«المجتمع».. 50 عاماً في خدمة القضية الفلسطينية

أولاً: تغطية «المجتمع» لأخبار فلسطين:2020-03-09_11h48_13.jpg

أوضحت المجلة منذ صدور عددها الأول بأنها مجلة إسلامية أسبوعية، وأكدت أنها تكتب في كل القضايا التي تهم أمتنا، فالمسلم إنسان يعيش في مجتمعه ولن يتخلى عن قضاياه، واهتمت «المجتمع» بتغطية أخبار فلسطين منذ صدورها عام 1390هـ/ 1970م، وأفردت أعداداً متتابعة لمتابعة القضية خاصة في أوقات الأزمات، ومن ذلك:

عندما ارتُكبتْ مذبحة صبرا وشاتيلا للاجئين الفلسطينيين في لبنان، 16 سبتمبر 1982م، وراح ضحيتها أكثر من ألف فلسطيني، قامت «المجتمع» بتغطية المجزرة. (العدد (589) الثلاثاء 18 من ذي الحجة 1402هـ/ 5 أكتوبر 1982م، ص18، ص49). 

وعندما اشتعلت الانتفاضة الفلسطينية عام 2000م عقب زيارة «شارون» للمسجد الأقصى وسط حراسة مشددة من الجنود، في 28 سبتمبر 2000م، قدمت المجلة عدداً خاصاً لما يجري على أرض فلسطين، تضمن صوراً للانتفاضة يحمل العناوين التالية: «المحرقة الصهيونية.. متى تحين ساعة الانتقام؟»، «دماء الأقصى تروي شجرة الحرية»، «مذابح السلام»، «انتفاضة الأقصى في سبع قصائد ساخنة». (العدد (1422) 19 رجب 1421هـ/ 17 أكتوبر 2000م، ص20-43).

وعندما اجتاح «شارون» الضفة الغربية، في 29 مارس 2002 وانتهت يوليو 2002م، وحشد لها 30 ألف جندي، وارتكب خلالها مجازر، ومنها: مجزرة جنين من 1 – 12 أبريل 2002م، قدمت المجلة تغطية شاملة ومقالات متنوعة تناولت ما يجري على أرض فلسطين في كثير من صفحاتها. (العدد (1495)، 23 المحرم 1422هـ/ 6 أبريل 2002م، ص4، 18).

وعندما شنت «إسرائيل» حربها على غزة عام 2008 – 2009م، قدمت المجلة ملفاً كاملاً جاءت أكثر من نصف صفحات المجلة تحمل موضوعات عن غزة عنوانه «غزة بين الانتصار والعار»، وعلى الغلاف صور لأطفال غزة قتلوا برصاص العدو، وقد احتوى العدد صوراً كثيرة متنوعة من المجازر التي ارتكبها العدو الصهيوني، وهي وحدها معبرة عن وحشية المعتدي، وأوضحت «المجتمع» أن أهداف العدو الصهيوني المستمر على الشعب الفلسطيني القضاء على المقاومة، وفرض أمر واقع على الأرض يقف العرب فيه على الحياد، بل التطبيع العربي معه، وتصفية القضية برمّتها، واقتلاع كل قوى المقاومة والرفض للاحتلال، والتمكين لتيار الاستسلام والانبطاح والتطبيع ليقود المسيرة حتى الإجهاز على القضية نهائياً، وإيجاد واقع على الأرض يغيِّر من الخريطة الديمجرافية للمنطقة. (العدد (1835) 20 – 26 المحرم 1430هـ/ 17 – 23 يناير 2009م، ص5، ص14).

