احتجاجات بإدلب على فتح معبر مع مناطق النظام خشية من “كورونا”

– هيئة تحرير الشام: الحاجة ماسة لفتح المعبر بعد توقف حركة التجارة وتصدير البضائع

– أبو الخير: افتتاح المعبر سيشكل دعماً اقتصادياً للنظام في ظل أزمة تعصف باقتصاده

– مراقبون: افتتاح هيئة تحرير الشام لمعبر تجاري مع مناطق سيطرة نظام الأسد سيكون ضربة لتركيا لصالح النظام

 

تظاهر جمع غفير من السوريين، قرب مدينة سرمين وطريقها المؤدية نحو مدينة سراقب، التي تبعد 6 كم عن مركز محافظة إدلب شمال سورية، أمس السبت، احتجاجاً على عزم هيئة تحرير الشام افتتاح معبر تجاري بين مناطق سيطرة المعارضة ومناطق سيطرة النظام السوري في ريف إدلب.

وقالت مصادر محلية لـ”المجتمع”: إن مدنيين تجمهروا قرب مدينة سرمين؛ احتجاجاً على اعتزام فتح المعبر، ما دفع مجموعة من عناصر هيئة تحرير الشام إلى تفريقهم، مهددة إياهم بالاعتقال.

وأشارت المصادر إلى أن التجمع الاحتجاجي جاء تلبية لدعوات أطلقها عبر مواقع التواصل الاجتماعي العديد من الفعاليات المدنية في الشمال السوري رفضت الخطوة.

مبررات الرفض

وعن السبب الذي يدفع أهالي محافظة إدلب لرفض فتح معبر جديد مع مناطق نظام الأسد، يقول الطبيب السوري علي إدلبي: إن مثل هذه المعابر ستكون خطراً كبيراً على الأمن الصحي في الشمال السوري، بسبب تفشي فيروس كورونا في مناطق سيطرة النظام، بخلاف مناطق سيطرة المعارضة.

وأضاف إدلبي، في حديثه لـ”المجتمع”، أن البضائع التي ستأتي من المناطق الموبوءة بالفيروس ستكون سبباً لدخول كورونا إلى الشمال، فيما لو تم افتتاح المعبر.

وأشار عضو نقابة أطباء الشمال المحرر إلى أن عدم وجود وسائل تعقيم، وفي ظل تواضع إمكانات فصائل المعارضة الصحية، سيجعل من تعقيم الحاويات التي تحمل البضائع سيكون بحكم المستحيل، وبالتالي يصبح السيطرة على عدم دخول الفيروس صعباً جداً.

وفي سياق متصل، أصدر أهالي معرة النعمان وفعالياتها المدنية بياناً عبروا فيه عن رفضهم لفتح المعبر، معتبرين أنه سيكون دعماً اقتصادياً مجانياً للنظام.

وجاء في البيان أن افتتاح معبر مع قوات النظام سيكون طعنة لثورتنا المباركة وخيانة لدماء شهدائنا، كما أن الخطوة طوق نجاة لنظام يترنح تحت أزمته الاقتصادية، وربما يكون هذا المعبر البوابة التي يصل بها وباء كورونا للمناطق المحررة.

جدير بالذكر أن الإحصاءات الرسمية الصادرة عن وزارة الصحة في حكومة النظام السوري تشير إلى أن عدد المصابين بالفيروس وصل إلى 38 حالة، فيما يتوقع خبراء صحة سوريون أن يكون هذا الرقم غير دقيق، متوقعين أن تكون الأرقام أكبر من ذلك بكثير، في ظل التواصل الدائم بين مناطق سيطرة النظام وإيران، التي تعد دولة موبوءة بالفيروس.

مبررات افتتاح المعبر

هيئة تحرير الشام ردت على الاعتراضات الموجهة لخطوة فتح المعبر بالإشارة إلى أن أسباباً اقتصادية بحتة هي التي تقف وراء هذا الأمر.

وقال تقي الدين عمر، مدير مكتب العلاقات الإعلامية في الهيئة: إن المعبر تجاري ولا خطورة من فتحه، فالحاجة ماسة له بعد توقف حركة التجارة وتصدير البضائع.

