إجراءات جديدة لـ”الأعلى للإعلام” تعمق أزمة الصحافة المصرية

عبر عدد من الصحفيين المصريين عن غضبهم ورفضهم للائحة التنفيذية لقانون تنظيم الصحافة الإعلام الصادرة مؤخراً التي تضمنت العديد من المواد والقوانين التي تقيد حرية الصحافة والإعلام بمصر، معتبرين ما جاء بها هو ردة على مواد الدستور المصري التي نصت على حرية الصحافة بمصر خاصة المادة (71) منه.

وشن الصحفيون هجوماً حاداً، في تصريحاتهم لـ”المجتمع”، على رئيس المجلس الأعلى للإعلام مكرم محمد أحمد، واصفين إياه بالمتواطئ الذي يتباكى على حرية الصحافة في وسائل الإعلام من ناحية، ويعمق أزمتها عبر هذه اللائحة من ناحية أخرى، وكذلك نقيب الصحفيين الذي يلوذ بالصمت تجاه أي إجراء يمثل اعتداء على حرية الصحافة.

وكانت اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الصحافة الإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، الصادرة مؤخراً، قد فرضت، بموجب قرار رئيس مجلس الوزراء رقم (418) لسنة 2020، خمسة محظورات على الوسائل الإعلامية والمواقع الإلكترونية الإخبارية، لا يجوز لها إتيانها أثناء ممارستها لعملها بمصر.

وشملت هذه المحظورات التصرف في الوسيلة بالبيع أو الاندماج أو الطرح في البورصة، كذلك التصريح بالتسجيل والتصوير في الأماكن العامة والوسائل الإعلامية والمواقع الإلكترونية التي تعمل خارج مصر بيع وتأجير وتسويق أجهزة البث والمعدات فضلاً عن تركيب وتشغيل أجهزة البث عبر الأقمار الصناعية.

وبخصوص أول محظور، جاء متعلقاً بطبيعة التصرف في الوسائل الإعلامية، حيث نصت المادة (19) من اللائحة على عدم جواز التصرف في الوسيلة الإعلامية أو في حصة منها كلياً أو جزئياً إلى الغير أو الاندماج مع أو في مؤسسة إعلامية أخرى إلا بعد تقديم طلب بذلك إلى المجلس الأعلى والحصول على موافقته الكتابية قبل التصرف، ويقدم الطلب على النموذج الذي يعده المجلس الأعلى لذلك ويرفق به المستندات اللازمة التي يحددها.

وأوجبت المادة الحصول على الموافقة الكتابية للمجلس الأعلى قبل طرح أسهم الوسيلة الإعلامية للتداول في البورصة أو طرحها للاكتتاب العام أو الخاص، وفي جميع الأحوال يكون التصرف قبل الحصول على الموافقة الكتابية للمجلس الأعلى باطلاً.

وبالنسبة للمحظور الثاني، فقد حددت المادة (21) من اللائحة ثاني المحظورات حين نصت على عدم جواز إجراء أي تسجيل أو تصوير أو لقاءات في الأماكن العامة بهدف عرضها على الوسيلة الإعلامية إلا بعد استخراج التصريح اللازم لذلك من المجلس الأعلى.

ويحدد المجلس الأعلى ضوابط وإجراءات وشروط منح التصريح ومدته، بالإضافة إلى تفاصيل أخرى في باقة المحظورات.

ردة على الدستور

وفي تعليقه على هذا الأمر، قال الأمين العام المساعد للمجلس الأعلى للصحافة سابقاً قطب العربي: إن هذه الإجراءات خاصة ما يتعلق بحرية التعبير ومنها التصوير وخلافه وكذلك التراخيص للصحف والمواقع وعدم منح الموافقة إلا بعد الرجوع للجهات الأمنية؛ كل هذا مخالف للدستور وردة عليه، حيث نص على حرية الصحافة وتحديداً في المادة (71) التي نصت بوضوح على حرية تأسيس الصحف وكذلك حرية التعبير؛ وبالتالي تكون الروح العامة لهذه اللائحة هي روح تضييق، حيث منع التصوير إلا بترخيص، وباختصار فهي لائحة تضييقية وتسديدية؛ أي مجرد تنفيذ لوائح بشكل تقليدي.

