“داعش” يعود بقوة للعراق عبر هجوم نوعي شمالي بغداد

شن “تنظيم الدولة” (داعش)، مساء أمس الجمعة، هجوماً نوعياً هو الأقوى له، منذ إعلان العراق تحقيق النصر الناجز عليه من قبل الحكومة العراقية عام 2017.

وصرح قائم مقام قضاء سامراء التابع لمحافظة صلاح الدين (125 كيلومتراً شمال العاصمة بغداد) أن أكثر من 13 عنصراً من مقاتلي القطعات العسكرية سقطوا في الهجوم بين قتيل وجريح.

وقال محمود خلف، في حديثه لـ”المجتمع”: إن 9 عناصر استشهدوا من مقاتلي هيئة الحشد الشعبي، فيما أصيب 4 آخرين، نتيجة الهجوم الإرهابي، الذي وقع شمال ناحية مكيشيفة التابعة للقضاء.

وأضاف: المنطقة التي تعرضت للهجوم شهدت تحركات لـ”داعش” مؤخراً، حيث تمكنت الأجهزة الأمنية من قتل عدد منهم في الأيام الماضية.

ودعا خلف لاتخاذ الإجراءات الأمنية للازمة لحماية المنطقة التي تعرضت للهجوم، معتبراً الهجوم خرقاً أمنياً يكشف هشاشة الوضع، ووجود ثغرات قد تستغلها خلايا “داعش” الإرهابية للعودة إلى المشهد من جديد.

من جهتها، أكدت مديرية الإعلام في هيئة الحشد الشعبي أن عناصر تابعين لها قتلوا نتيجة 5 هجمات شنها “داعش” في مناطق مكيشيفة وتل الذهب ويثرب ومطيبيجة ووالدور في محافظة صلاح الدين.

وذكرت المديرية، في بيان وصل “المجتمع” نسخة منه، أن قوات الحشد اشتبكت مع العناصر الإرهابية وكبدتها خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات، مشيراً إلى أن عدد القتلى بلغ 13 شهيداً توزعوا بواقع 5 شهداء من لواء 41، و8 شهداء من لواء 35.

تحذيرات أمريكية

وكانت الولايات المتحدة الأمريكية حذرت، على لسان مسؤولين في وكالة المخابرات الأمريكية (CIA)، من أن مقتل زعيم “تنظيم الدولة”، أبو بكر البغدادي، في غارة أمريكية، يوم 26 أكتوبر الماضي، لم يقوض قدرات وتهديدات التنظيم، الذي حافظ على تماسك وسلامة بنيته التنظيمية ومنظومة القيادة والسيطرة فيه، بالإضافة إلى أن العديد من فروعه لا تزال تمارس نشاطاتها العسكرية والأمنية في دول عدة.

وذكرت صحيفة “ذا صن” البريطانية أن أمير محمد عبدالرحمن المولى السلبي، المعروف بـ”أبي إبراهيم الهاشمي القرشي”، قد خلف البغدادي في زعامة التنظيم، وهو ضابط سابق في الجيش العراقي، ويقال: إنه صانع سياسة متشددة داخل “داعش” وأشرف على عمليات التنظيم في جميع أنحاء العالم.

وقبل مقتل البغدادي في غارة أمريكية في شمال غربي سورية، وضعت وزارة الخارجية الأمريكية مكافأة قدرها 5 ملايين دولار على رأس السلبي، وعلى اثنين آخرين من كبار أعضاء التنظيم.

وادعى التنظيم، في بيان، أنه نفذ 106 هجمات في الفترة من 20 – 26 ديسمبر الماضي، للثأر من مقتل البغدادي والمتحدث الرسمي باسم التنظيم، أبو حسن المهاجر، الذي قتل في اليوم نفسه.

وتشير تقارير لوزارة الدفاع الأمريكية، في أغسطس 2018، إلى أن “داعش” لا يزال يحتفظ بما لا يقل عن 30 ألف مقاتل في سورية والعراق.

مخاوف كردية

وكان إقليم كردستان شمال العراق قد دعا أكثر من مرة الحكومة المركزية في بغداد إلى ضرورة أخذ الحيطة والحذر بعد رصد نشاط لـ”داعش” نهاية مارس الماضي، بحسب النقيب خسرو زيباري.

زيباري قال لـ”المجتمع”: إن القادة الكرد طالبوا بغداد أكثر من مرة بضرورة عودة التنسيق المشترك بين قوات التحالف والجيش العراقي والبيشمركة لمحاربة “داعش”، خصوصاً في المناطق المجاورة للإقليم.

وتابع: التقارير الاستخبارية تؤكد أن “داعش” لا يزال يشكل خطراً حقيقاً في محافظات؛ الموصل وكركوك وصلاح الدين، مشيراً إلى أن التنظيم الإرهابي رفع مستوى عملياته وأنشطته مؤخراً.

واعتبر الزيباري أن هجوم “داعش” الأخير سببه عدم تعامل الحكومة الاتحادية في بغداد بجدية مع خطورة تهديدات التنظيم، حيث تتراخى القطاعات العراقية المتمركزة في مناطق نفوذه عند مرور فترة هدوء، فيستغل مقاتلوه وخلاياه النائمة الفرصة للمباغتة.

وأضاف أن شبكات التنظيم الريفية ما زالت سليمة إلى حد كبير، بعد مرور ثلاث سنواته على إعلان الحكومة العراقية هزيمته عام 2017، ولا يزال أعضاؤه يتلقون التدريبات في المناطق الجبلية النائية.

يشار إلى أن “تنظيم الدولة” خسر أعداداً كبيرة من قياداته ومقاتليه، بعد احتلاله مساحات واسعة من الأراضي العراقية والسورية عام 2014، حيث أعلن فيها قيام دولته التي أطلق عليها تسمية “الدولة الإسلامية في العراق والشام”، وقادت الولايات المتحدة الأمريكية تحالفاً دولياً لمواجهته، وعلى مدار أربع سنوات بمساندة القوات الأمنية العراقية، وقوات البيشمركة الكردية، وهيئة الحشد الشعبي، وعلى الجانب السوري قوات “سورية الديمقراطية” وعدد من فصائل المعارضة السورية المسلحة والقوات التركية، تم هزيمة التنظيم.

وأعلنت بغداد، في ديسمبر 2017، هزيمة “داعش” رسمياً على لسان رئيس الوزراء العراقي السابق حيدر العبادي، واستعادة السيطرة بشكل كامل على الحدود العراقية السورية.

ويرى مراقبون أن التنظيم لا يزال يتمتع بحرية حركة نسبية عبر مجموعات متنقلة، تواصل شن هجمات متنوعة في المناطق الهشة أمنياً بالعراق وسورية، وهي هجمات متوسطة القوة إذا ما قيست بالهجمات الشرسة التي كان يشنها مقاتلوه عام 2014.

Exit mobile version