تركيا تعزز قواتها بإدلب تحسباً لخرق النظام السوري وقف إطلاق النار

دخل وقف إطلاق النار والوقف المتواصل للقصف الجوي منذ 6 مارس الجاري، في محافظة إدلب ومحيطها يومه الـ17 على التوالي، مع استمرار قوات النظام في خرق الاتفاق بين الحين والآخر، حيث أشارت مصادر المعارضة السورية إلى أن قوات النظام قصفت، ليل السبت/ الأحد، قرى عدة في ريف المحافظة.

الخروقات المستمرة دفعت المراقبين لوصف الهدوء في إدلب بـ”الحذر”، في ظل مخاوف حقيقية من احتمالات سعي النظام والمليشيات العراقية والإيرانية الداعمة له لخرق إطلاق النار، والاستمرار في العملية العسكرية بهدف فرض واقع جديد على الأرض، في ظل دعم روسي غير محدود.

تعزيزات تركية

المخاوف من احتمالات خرق نظام الأسد الهدنة دفعت أنقرة لتعزيز تواجدها على مختلف الجبهات في إدلب، وأشار المرصد السوري لحقوق الإنسان، في بيان إلى أن القوات التركية استقدمت رتلين عسكريين جديدين، اتجه أحدهما غرباً نحو مدينة جسر الشغور، مستقراً في قرية المشيرفة.

وبحسب البيان: دخلت نحو 110 آليات عسكرية على دفعتين عبر معبر كفرلوسين الحدودي شمالي المحافظة، واتجهت نحو المواقع التركية في المنطقة.

وأوضح المرصد أن عدد الآليات التي دخلت الأراضي السورية منذ بدء وقف إطلاق النار الجديد بلغ 1400 آلية، بالإضافة لآلاف الجنود.

وتابع البيان: ارتفع عدد الشاحنات والآليات العسكرية التي وصلت منطقة خفض التصعيد خلال الفترة الممتدة من الثاني من فبراير إلى أكثر من 4800 شاحنة وآلية عسكرية تركية، تحمل دبابات وناقلات جند ومدرعات وكبائن حراسة متنقلة مضادة للرصاص، ورادارات عسكرية، فيما بلغ عدد الجنود الأتراك الذين انتشروا في إدلب وحلب خلال نفس الفترة أكثر 9650 جندياً تركياً.

ووصفت مصادر في المعارضة السورية الرتل التركي بأنه الأضخم بين الأرتال التركية التي توجهت إلى المنطقة منذ توقيع الاتفاق مع الجانب الروسي، ويشير حجم الرتل والعتاد الذي يحمله إلى أن الجيش التركي ينوي إقامة نقطة عسكرية جديدة في المنطقة، في إطار تعزيز وجوده حول الطريق الدولي “أم 4″، خصوصاً أن تلة المشيرفة هي من التلال الحاكمة والمرتفعة شمال الطريق، لإشرافها مباشرة على منطقة سهل الروج بريف إدلب، ومنطقة الغاب بريف حماة.

وسبق للجيش التركي أن أنشأ قبل أيام نقطة عسكرية جديدة، بالقرب من قرية بسنقول، غربي مدينة إدلب، ليصل عدد نقاط المراقبة والانتشار في أرياف إدلب وحماة وحلب إلى نحو 44.

يشار إلى أن الاتفاق بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والروسي فلاديمير بوتين، الذي وقع في 5 مارس الجاري، بالعاصمة الروسية موسكو، نص على وقف إطلاق النار في محافظة إدلب، بالإضافة إلى إنشاء ممر آمن على طول الطريق الدولي حلب – اللاذقية “أم 4″، بعمق 6 كيلومترات من الجنوب ومثلها من الشمال، على أن يتم الاتفاق على معايير لإنشاء الممر بين وزارتي الدفاع التركية والروسية.

وتضمنت الاتفاقية بنداً يقضي بتسيير دوريات مشتركة روسية تركية على الطريق الدولي من بلدة الترنبة غرب سراقب، وصولاً إلى بلدة عين الحور آخر نقطة في إدلب من الغرب، وفي هذا السياق أعلن الجيش التركي أنه سير، السبت، دورية خاصة من دون مشاركة الجانب الروسي، على الطريق الدولي “أم 4″، لتكون الدورية الثالثة من نوعها منذ 15 مارس الجاري، التاريخ الذي اتفق فيه الطرفان على بدء تسيير الدوريات.

مخاوف وتحديات

الخبير العسكري أسعد إسماعيل شهاب يرى أن اتفاق إطلاق النار في إدلب يواجه مخاوف وتحديات حقيقية، بسبب هشاشة الوضع في المنطقة، وأطماع النظام والمليشيات الداعمة له، التي أغراها ما حققته من تقدم في المرحلة الأولى من الحملة العسكرية بفضل الدعم الروسي.

وقال شهاب، في حديثه لـ”المجتمع”: إن قوات النظام وداعميها من المليشيات تستميت للسيطرة على مدينة جسر الشغور الإستراتيجية، بسبب وقوعها على نهر العاصي، وقربها من إدلب إذ لا تبعد أكثر من 50 كيلومتراً عنها، التي خرجت منها بشكل مذل في بدايات عام 2015، مشيراً إلى أن اتفاق موسكو لم يحسم مصيرها، وهو ما جعل شهية النظام مفتوحة للسيطرة عليها، والهدف من ذلك استكمال السيطرة على ريف اللاذقية الشمالي برمته.

وأضاف أن فقرة محاربة الجماعات المتشددة التي ضمنت في كل الاتفاقات بين الأتراك والروس، هي الذريعة التي يستخدمها الروس والنظام لتبرير نقض العهود والمواثيق، لذلك أرجح أن تركيا ستقوم بعملية عسكرية ضد بعض هذه الجماعات وأهمها؛ تنظيم حراس الدين، وجبهة أنصار الدين، وأنصار التوحيد، وجماعة أنصار الإسلام، وهذه المجموعات منضوية تحت لواء أطلقوا عليه غرفة عمليات وحرض المؤمنين، بهدف سحب هذه الذريعة التي يتم بسببها خرق كافة الاتفاقات.

على الطرف المقابل، يراقب النظام السوري التحركات التركية بكثير من الريبة والحذر، فيما تسعى وسائل إعلامه للوقيعة بين الأتراك والروس، حيث اعتبرت صحيفة “الوطن”، التابعة للنظام، التحركات العسكرية التركية أنها لا تنم أبداً عن جدية في تمهيد الطريق كي تسلك شريطه الآمن الدوريات المشتركة الروسية التركية بعمق 6 كيلومترات على طرفيه، وأضافت أن الجانب التركي أقام نقاطاً عسكرية جديدة بمحاذاة الطريق، وصل عددها إلى أكثر من 30 نقطة بذريعة مراقبته، وإبعاد الخطر عنه لتسيير الدوريات المشتركة، من دون التنسيق مع الضامن الروسي للاتفاق، ولكي تصبح أمراً واقعاً يصعب الاستغناء عنه في المدى البعيد، بما يخلق واقعاً ميدانياً يتنافى مع بنود اتفاقي سوتشي وموسكو.

ويؤكد مراقبون أن الاتفاق بين الرئيسين التركي والروسي بخصوص إدلب يواجه الأيام القليلة القادمة تحدياً حاسماً، وأن عودة المعارك محتملة بشكل كبير، نظراً لحجم الحشد والاستنفار في صفوف قوات النظام والمليشيات الداعمة له.

Exit mobile version