قلة الوعي وضعف الأداء الحكومي ينذران بكارثة بسبب “كورونا” في العراق

حذرت المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق، أمس الإثنين، من حدوث كارثة في البلاد، بسبب التراخي في التعامل مع جائحة وباء كورنا التي تجتاح العالم، حيث فرضت خلية الأزمة الحكومية منعاً للتجوال في البلاد، إلا أن الاستجابة كانت ضعيفة جداً، خصوصاً بعد أن تجاوز الزوار الشيعة لمزار موسى الكاظم وسط العاصمة بغداد، إجراءات الحظر، وتوافدوا على المرقد بأعداد قدرت بعشرات الآلاف، دون أن تتمكن القوات الأمنية من منعهم.

وقالت المفوضية، في بيان: إن عدم تفاعل المواطنين مع الإجراءات والقرارات التي وضعتها خلية الأزمة، وعدم التزامهم بحظر التجوال، يشكل خطراً على الصحة العامة ويساعد على تفشي الفيروس.

وأضاف البيان: نحن نعيش حالياً في وضع طارئ، وإذا لم يستجب المواطنون للإجراءات والقرارات، فإن العراق سيشهد ارتفاعاً بنسبة الإصابات والوفيات في الأسبوع المقبل، وهي مدة الانتهاء من حضانة فيروس كورونا.

ودعت المفوضية، في بيانها، القوات الأمنية إلى ضرورة الاستجابة للاستثناءات التي وضعتها خلية الأزمة، خصوصاً التعاون مع الكوادر الصحية وسهولة نقلها من مكان إلى آخر، ووصولها إلى المستشفيات والمراكز الصحية.

الصحة تحذر

وفي ذات السياق، جاءت تحذيرات المتحدث باسم وزارة الصحة العراقية سيف البدر، حيث دعا الشيعة لتأجيل زيارتهم وقال مخاطباً الزائرين: أرجوكم، نحن في خطر داهم يهدد حياتنا وحياة أطفالنا، يجب أن تلزموا بيوتكم، ويجب أن تلتزموا بتعليمات وزارة الصحة، مضيفاً: الزيارة مستحبة لكن حفظ الأرواح واجب.

وأضاف المتحدث، في بيان، مخاطباً الزائرين: عملياً أنت تقتل جارك وزميلك وشريكك في العيش من خلال نقل العدوى له، وقد قالها وزير الصحة بوضوح؛ إذا لم يتم إيقاف الزيارة فسوف تكون هناك حالات تفشٍّ للوباء قد يصعب السيطرة عليها.

فشل قوات الأمن في منع الزيارة دفع وزارة الصحة العراقية لمناشدة من قاموا بها بعزل أنفسهم اختيارياً، ليتسنى لفرقها متابعة حالتهم الصحية ولحماية عوائلهم ومناطقهم من احتمالية انتقال العدوى وتفشي الوباء.

وقالت، في بيان، بعد انتهاء مراسم إحياء ذكرى وفاة موسى الكاظم: على كل من شارك في الزيارة الالتزام بالحجر المنزلي لمدة أسبوعين.

وتابع البيان: نهيب بالمواطنين الأعزاء الالتزام بالحظر الشامل لحركة الأفراد ومنع التنقل والتجمعات وخاصة بعد انتهاء مراسيم الزيارة.

من جهته، كشف ممثل منظمة الصحة العالمية في العراق، عدنان نوار، عن أن العراق لا يمتلك المقومات للسيطرة على فيروس كورونا، في حال أصبح وباءً في البلاد.

وقال نوار، في تصريح لوسائل الإعلام المحلية: إن دولاً متطورة مثل إيطاليا وغيرها، لديها بنى تحتية بشكل جيد، ورغم ذلك خرج موضوع فيروس كورونا عن سيطرتها، وأصبحت في موقف لا تحسد عليه، فبكل تأكيد البنى التحتية في العراق متهالكة، لكن قد تحصل معجزة إلهية ولا يصل العراق لمرحلة الوباء.

