبة

ويرى مراقبون أن مهمة الحكومة العراقية الجديدة لن تكون سهلة، فأمامها استحقاقات صعبة وتحديات خطيرة.

المحلل السياسي العراقي عادل الدليمي، يرى أن الاستحقاق الأصعب أمام الحكومة الجديدة هو الاستجابة لمطالب الاحتجاجات الشعبية، التي أطاحت برئيس الوزراء عادل عبدالمهدي، بعد 18 شهراً من تشكيل حكومته.

وتابع الدليمي، في حديثه لـ”المجتمع”، أن الكاظمي سيرث ميزانية متهالكة، يعصف بها العجز المالي، وتثار حولها أشد الخلافات السياسة، حيث لم تقر ميزانية العام الجاري حتى الآن بسبب الخلافات، وإذا أخذنا بنظر الاعتبار الانهيار الكبير لأسعار النفط، وتداعيات أزمة كورونا، فإن الحكومة الجديدة ستكون حكومة تقشف.

ويتوقع أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي للعراق بنسبة 9.7% العام الجاري، وتشير توقعات البنك الدولي إلى احتمال تضاعف معدلات الفقر؛ ما يجعل هذا الأمر هو التحدي الأخطر أمام حكومة الكاظمي، بحسب رأي المحلل السياسي العراقي.

يشار إلى أن الحكومة الجديدة بحاجة إلى الدعم الأمريكي، خصوصاً فيما يتعلق بمسألة استيراد الطاقة الكهربائية من إيران، حيث منحت واشنطن بغداد إعفاءات تسمح له بشراء الطاقة من طهران مع تجنب العقوبات المفروضة عليها.

واللافت أن الولايات المتحدة الأمريكية سارعت إلى إعلان دعم حكومة الكاظمي، فور مصادقة البرلمان عليها، عبر السماح للعراق بمواصلة استيراد الكهرباء من إيران لمدة 120 يوماً.

وقالت وزارة الخارجية الأمريكية في بيان، عقب اتصال دار بين الوزير مايك بومبيو، والكاظمي: إنه دعماً للحكومة الجديدة، ستتحرك الولايات المتحدة قدماً بإرجاء مدته 120 يوماً، لإظهار رغبتنا بالمساعدة في توفير الظروف المناسبة للنجاح.

وبحسب بيان الخارجية، فقد شملت محادثة بومبيو، والكاظمي مباحثات حول تطبيق إصلاحات والتعامل مع جائحة فاروس كورونا ومحاربة الفساد.

وسبق لواشنطن تمديد إعفاء العراق بشأن استخدام إمدادات الطاقة الإيرانية لفترات تراوحت ما بين 90 و120 يوماً، لكنها لم تمنح الشهر الماضي سوى تمديد مدته 30 يوماً.

Exit mobile version