وأضاف العربي، لـ”المجتمع”: توقيت صدور اللائحة أيضاً غير دستوري؛ حيث صدرت بعد عام ونصف عام، والمفروض تكون بعد ثلاثة أشهر، وروح اللائحة والخبرة تقول: إن المجلس يتبع الطرق القديمة في استهلاك الوقت حتى تأتي الموافقة الأمنية، وهذا هو بيت القصيد، وخلال ستة أعوام لم يصدر ترخيص حتى الآن، في حين أثناء فترة الثورة صدر 70 ترخيصاً خلال عامين ونصف عام.

وحول موقف نقابة الصحفيين، قال العربي: كنت أتمنى أن يكون للنقابة دور، ولكن للأسف ليس لها أي دور، وإذا تحدث نقيب الصحفيين سيكون ضد حرية الصحافة وسيبرر ما يجري.

مضيفاً أن مكرم محمد الذي خرج يتباكى على حرية الصحافة مع أحمد موسى هو نفسه الذي يمارس التضييق على حرية الصحافة عبر هذه اللائحة ونودها.

تعمق أزمة الصحافة

من جانبه، قال عضو اللجنة الحريات بنقابة الصحفيين أحمد فراج: إن هذه اللائحة تكرس لمعاناة الصحافة المصرية وتعمق أزمتها وتقييد حرية التعبير بشكل عام في الصحف ووسائل الإعلام المختلفة، وتحاكي تعليمات وزارة الداخلية، بل وتفعّل بنوداً سابقة وردت في قانون الإرهاب يتعلق بالحصول على إذن من الجهات الأمنية عند القيام بأي تصوير، وكذلك الالتزام ببيانات هذه الجهات؛ وهو ما فعلته هذه اللائحة عملياً من خلال مجلس المنوط به الحفاظ على حرية الصحافة وليس تكميمها.

وأضاف فراج، لـ”المجتمع”: الغريب في الأمر أن كل ما يجري من إجراءات ولوائح في هذا السياق مخالف لدستور 2014 الذي نص في عدة مواد منه على حرية الصحافة تعبيراً وترخيصاً للصحف والمواقع والقنوات الفضائية، ولكن تأتي القوانين التفصيلية واللوائح التنفيذية لتكون مناقضة تماماً لهذه المواد، والأغرب أن من يقوم عليها وعلى تفعيلها رئيس المجلس الأعلى للإعلام، وهو نقيب الصحفيين الأسبق الذي انتقد أوضاع حرية الصحافة بشدة مؤخراً! وعلى الجانب الآخر؛ تظل نقابة الصحفيين ونقيبها في حالة صمت تجاه ما يجري دون أي تعليق، وهي بذلك شريك كامل في هذه الجرائم التي تمارس ضد الصحافة والصحفيين في مصر.

إهانة لنقابة الصحفيين

أما رئيس لجنة الأداء النقابي بنقابة الصحفيين علي القماش، فقد انتقد هذه اللائحة، وقال ساخراً على صفحته بموقع “فيسبوك”: “الأعلى للإعلام” يقول: إنه لا يجوز التصوير في الأماكن العامة إلا بتصريح من المجلس! مضيفاً: “طيب الداخلية واضعة نفس الشرط وقبضت على مصور صحفي يصور أشجار حديقة”!

كما انتقد موقف النقابة قائلاً: مجلس الصحفيين لم يعلق بكلمة واحدة أو يجتمع ويصدر بياناً واضحاً أن النقابة “بقت نيجاتيف”!

كما ربط القماش ما جاء بلائحة المجلس بما يجري داخل نقابة الصحفيين من منع التصوير بها تحت عنوان “مهزلة إهانة الصحفيين أثناء تصوير التلفزيون لأي لقاء معهم في النقابة”، حيث قال: “هل يتصور أحد أن الصحفي لا يملك إجراء حديث تلفزيوني للتلفزيون المصري الرسمي داخل نقابته التي كانت تسمى بيت الصحفيين؟!”.

“هل يتصور أحد أنه في حالة حضور فريق تصوير من التلفزيون المصري يتم “لطع” الإعلاميين على باب النقابة، وإذا دخل أحدهم مع صحفي يحضر موظف الأمن بلبسه الأمني ويقف فوق دماغ الصحفي ويأمره بإخراج الكاميرات إلى خارج المبنى في مشهد مهين للصحفي أمام ضيوفه، وكأنه يقول له: لو لم تفعل هذا “هجرجرك” أنت وبتوع التلفزيون؟!”.

واصفاً ما يجري بالمهانة التي لم تحدث في تاريخ النقابة من قبل.

Exit mobile version