وأضاف أالأسابيع القادمة ستبين لنا موقف الوباء في العراق، وفي حال حدوثه، فالمؤسسات الصحية في العراق لا يمكن لها أن تتحمل هذه الأزمة، ولهذا نحن نعول على وعي المواطن بجلوسه في البيت، من أجل تقليل عدد الإصابات بفيروس كورونا.

وبهدف استيعاب حجم الأزمة، سعت الدبلوماسية العراقية لاستجلاب الدعم الأممي، حيث بحث وزير الخارجية العراقي محمد علي الحكيم، مع الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين هينس بلاسخارت، سبل تعزيز التعاون الثنائي بين بغداد وبعثة الأمم المتحدة بهذا الخصوص.

وذكرت الوكالة الوطنية العراقية للأنباء (نينا) أن بلاسخارت أعربت عن استعداد البعثة الأممية لدى بغداد لتقديم الدعم إلى العراق في إطار تعزيز جهود مكافحة فيروس كورونا.

نقاط ضعف

الباحث في مركز ابن النفيس للدراسات الطبية، د. عبدالبر الآلوسي، أكد أن تفشي الفيروس في العراق سببه غياب الوعي الاجتماعي بالمخاطر، حيث يمارس الناس حياتهم بشكل طبيعي، في الوقت الذي يعيش العالم بأسره عزلة اختيارية.

وأضاف، في حديثه لـ”المجتمع”: إن هناك نقطتي ضعف في النظام الصحي العراقي، تساهمان في التفشي وضعف المكافحة، الأولى: ضعف إجراءات الفحص المخبرية التي لا تتناسب مع حجم مخاطر تفشي الفيروس، حيث يتم إجراء من 60 – 130 فحص في اليوم، وهو عد قليل جداً بالقياس إلى عدد السكان.

وتابع: زيارة الكاظم في بغداد التي قصدها عشرات الآلاف من كل أنحاء العراق، تجعل الحاجة لإجراء الفحوصات ملحة بشكل أوسع وأكبر، مؤكداً أن الحالات غير المكتشفة التي تتأخر فيها ظهور علامات المرض قد تساهم في نقل العدوى إلى عائلاتها وأقاربها والمحيط بها.

وبخصوص نقطة الضعف الثانية، يقول الآلوسي: هي مرتبطة بنظام الرقابة الصحية على الوافدين إلى العراق، خصوصاً من الجارة إيران التي تتصدر دول العالم في حجم التفشي، وهناك نحو 10 آلاف عراقي عادوا من إيران بعد تفشي الفيروس ولم يخضع أي منهم للفحص.

واستدرك: كما أن هناك عمليات دخول للأراضي العراقية من قبل الإيرانيين القاصدين للمراقد، الذين يدخلون بشكل غير شرعي عبر المعابر مستغلين الفساد المنتشر فيها، ويقدر عدد هؤلاء بحوالي 250 شخصاً في اليوم على الأقل، وهؤلاء يدخلون من دون إجراء فحص طبي، وهو ما يزيد من حجم الكارثة.

جدير بالذكر أن مجموع عدد الإصابات المشخصة في العراق بفيروس كورونا المستجد، بلغت إلى 266، منها 62 حالة شفاء، و23 حالة وفاة.

بحسب آخر إحصائية لوزارة الصحة العراقية، التي أعلنت، أمس الإثنين، عن تشخيص 33 حالة جديدة للإصابة بالفيروس، وذكرت في بيان أنها توزعت بين بغداد والنجف والبصرة ونينوى والسليمانية وأربيل، وفي العاصمة بغداد شخصت 7 حالات؛ 3 منها في الرصافة، واثنتان في الكرخ، واثنتان بمدينة الطب، إضافةً إلى اثنتين في النجف، وواحدة في البصرة، وواحدة في نينوى، و10 في السليمانية، و12 في أربيل.

وتم تسجيل 3 وفيات جديدة في كل من الرصافة والبصرة وديالى، كما تم تسجيل 5 حالات شفاء تام جديدة؛ 3 في مدينة الطب، وحالة في ميسان، وحالة في كربلاء، بحسب الوزارة.

Exit mobile version