وتابع، في تصريح صحفي، أن الحفاظ على الأمن الغذائي، واستمرار الإنتاج الغذائي الذي يوفر معظم احتياجات الناس، لا يكون إلا بتصريف هذه المنتجات والمحاصيل، ولا مكان لها إلا باتجاه مناطق سيطرة العدو سواء كان ترانزيت أو لمنطقة حماة وما حولها.

وأضاف عمر أن افتتاح المعبر يأتي تلبية لرغبة تجار إدلب، الذين اشتكوا للهيئة من كساد المنتجات والمحاصيل الزراعية، معتبراً أن هذه البضائع لا تؤثر على تحسن اقتصاد النظام، خصوصاً مع سقوط المناطق الزراعية في الشمال السوري في قبضته بعد الحملة العسكرية الأخيرة.

وبخصوص المخاوف من انتقال فيروس كورونا، أشار المسؤول الإعلامي في الهيئة إلى أن المعبر سيفتح من الاتجاهين، مع إجراءات للتعقيم، ولن يتم السماح بانتقال السواق والتجار من منطقة إلى أخرى.

الناشط السوري شادي أبو الخير، اعتبر أن افتتاح المعبر سيشكل دعماً اقتصادياً للنظام، في ظل أزمة تعصف باقتصاده سببها تراجع مداخيل مصرف سورية المركزي من العملة الصعبة، بعد تراجع عمليات التبادل التجاري بسبب المعارك وإغلاق الطرق خلال الفترة الماضية، التي زادها حدة إغلاق المنافذ البرية والبحرية والجوية بسبب الأزمة العالمية التي سببها انتشار فيروس كورونا.

واستدرك أبو الخير، في حديثه لـ”المجتمع”، أن عودة الحركة التجارية ستكون سبباً في تعافٍ ولو نسبي من تداعيات الأزمة المالية، وهو ما سيمكن النظام من إعادة التفكير في استئناف المعارك وقضم أجزاء أخرى من مناطق سيطرة المعارضة.

وتابع أن الأولوية في هذه المرحلة يجب أن تكون لعودة 1.7 مليون نازح تركوا منازلهم وقراهم، وخرجوا من أرياف إدلب الجنوبية والشرقية، وحلب الغربية والجنوبية، وحماة الشمالية والغربية، خلال الحملات العسكرية الأخيرة.

يشار إلى أن الضغوط الشعبية أدت إلى تراجع هيئة تحرير الشام عن خطوة افتتاح المعبر، وقال مسؤول إعلامي يدعى أبو أحمد، في بيان: إن الهيئة قررت عدم فتح المعبر إلى حين انتهاء أزمة كورونا، أو تغير الخريطة الجغرافية إيجاباً، أو إيجاد منطقة أخرى يمكن افتتاح منفذ فيها ومتنفس تجاري للمنطقة بعد انتهاء أزمة كورونا.

وتحدث عن أن الهيئة كانت تدرس القرار منذ أكثر من يومين، وصدر القرار النهائي بعدم فتح المعبر.

ويرى مراقبون أن افتتاح هيئة تحرير الشام لمعبر تجاري مع مناطق سيطرة نظام الأسد سيكون ضربة لتركيا لصالح النظام، بسبب اعتماد مناطق سيطرة المعارضة في إدلب على التبادل التجاري الكبير مع تركيا، نظراً لعدم وجود خيارات أخرى أمامها سوى مناطق سيطرة المعارضة.

وكانت قوات النظام مدعومة بمليشيات إيرانية، ودعم جوي روسي، تمكنت من قضم مساحات واسعة من مناطق سيطرة المعارضة السورية في محافظة إدلب، وأجزاء من أرياف حماة الشمالي والغربي، وحلب الجنوبي والغربي، واللاذقية الشرقي، عبر حملات عسكرية متعددة بدأت منذ أبريل من العام الماضي، وانتهت في 5 مارس الماضي، بتوقيع الاتفاق الروسي التركي القاضي بوقف إطلاق النار.

Exit mobile version