“داعش” يستغل عزلة كورونا لكسب الأنصار إلكترونياً في العراق

– الشماع: عودة حسابات التنظيم في وسائل التواصل للنشاط مؤشر خطير على احتمال عودته بقوة إلى الميدان

– الجبوري: القوات الأمنية سجلت أكثر من 50 هجوماً وتحركاً لـ”داعش” خلال الأسبوعين الماضيين

 

دفعت العزلة الاجتماعية التي فرضها انتشار فيروس كورونا الناس حول العالم إلى اللجوء لشبكة الإنترنت لقضاء الوقت، خصوصاً عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت مفردة مهمة من مفردات الحياة المعاصرة.

وكشف تقرير صادر عن “مجلة الأعمال اليوم” الأمريكية، أن 75% من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي حول العالم يقضون كثيراً من أوقاتهم على مواقع وتطبيقات مثل “فيسبوك” و”تويتر” و”واتس آب”، بعد تطبيق تدابير منع انتشار جائحة كورونا.

تقرير عراقي يحذر

ازدياد عدد مستخدمي التواصل الاجتماعي، والساعات التي يقضيها المستخدمون عليها، شكل فرصة ذهبية للأطراف التي تريد أن تروج أفكارها، وعلى رأسها تنظيم الدولة (داعش)، الذي عاد للنشاط وكسب الأنصار في العراق، بحسب تقرير حكومي عراقي.

وقال مركز الإعلام الرقمي التابع للحكومة العراقية، أمس الخميس: إن تنظيم “داعش” عاود نشاطه عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مؤكداً تنامي حسابات أعضائه وأنصارهم بشكل متسارع.

وذكر، في بيان، أن هذه العودة جاءت خلال الأشهر الماضية التي رافقت أزمة جائحة كورونا، وأدت إلى تأخير استجابة دعم موقع “فيسبوك” لطلبات حذف الحسابات.

وأوضح أن عناصر تنظيم “داعش” ومن يساندونهم استغلوا الفرصة وبدؤوا بإنشاء حسابات جديدة، أو إعادة تفعيل حسابات قديمة، وقاموا بنشر عملياتهم والترويج لها عبر المنصة”.

وحذر المركز، في بيانه، المستخدمين من التفاعل مع هذه المنشورات حتى لو كان بانتقادها من خلال التعليقات أو مشاركتها، مما يؤدي إلى الترويج المجاني لها دون قصد، مطالباً شركة “فيسبوك” بضرورة إيقاف هذه الحسابات وإغلاقها فوراً.

ودعا البيان إلى ضرورة تضافر كل الجهود لمواجهة المد الإرهابي من خلال التبليغ المكثف على هذه الحساب لتسهيل مهام “فيسبوك” في إغلاقها.

وأشار إلى أن إدارة موقع “فيسبوك” كانت قد أغلقت آلاف الحسابات على منصته خلال السنوات الماضية، وكان الإغلاق يتم بعد التبليغ عنها من قبل المستخدمين بدقائق.

الناشط العراقي، أيمن الشماع، اعتبر أن عودة حسابات التنظيم في وسائل التواصل الاجتماعي للنشاط مؤشر خطير على احتمال عودته بقوة إلى الميدان.

وقال الشماع لـ”المجتمع”: إن الإحصائيات تشير إلى وجود 28 مليون عراقي ناشط على “فيسبوك”، والأكثر نشاطاً هم الفئة العمرية 16 – 30 عاماً، وعند مراجعة منشورات الحسابات المرتبطة بالتنظيم أو القريبة منه نجد دعاية تركز على هذه الفئة.

واستدرك أن مسألة الفساد، وتعثر العملية السياسية، وتدخل إيران وأمريكا في الأحداث العراقية استغلت بشكل كبير في الدعاية، لحث المتابعين على التمرد على العملية السياسية.

الشماع طالب الحكومة العراقية بـ”ضرورة التحرك لإغلاق الحسابات المرتبطة بالتنظيم، ودعم المؤسسات الشبابية ليكون لها مشاريع هادفة عبر وسائل التواصل الاجتماعي”.

جدير بالذكر أن “تنظيم الدولة” استخدم وسائل التواصل الاجتماعي في السنوات الماضية، لنشر الدعاية لما يقوم به من إجراءات في المناطق التي سيطر عليها عام 2014 في العراق وسورية، كما قام التنظيم بتجنيد أعضاء من عدة دول غربية بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية وكندا، ودول الاتحاد الأوروبي، وتبنت هذه المجاميع عدة عمليات مثل الهجمات التي حدثت في فرنسا، بشهر يناير 2015، والهجوم على نادٍ ليلي في “أورلاندو” وسط ولاية فلوريدا الأمريكية.

عمليات ميدانية خاطفة

تأتي هذه التطورات في ظل تصاعد لعميات “تنظيم الدولة” في العراق خلال الأشهر الماضية، بمحافظات كركوك وديالى وصلاح الدين، التي سجلت خلال الفترة الأخيرة عدداً من الهجمات المتعاقبة استهدفت مدنيين وعناصر أمن.

حيث لا يزال التنظيم يتمتع بحرية حركة نسبية عبر مجاميع مسلحة وخلايا نائمة، تواصل شن هجمات متقطعة في المناطق الهشة أمنياً بالعراق وسورية، وذكر تقرير صادر عن وزارة الدفاع الأمريكية، في أغسطس 2018، أن “داعش” لا يزال يحتفظ بما لا يقل عن 30 ألف مقاتل في سورية والعراق.

وكشف النقيب حواس الجبوري، الذي يعمل في قيادة عمليات الجزيرة، لـ”المجتمع”، أن القوات الأمنية سجلت أكثر من 50 هجوماً وتحركاً لـ”داعش” خلال الأسبوعين الماضيين، وشهد الشهر الماضي 20 هجوماً على مراكز للقوات الأمنية.

وأضاف: العناصر الإرهابية تستغل انشغال القوات الأمنية بتوزيع المساعدات، والعمل على فرض حظر التجوال وإجراءات العزل الصحي لتوسيع عملياتهم.

وتابع حواس أن القوى الأمنية تشن عمليات دهم وتفتيش بين فترة وأخرى، وتصل إلى مخابئ سرية للتنظيم في المناطق الريفية النائية، وهذه العمليات لا تخلو من خطورة، حيث فجر عناصر التنظيم نفقاً في تلال حمرين الممتدة من محافظة ديالى الواقعة 60 كم شرقي بغداد، إلى مدينة كركوك الغنية بالنفط، دخل إليه ضابط و6 جنود بحثاً عن عناصر التنظيم، واستشهدوا جميعهم.

وكان مسؤولون في وكالة المخابرات الأمريكية حذروا، في وقت سابق، من أن مقتل زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي، في غارة أمريكية يوم 26 أكتوبر الماضي، لم يقوّض قدرته على شن الهجمات، مشيرين إلى أن التنظيم حافظ على تماسك وسلامة بنيته التنظيمية، ومنظومة القيادة والسيطرة فيه، بالإضافة إلى أن العديد من فروعه لا تزال تمارس نشاطاتها العسكرية والأمنية في دول عدة.

يشار إلى أن الحكومة العراقية أعلنت، في ديسمبر 2017، هزيمة “تنظيم الدولة” رسمياً، واستعادة السيطرة بشكل كامل على المدن التي سيطر عليها عام 2014.

Exit mobile version