تداعيات “كورونا” الاقتصادية تدفع الليرة التركية نحو التراجع أمام الدولار

سجلت الليرة التركية تراجعاً قدره، 0.2% أمام الدولار الأمريكي، الثلاثاء الماضي، مقتربة من أدنى مستوى لها منذ ذروة أزمة العملة في عام 2018.

وهبطت العملة التركية لفترة وجيزة إلى 7 ليرات مقابل الدولار، موسعة خسائرها منذ بداية العام إلى 15%، لتستقر عند الإغلاق عند سعر 6.9970 للدولار الواحد.

تداعيات كورونا

ويعزو مراقبون أسباب تراجع سعر الصرف إلى تعطل جزء كبير من القطاع الإنتاجي بسبب تفشي فيروس كورونا، وشلل شبه تام للقطاع السياحي، بعد أن أوقفت تركيا جميع رحلات الطيران، بما فيها الداخلية، وأرجأت الموسم السياحي وألغت النشاطات والفعاليات السياحية إلى إشعار آخر.

ويعتبر د. على آيدن، أستاذ علم الاقتصاد في جامعة عنتاب التركية، أن لتعطل الموسم السياحي دور محوري بتراجع سعر صرف الليرة، نظراً لتوقف ضخ العملات الأجنبية عبر السياح الذين توقفوا خلال أزمة فايروس كورونا.

وأشار، في حديثه لـ”المجتمع”، إلى أن عدد السياح شهد ارتفاعاً خلال يناير الماضي بنسبة 16%، بالقياس إلى ذات الشهر من عام 2019 ووصل لنحو 1.8 مليون سائح، وهو ما جعل تركيا تعول على استقطاب 52 مليون سائح على مدار العام الجاري، ضمن خطتها التصاعدية لجذب 75 مليون سائح حتى عام 2023 وتحقيق إيرادات بنحو 65 مليار دولار، إلا أن جائحة كورونا جاءت خارج الحسابات.

وتابع آيدن: ويشكل تراجع الصادرات سبباً ثانياً لتراجع الليرة، فخلال مارس الماضي، تراجعت الصادرات بنسبة 17.8% بالقياس مع ذات الفترة من عام 2019.

وأكد أستاذ علم الاقتصاد أن الرؤية المستقبلة تؤكد أن لا خوف على الليرة التركية، لأن تراجع نسبة النمو إلى نحو 0.5% ستكون مؤقتة قياساً بالشلل العالمي الذي أحدثه انتشار فيروس كورونا، كما أن الحكومة التركية اتخذت العديد من الإجراءات الاحترازية لحماية الليرة والاقتصاد، الذي يستفيد بطبيعة الحال من تراجع سعر النفط الذي تستورد تركيا 95% من استهلاكها من الخارج.

يشار إلى أن تركيا تحتل المركز السابع عالمياً في حالات الإصابة المؤكدة بفيروس كورونا المستجد (كوفيد 19)، بما يتجاوز 112 ألف حالة، فيما توفي نحو 2900 شخص نتيجة الإصابة، وتظهر بيانات زارة الصحة التركية انخفاضاً في عدد الوفيات المسجلة حديثاً خلال الأسبوع المضي.

مساعٍ لفتح الاقتصاد

مع انتشار فايروس كورونا في البلاد، أغلقت السلطات التركية مراكز التسوق والمدارس والمطاعم والمقاهي، بهدف الحد من زيادة حالات الإصابة، وفرضت أوامر جزئية بالبقاء في المنزل، وأغلقت حدودها الخارجية، فيما شهدت حركة التنقل الداخلية تباطؤاً كبيراً.

وبعد أن سجلت حالات الشفاء زيادة بالقياس إلى حالات الإصابة، كشفت الحكومة عن سعيها لإعادة فتح الاقتصاد مرة ثانية، للحد من تداعيات الإغلاق.

ونقلت وكالة “رويترز” للأنباء، عن مسؤول تركي وصفته بالكبير، أمس الثلاثاء، قوله: إن الحكومة تسعى لبدء إعادة فتح الاقتصاد في نهاية مايو المقبل، بعدما تباطأ بشدة بسبب إجراءات احتواء تفشي الفيروس.

وأضاف: أن المسؤولين سيسعون لتجنب موجة ثانية من العدوى.

وتابع المسؤول التركي: حين ننظر في عدد حالات الإصابة والوفيات نشعر أننا وصلنا لنقطة إيجابية، وأن هناك إمكانية لإعادة فتح الاقتصاد حتى هذه اللحظة.

وأشار إلى أن الدراسات في الآونة الأخيرة تؤكد إمكانية إعادة فتح الاقتصاد، وسنتخذ خطوات لإعادة الفتح دون السماح بموجة ثانية من العدوى.

ونوه المسؤول إلى أن مجلس الوزراء التركي ناقش، الإثنين الماضي، إدخال مزيد من التعديلات الضريبية المحتملة والحوافز لحماية الوظائف، وخفض تكاليف الشركات، مستدركاً أن الحكومة تستهدف تعزيز قطاعي السياحة والطيران المتضررين بشدة، وذلك سيسمح بتحقيق قراءات إيجابية للناتج المحلي الإجمالي في النصف الثاني من العام، ما سيؤدي إلى تقليل الانكماش السنوي هذا العام.

انكماش محدود

وكانت تقارير اقتصادية دولية قللت من حجم المخاطر التي يمكن أن يتعرض لها الاقتصاد التركي، وقال بنك “بي أن بي باريبا” الفرنسي: إن الانكماش الاقتصادي في تركيا هذا العام سيكون محدوداً لأن البلاد لم تصل إلى حد الإغلاق الواسع النطاق لمكافحة كورونا.

ونقل موقع “فاكس ستريت” لتحليل العملات، عن فرانسوا فور من بنك “بي أن بي باريبا”، قوله: إن الاقتصاد التركي قد أظهر قوة ومرونة جيدة خلال الشهرين الماضيين.

وأضاف: أن الحكومة التركية لم تفرض إغلاقاً عاماً، ومن ثم فإن صدمة العرض أقل حدة من الاقتصادات الأوروبية الأخرى.

وكان وزير المالية التركي براءة البيرق، أعلن في وقت سابق، أن قيمة الخطوات التي تتخذها الحكومة التركية لدعم الاقتصاد في مواجهة جائحة كورونا بلغت 200 مليار ليرة (28.7 مليار دولار).

وأضاف البيرق في تسجيل مصور نشره عبر موقع التدوينات القصيرة “تويتر”: أن هذه الإجراءات تشمل تمويلاً يصل إلى 107.4 مليار ليرة لنحو 120 ألف شركة لدعمها في مواجهة الجائحة، كما جرى تخصيص 16.8 مليار ليرة إضافية لدعم التجار.

وصرح الوزير بأن 4.4 مليون أسرة حصلت على دعم مالي بقيمة ألف ليرة لكل منها، وجرى تخصيص 22.3 مليار ليرة في المجمل لتوفير الاحتياجات الأساسية لنحو أربعة ملايين مواطن.

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أعلن في 18 مارس الماضي، عن حزمة بقيمة 100 مليار ليرة لدعم الاقتصاد، وأرجأ مدفوعات الدين وخفض العبء الضريبي في بعض القطاعات.

Exit mobile version