وكذلك في الحرب التالية التي شنتها «إسرائيل» على غزة عام 2014م، تابعت «المجتمع» ما يحدث في أعداد متعددة، ومنها ما جاء تحت عنوان «غزة تنتصر من بين المجازر والدمار»، وقدمت المجلة رأيها طالبت بفك الحصار عن غزة: «إننا هنا نضم صوتنا لصوت الشعب الفلسطيني وكل الأحرار في العالم بضرورة فك الحصار المجرم عن غزة من البر والبحر، وفتح معبر رفح وكل المعابر، وأن يكون ذلك في إطار ضمانات دولية؛ حتى يعيش الشعب الفلسطيني حياة طبيعية كبقية شعوب الأرض». (العدد (2074) شوال 1435هـ/ أغسطس 2014م، ص4).

وقد برزت ظاهرة خطيرة على الساحة الثقافية العربية أثناء تلك الحرب، فقد وُجد بعض الكتَّاب والإعلاميين العرب على مواقع التواصل الاجتماعي يؤيدون الكيان الصهيوني ويدعونه لتدمير وحرق غزة، فأطلقت عليهم «المجتمع» تسمية «المتصهينون الجدد»، وأخرى بـ»الصهاينة العرب»، ولأول مرة نجد بيننا «صهيونية عربية» تقارب «الصهيونية المسيحية». (العدد (2075) ذو القعدة 1435هـ/ سبتمبر 2014م، ص18-24).

ثانياً: «المجتمع».. ومؤتمرات السلام:

عبرت «المجتمع» منذ ما يقرب من 40 عاماً عن «نظرية الأمن الصهيونية في مشاريع السلام»، وأكدت أن القوى الكبرى تتدرج مع الأنظمة العربية في تطويع المبادرات السلمية وفقاً لما تقتضيه الصهيونية، والاستسلام العربي عامل أساسي للنظرية اليهودية في الأمن. (العدد (589) الثلاثاء 18 ذو الحجة 1402هـ/ 5 أكتوبر 1982م، ص32).

وعندما عقد مؤتمر مدريد للسلام، يوم 30 أكتوبر 1991م، بين دولة الاحتلال وكل من سورية ولبنان والأردن ومنظمة التحرير الفلسطينية، رفضت «المجتمع» المؤتمر، وانتقدت الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، واعتبرت مشاركته في المؤتمر رضوخاً منه للإدارة الأمريكية، ومحاولة منه لتوريط الفصائل الفلسطينية معه في هذا المؤتمر، ووصفته بـ»مؤتمر التصفية»، وأطلقت عليه في موضع آخر «مؤتمر الاستسلام» (العدد (977)، الأحد 18 جمادى الأولى 1412هـ/ 25 نوفمبر 1991م، ص20).

وتعتبر اتفاقية أوسلو، 13 سبتمبر 1993م، أول اتفاقية رسمية مباشرة بين الكيان الصهيوني ومنظمة التحرير الفلسطينية، تتضمن اعتراف المنظمة بـ»إسرائيل»، وتعترف «إسرائيل» بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً للشعب الفلسطيني، وبدء المفاوضات معها.

وقد رفضت «المجتمع» اتفاقية «أوسلو»، وعبرت عن ذلك في صدر المجلة بعنوان «تفاصيل صفقة الخيانة الكبرى»، وقدمت أسباب رفضها لاتفاق «غزة– أريحا» في مقالات متعددة جاءت في نصف العدد تقريباً، ومنها: أن بعض بنود الاتفاق تجعل من السلطة الفلسطينية الشرطي الذى يحمي أمن العدو، بل ويسلم مواطنيه إليه، فمن بنودها: «أن تقوم السلطة الفلسطينية بالعمل على تصفية أي حملات سياسية أو عسكرية فلسطينية ضد «إسرائيل»، وأن تتعهد بتسليم قوائم بأسماء الجماعات الفلسطينية وغيرها المعارضة لاتفاقية السلام بعد ثلاثة شهور من بدء تنفيذ الاتفاقية ومراقبة نشاطها»، ومن هنا، فإن قبول الاتفاق هو قبول الفلسطينيين بحكم ذاتي داخل دولة «إسرائيل»، وستكون «إسرائيل» هي الطرف الوحيد الذي يحدد مصير الشعب الفلسطيني والأراضي المحتلة، ولا توجد ضمانات بانسحاب «إسرائيل» من غزة وأريحا، فتنسحب اليوم وترجع متى تشاء. (العدد (1066) الثلاثاء 28 ربيع الأول 1414هـ/ 14 سبتمبر 1993م، ص22، 25، 40). 

