الحشد الشعبي يستنفر بعد ضربات أمريكية طالت مقراته في العراق

أعلنت هيئة الحشد الشعبي في العراق، اليوم السبت، النفير العام وحالة التأهب القصوى بين صفوف مقاتليها، بعد الضربات الجوية الأمريكية التي طالت خمسة مقرات تابعة له في مناطق؛ جرف الصخر جنوب العاصمة بغداد، وأخرى في محافظات صلاح الدين وبابل والبصرة، كما استهدفت مطاراً للحشد في كربلاء تحت الإنشاء.

وجاء القصف رداً على هجوم صاروخي على معسكر التاجي، أول أمس الخميس، تتواجد فيه قوات التحالف، أدى إلى مقتل ثلاثة من تلك القوات؛ أمريكيَّيْن وبريطاني، كما أصيب 12 آخرون، وتعهدت واشنطن وبريطانيا بمحاسبة مرتكبي الهجوم.

ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن تنفيذ الهجوم على قاعدة التاجي، لكن الاتهامات توجه إلى فصائل الحشد التي صعدت عملياتها ضد المصالح الأمريكية في العراق، عقب اغتيال واشنطن قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني، ونائب قائد مليشيا الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس، مطلع العام الجاري.

العراق يحتج

الرئيس العراقي برهم صالح اعتبر الهجوم الأمريكي انتهاكاً لسيادة العراق، قد يجعل منه “دولة فاشلة” وهو ما يهدد بعودة “تنظيم الدولة” من جديد.

واعتبرت الرئاسة العراقية، في بيان: أن معالجة الوضع الأمني ​​تأتي من دعم الحكومة العراقية في القيام بواجباتها، وتعزيز قدراتها وإرادتها لتطبيق القانون وحماية السيادة، ومنع تحولها إلى مناطق حرب بالوكالة.

ودعت الرئاسة العراقية المجتمع الدولي لـ”دعم العراق في هذا المسعى واحترام سيادته وقراراته الوطنية المستقلة”.

من جهتها، أعلنت وزارة الخارجية العراقية أنها ستتوجه بشكوى ضد الولايات المتحدة الأمريكية في مجلس الأمن، واتهمت واشنطن باستهداف مقار حكومية أمنية ومدنية.

وقالت الخارجية العراقية: إن القصف الأمريكي يقوّض جهود مكافحة الإرهاب ويخل بالاتفاق بين العراق والتحالف الدولي، واستدعت الخارجية سفيري الولايات المتحدة وبريطانيا احتجاجاً على القصف.

إيران المتهمة بدعم الفصائل المسلحة التي تستهدف المصالح الأمريكية في العراق حذرت الرئيس الأمريكي دونالد ترمب من قيامه بأفعال وصفتها بـ”الخطيرة”، داعية واشنطن لإعادة النظر في سلوك قواتها في المنطقة.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية عباس موسوي: إن الولايات المتحدة لا يمكنها أن توجه أصابع الاتهام لآخرين، فوجودها في العراق غير شرعي.

من جهته، قال الجيش الأمريكي: إنه استهدف منشآت استخدمتها كتائب موالية لإيران للهجوم على قواته في العراق، وأكدت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) أن الجيش الأمريكي نفذ “ضربات دفاعية دقيقة ضد مواقع جماعات مدعومة من إيران في أنحاء العراق”.

واعتبر قائد القيادة المركزية الأمريكية الجنرال كينيث ماكينزي، في مؤتمر صحفي، أن التهديد الذي تمثله إيران لا يزال كبيراً، وذلك على الرغم من تعبيره عن اعتقاده بأن الضربات الأمريكية، التي استهدفت خمسة مواقع، ستردع “الهجمات المستقبلية المماثلة”.

وأضاف ماكينزي: أعتقد أن التهديد لا يزال مرتفعاً بشدة، وأرى أن التوتر لم ينخفض في الواقع، فبعد مقتل سليماني أصبح من الأصعب على إيران اتخاذ قرارات وإصدار توجيهات الحرب بالوكالة.

وتابع قائد القيادة المركزية الأمريكية أن الضربات في العراق تبعث رسالة واضحة بأن الولايات المتحدة لن تتهاون مع الهجمات الإيرانية غير المباشرة، بأسلحة توفرها إيران.

وأشار إلى أن بلاده تجري عملية نقل صواريخ باتريوت إلى العراق وستكون جاهزة خلال أيام، مستدركاً أن حاملتي طائرات ستواصلان العمل في منطقة القيادة المركزية.

وأعرب ماكينزي عن اعتقاده أن العراق يدرك قيمة القوات الأمريكية في التصدي لتنظيم “داعش”، وأن الولايات المتحدة ستتمكن من المحافظة على وجودها في العراق.

وفي ذات السياق، قال وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب: إن الرد الذي قادته الولايات المتحدة كان سريعاً وحاسماً ومتناسباً، منوهاً إلى أن على كل من يسعى لإلحاق الأذى بقوات التحالف أن يتوقع رداً قوياً.

أزمة سياسية

الضربة الأمريكية ألقت بظلالها على عملية تشكيل الحكومة الجديدة، وأضافت المزيد من التأزم على المسألة، حيث أجلت القوى السياسية اجتماعاً كان من المفترض أن يعقد صباح أمس الجمعة، للاتفاق على أحد المرشحين المطروحة أسماؤهم للمنصب، لكن تم إلغاء الاجتماع دون تحديد موعد لاحق لعقده، وهو ما يؤزم الوضع أكثر حيث لم يتبق على المهلة الدستورية لتسمية رئيس للحكومة سوى ثلاثة أيام.

تحالف “سائرون” التابع لمقتدى الصدر اعتبر أن الأزمة السياسية تسببت بإضعاف هيبة الدولة، وقدرتها على مواجهة التحديات.

ودعا النائب في البرلمان عن الكتلة سلام الشمري، في بيان، إلى ضرورة توحيد الموقف السياسي والحكومة من أجل تعزيز هيبة الدولة، وصيانة السيادة الوطنية بلا تجاوزات مستقبلية.

وأضاف أن الاعتداءات والتجاوزات المتكررة على المنشآت الحكومية دليل واضح على غياب الموقف الحكومي المسؤول تجاهها.

وتابع الشمري أن بقاء الأوضاع السياسية دون حلول سريعة، سيفسح المجال أمام استمرار خرق السيادة، وإضعاف القرار الحكومي داخلياً وخارجياً.

أثيل النجيفي، القيادي في جبهة “الإنقاذ والتنمية” السُّنية، دعا القوى السياسية إلى تجنيب العراق الدخول في الصراعات الإقليمية.

وقال في تصريح صحفي: بعدما فقدت الدولة العراقية السيطرة على السلاح، فأقل ما تفعله هو تجنيب الشعب العراقي الدخول كطرف في الصراع الأمريكي الإيراني.

في السياق، تحدث تحالف “الفتح” الذي يتزعمه القيادي في الحشد الشعبي هادي العامري، عن احتمال حسم قضية اختيار رئيس الوزراء الجديد خلال اليومين القادمين.

وقال في بيان: يوجد طرح من قبل القوى السياسية الشيعية لمنح الثقة لعادل عبدالمهدي من جديد، لحين إجراء الانتخابات المبكرة، لكن هذا الطرح لم يتم الاتفاق عليه بشكل نهائي أو رفضه.

وأضاف البيان أن الحوارات بين الكتل السياسية مستمرة، موضحاً أن الخيار المطروح سيكون إما مرشحاً مستقلاً، أو إعادة تكليف عبدالمهدي.

Exit mobile version