حول الدعوات لإسقاط البرلمان.. القضاء التونسي يلاحق المشبوهين

– القوماني: الدعوات تستهدف النهضة

– الهاروني: بعض الأطراف تحرّض على الحرب الأهلية

– الثابتي: لا لتجريم الدعوات لإسقاط مؤسسات الدولة

– عمران: دعوات غير بريئة

– زيتون: الشعب التونسي لن يعود إلى الدكتاتورية

 

أكد نائب وكيل الجمهورية (النيابة العمومية) رئيس وحدة الإعلام والاتصال بالمحكمة الابتدائية بتونس محسن الدالي أن “النيابة العمومية” التونسية تعهدت بعدد من الدعوات التحريضية ضدّ مؤسسات الدولة القائمة وفي مقدمتها مؤسسة البرلمان، وبثّ البلبلة على سير عملها.

وأضاف، في تصريح لـ”وكالة تونس أفريقيا للأنباء”، أول أمس الثلاثاء، أن النيابة العمومية عهدت لفرق أمنية مختصة للبحث في هذه الدعوات التي وردت على شبكات التواصل الاجتماعي، وذلك في انتظار اتخاذ القرارات المناسبة تبعاً لتلك الأبحاث.

عريضة مجهولة

وكانت دعوات بعضها مموّل على الإنترنت قد فاجأت الرأي العام التونسي في وقت تواجه فيه البلاد جائحة كورونا، تدعو إلى ما اعتبرته “تصحيح المسار السياسي في تونس”، عبر تشكيل هيئة إنقاذ وطني وإعداد لـ”ثورة الجياع”.

واقترح أصحاب هذه العريضة حلّ البرلمان وإرساء الحكم الذاتي الذي لا يقوم على الديمقراطية التمثيلية، وإنّما على تطبيق الديمقراطية المباشرة.

والمفاجئ في هذا المقترح أنه كان قد ورد ضمن البرنامج الانتخابي لرئيس الجمهورية قيس سعيد، ما جعل الكثيرين يربطون بين أصحاب الدعوة وأنصار قيس سعيد.

ولكن محاولات ضرب مؤسسات الدولة بعضها ببعض، وتضخيم الخلافات بين رؤوس السلطة في البلاد قد تكون وراء ما جرى، لا سيما وأن بعض الأطراف السياسية والإعلامية في الداخل والخارج تراهن على هذه الخلافات لضرب المنجز السياسي التونسي، وإدخالها في الفوضى والعودة إلى وضع القطيع الذي طبع الشأن العربي أثناء الاحتلال المباشر ثم ما بعد الاحتلال المباشر أو ما يعبّر عنه في الأدبيات السياسية بالاحتلال غير المباشر، وهو ما ستؤكده أو تنفيه الأبحاث.

لا للتجريم

قال الناطق الرسمي باسم التيار الشعبي محسن النابتي في تصريح لموقع “الشاهد”: إنه لا يمكن تجريم دعوات حل البرلمان ولا يمكن اعتبار ذلك سيكون حلاً سحرياً لتغيير الأوضاع.

وأضاف النابتي أن البرلمان أعطى عن نفسه انطباعاً سيئاً منذ البداية، داعياً إلى إيجاد آليات رقابة شعبية على البرلمان وآليات لإمكانية سحب الثقة من النواب.

والتيار الشعبي لا يزال عضواً بائتلاف الجبهة الشعبية الذي بدأ بالتفكك قبل الانتخابات الماضية.

وطالب النابتي بضرورة المرور إلى الجمهورية الثالثة بإرادة سياسية ووعي من الجميع يسبق تحركات شعبية قد تصل بنا إلى هذه المرحلة، مبيناً أن الجمهورية الثانية حققت عديد المكاسب، ولكن تنقصها تحقيق نتائج اقتصادية واجتماعية.

ودعا المتحدث إلى ضرورة إجراء نقاش وطني حول النظام السياسي، مبيناً أن موقف التيار الشعبي تغيير النظام إلى رئاسي أو برلماني صرف، وأوضح أن التيار الشعبي من أنصار توحيد السلطة وعدم تفكيكها بين سلط مختلفة بما يتيح عدم تحمل المسؤولية لمختلف المناصب السياسية.

ودعا النابتي إلى ضرورة تغيير القانون الانتخابي بما يضمن للفئات الاجتماعية الوصول إلى السلطة، مؤكداً أن القانون الانتخابي الحالي فاسد وفتح الباب أمام المال الفاسد وإقصاء الفئات الاجتماعية الفقيرة.

استهداف للنهضة

وقال النائب بمجلس نواب الشعب عن حركة النهضة محمد القوماني، لـ”المجتمع”: إن دعوات حل البرلمان وتغيير النظام السياسي ناتجة عن عدم اعتراف بنتائج الانتخابات الفارطة والتوازنات السياسية التي أفرزتها.

وتابع: هذه الدعوات هي استهداف ضمني لموقع النهضة في الحياة السياسية التي أعطاها الشعب المكانة الأولى رغم التشويه التي واجهته في الفترة النيابية السابقة.

وأكد القوماني أن هذه الدعوات تهدف أيضاً إلى تبخيس دور البرلمان رغم أنه يعتبر رمز الديمقراطية، موضحاً أن تغيير النظام السياسي له آلياته القانونية.

وأفاد القوماني بأن عدم انسجام الأطراف الحاكمة عبر التهريج الذي نراه أحياناً في البرلمان، إضافة إلى الإخفاق الاجتماعي والاقتصادي قد يؤدي إلى تنامي الاحتجاجات.

وأردف: هذه الدعوات صادرة عن جهات مجهولة أو عناصر تحوم حولها شبهات وعلاقات مشبوهة ببعض الدول، مبيناً أن ثورة الجياع أو الفقراء هي أجندة الثورة المضادة.