 وقد عكفت إدارة الرئيس الأمريكي الحالي «ترمب»، منذ 2017م، على إعداد خطة للسلام في الشرق الأوسط لإنهاء الصراع العربي «الإسرائيلي»، أطلق عليها اسم «صفقة القرن»، وكان لـ«المجتمع» حضورها الإعلامي القوي؛ حيث خصصت عدداً لتغطية هذه الصفقة، حمل عنوان «صفقة القرن.. الوطن البديل»، وبيَّنت أن «تلك الصفقة تريد ترسيخ الباطل وزحزحة أهل الأرض عن أرضهم من خلال بعض الشعارات الرنانة التي تدغدغ عواطف السذج وتداعب أحلام اليائسين». (العدد (2133)، ذو القعدة 1440هـ/ 1 يوليو 2019م، ص11).

ثالثاً: «المجتمع».. وقضية القدس:

لقد احتلت قضية القدس والمسجد الأقصى أهمية كبيرة في مجلة «المجتمع»، وقد بدا ذلك من خلال تغطية الأخبار الجارية بالقدس والمسجد الأقصى باستمرار، وخصصت أعداداً خاصة لنصرة القدس والمسجد الأقصى، ولقد كان لـ»المجتمع» نظرة مستقبلية مهمة لما يفعله العدو الصهيوني في القدس من فرض سياسة الأمر الواقع؛ حيث بدأ في تنفيذ خطوات عملية لإثبات ضم القدس كعاصمة أبدية، وأصدر مجلس وزراء العدو، في 8/12/1991م، قراراً يبيح للمستوطنين الصهاينة الاستيطان في بلدة «سلوان» المجاورة لمدينة القدس والاستيلاء على المباني والبيوت العربية. (العدد (981)، الأحد 16 جمادى الآخرة 1412هـ/ 22 ديسمبر 1991م، ص 28-  29).

وإذا كانت السلطة الفلسطينية والأنظمة العربية من «مدريد» عام 1991م، ومروراً بـ»أوسلو» عام 1993م، يأملون من خلال المفاوضات في تقسيم القدس؛ فقد أجهض الرئيس الأمريكي «ترمب» هذا الأمل؛ فاعترف، يوم الأربعاء 6 ديسمبر 2017م، بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال، وقرر نقل السفارة الأمريكية إليها، ووفقاً لهذا القرار، فإن «ترمب» أغلق ملف القدس في أي مفاوضات في المستقبل. 

وقد قامت «المجتمع» بتغطية تداعيات هذا القرار، وخصصت للموضوع ملفاً خاصاً، أطلقت عليه «القدس.. من بلفور إلى ترمب»، وقدمت في أكثر من 20 صفحة رؤية متنوعة للموضوع ما بين مقالات وحوارات وتحقيقات خلصت إلى أن هذا القرار لا يمكن تطبيقه أو الاعتراف به أو التنازل عن القدس، فلا وجود لفلسطين بدون القدس. (العدد (2115) ربيع الآخر 1439هـ/ 1 يناير 2018، ص12-32).

وفي النهاية يمكن التأكيد أن مجلة «المجتمع» بعد مرور نصف قرن من حياتها الزاخرة قد بوأت القضية الفلسطينية مكانتها اللائقة المستمدة من قدسيتها لدى الأمتين العربية والإسلامية، وما تزال «المجتمع» تقوم بدورها الرائد في هذا المجال.

Exit mobile version