مصادر تمويل معروفة

وأكد أن الدعوة إلى ثورة فقراء أو جياع بتعبير الجهات التي تبث الأراجيف والفتنة أشبه بما حصل في مصر عند الخروج في احتجاجات ما يعرف بـ30 يونيو 2013 قبل أن تتحول البلاد بعد ذلك إلى قمع للصحافة والحريات والتعدي حتى على المساندين لها.

أجندات معروفة

وقال رئيس مجلس شورى حركة النهضة عبدالكريم الهاروني لـ”المجتمع”: إن هناك بعض القوى السياسية الموجودة في المعارضة تدعو إلى العنف والإقصاء وتقسيم التونسيين وتحرض على “حرب أهلية”.

وتابع: النهضة والسلطات السياسية في البلاد على حد سواء لن يقبلوا بممارسة العنف ضد الدولة، داعياً إلى التحلي باليقظة في مواجهة هذه الدعوات المدعومة من الخارج.

وأردف: هناك أصوات تحاول استغلال هذه الفترة الصعبة لتحريض التونسيين على “ثورة الجياع” وإسقاط مؤسسات الدولة الشرعية من خلال الاستثمار في الجوع والفقر، لكن التونسيين لن ينخرطوا في هذه الأجندات.

وأوضح القيادي بالنهضة أن الحركة دعت إلى وضع ميثاق أخلاقي وسياسي بين مختلف الأحزاب الحاكمة من أجل تحقيق الانسجام وإيجاد توافقات تحت قبة البرلمان.

دعوات غير بريئة

ودعت عضو الهيئة السياسية لحزب تحيا تونس هالة عمران، في تصريح لإذاعة “موزاييك”، يوم الثلاثاء 5 مايو، إلى فتح تحقيق بخصوص ما اعتبرته تحركات مشبوهة على مواقع التواصل الاجتماعي تنادي بالفوضى والنزول إلى الشارع، وإسقاط النظام والحكومة وإسقاط كل مفهوم الدولة، على حد تعبيرها.

وشددت عمران على أن تحيا تونس يدين هذه الدعوات المنظمة وغير البريئة التي يقف وراءها أطراف مشبوهة وبإمكانها أن تقود إلى المجهول في ظرف حساس خاصة بعد التعافي النسبي الذي تعيشه البلاد في ظل حكومة إلياس الفخفاخ.

استنكار سياسي شامل

وقال زهير المغزاوي، الأمين العام لحركة الشعب (قومي)، في تصريح إعلامي: إن إسقاط الحكومة يكون فقط عبر الانتخابات.

وكتب هشام العجبوني، رئيس الكتلة الديمقراطية، على موقع “فيسبوك”: هل من الطبيعي والمنطقي أن تطالب بعض الأطراف بإسقاط حكومة مر على المصادقة عليها شهران فقط واصطدمت منذ توليها الحكم بأخطر أزمة صحية واقتصادية واجتماعية في تاريخ تونس الحديث؟ هل يمكن لعاقل تصديق أن الذين تواطؤوا مع الفساد طيلة سنوات واستفادوا منه وطبّعوا معه يمكن أن يصبحوا فجأة حريصين على المال العام وعلى اقتلاع الفساد؟  من الذي من صلحته، في خضم الحرب على وباء كورونا، إرباك الوضع والتحريض على الفوضى؟

وكتب زهير إسماعيل، القيادي السابق في حزب الحراك: الردّ الوحيد على دعوات الانقلاب البائسة ومرتزقتها الأكثر بؤساً أياً كانت درجة جديتها هو ضربات في العمق للفساد، وهناك ملفات لا غبار عليها ومواقع أوضح من الوضوح، كل الظرف موات لا ينقص إلا وجود من يتخذ القرار ويمضي به إلى نهايته باسم الدولة والثورة والديمقراطية.

بدوره، قال وزير الشؤون المحلية لطفي زيتون (حركة النهضة) لإذاعة “ديوان إف إم”: إن الأنظمة لا تسقط بالمؤامرات والتظاهر بالشوارع، وبيّن زيتون أن الحكومات لا تسقط إلا بالانتخابات، مؤكداً أن الشعب التونسي لن يرضى بالعودة إلى الدكتاتورية.

بدوره، نفى الحزب الدستوري الحر (يعلن دعمه للنظام السابق ويدافع عنه) أي علاقة له بـ”البيان الانقلابي” المذكور، منتقداً محاولة بعض الأطراف السياسية استهدافه.

النهضة كانت سباقة

وكان شورى حركة النهضة المنعقد السبت الماضي، استنكر عودة الحملات الإعلامية المظللة التي تستهدف التجربة الديمقراطية الناشئة بتونس، عبر ترذيل مؤسسات الدولة، والفاعلين السياسيين، داعياً الإعلاميين إلى الالتزام بالموضوعية وأخلاقيات المهنة وإبعاد القطاع عن سطوة الأجندات السياسية والأيديولوجيا ومراكز التأثير المالي المحلي والدولي.

كما ندد بشدة باستهداف رئيس مجلس نواب الشعب ومؤسسة البرلمان، الذي يمثّل الشرعية والإرادة الشعبية، معبراً عن إدانته تشويه النواب وترذيل العمل النيابي في محاولة يائسة لإرباك المسار الديمقراطي وتعطيل عمل مؤسسات الدولة.

كما ندد عدد من أعضاء مجلس نواب الشعب بدعوات تحرض على العنف والفوضى واستهداف المراكز السيادية للدولة، داعين إلى فتح تحقيق عاجل في هذا الموضوع.

Exit mobile version