شمخاني في بغداد للمّ شمل البيت الشيعي قائماً بمقام سليماني

وصل إلى العاصمة العراقية بغداد، في ساعة متأخرة من مساء أول أمس السبت، الأميرال علي شمخاني، الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، وهو أول مسؤول إيراني يصل إلى العراق منذ اغتيال سليماني مطلع يناير الماضي.

ويعتبر شمخاني من القيادات الإيرانية التي لها علاقات وثيقة بالسياسيين العراقيين الشيعة، حيث عمل خلال الحرب العراقية الإيرانية في ثمانينيات القرن الماضي على تشكيل أفواج لقتال الجيش العراقي يقوم على رأسها شخصيات عراقية أدت دوراً محورياً في تأسيس نظام الحكم بعد إسقاط نظام صدام حسين عام 2003، منهم عبدالعزيز الحكيم، وهادي العامري.

القيام بمهمة سليماني

ويربط مراقبون بين زيارة شمخاني، ودخول العملية السياسية في العراق بمأزق شديد بسبب الخلافات المستحكمة بين القوى السياسية الشيعية التي تحكم البلد، على خلفية تسمية رئيس وزراء جديد خلفاً لرئيس الوزراء عادل عبدالمهدي، الذي استقال من منصبه بسبب ضغط الشارع العراقي الغاضب بسبب الفساد وتراجع الأداء الحكومي.

واعتاد العراقيون على زيارات اللواء قاسم سليماني، رئيس فيلق القدس الإيراني، الذي قتل في غارة أمريكية مطلع العام الجاري، عند حصول أزمات بين الأطراف السياسية الشيعية، حيث عرف عنه حل أزمات مستحكمة بينها في السنوات الماضية، ويبدو أن شمخاني قد أخذ على عاتقه هذا الدور، بتكليف من القيادة الإيرانية التي تحرص على استقرار الحكم الموالي لها في بغداد بهذا التوقيت الحرج، الذي تمر فيه المنطقة بأزمات متلاحقة بسبب المواجهة بين واشنطن وطهران على خلفية برنامج الأخيرة النووي.

وأعلن تحالف النصر الذي يتزعمه رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، أن لقاء جمع شمخاني، والعبادي عقد في بغداد بحضور كتل سياسية.

وقال التحالف في بيان: إن “اللقاء ناقش العلاقات العراقية الإيرانية وواقعها، وآفاق تطويرها على أساس من السيادة التامة والمصالح المشتركة، وعدم التدخل بالشؤون الداخلية للبلدين”.

ونقل البيان عن العبادي دعوته إلى “ضرورة تفعيل العلاقات بين بغداد وطهران، وفقاً لأسس واضحة بما يخدم مصالح البلدين وعموم الاستقرار والسلام والتنمية في المنطقة”.

الصحفي العراقي حسين الكعبي، أكد أن صيغة بيان كتلة العبادي وهي الوحيدة التي أعلنت عن لقاء شمخاني، هي صيغة روتينية تنشر في وسائل الإعلام عادة، وما جرى في حقيقة الأمر هو حوار مفتوح وعملية تفاوض بواسطة إيرانية بين فرقاء العملية السياسية.

وأضاف الكعبي، في حديثه لـ”المجتمع”، أن “الوساطة الإيرانية نجحت في تقليص مساحة الخلاف بين قادة الكتل السياسية المعنية بترشيح رئيس الوزراء الجديد، وهي القوى السياسية العربية الشيعية.

وأوضح أنه “تم الاتفاق على تقليص لائحة الأسماء المرشحة لرئاسة الحكومة، لتقتصر على مرشحين اثنين، هما رئيس جهاز المخابرات العراقي الحالي مصطفى الكاظمي، وكبير مستشاري ديوان الرئاسة علي شكري”.

يشار إلى أن المهلة الدستورية لاختيار رئيس للحكومة تنتهي في 17 مارس الجاري، بعد أن فشل وزير الاتصالات الأسبق محمد توفيق علاوي في تشكيل الحكومة واعتذاره عن رفضه التكليف، إثر خلافات حادة حالت دون تحقيق البرلمان النصاب للتصويت على حكومته.

وأكد نائب رئيس الوزراء السابق، بهاء الأعرجي، أمس الأحد، ما ذهب إليه الكعبي، حيث قال في تغريدة نشرها على موقع التدوينات القصيرة “تويتر”: إن “زيارة الوفد الإيراني للعراق دليل على فشلنا باختيار رئيس الوزراء”.

وأضاف الأعرجي أن “عجزنا عن حل مشكلاتنا يعني السماح لبعض دول الجوار بالتدخل بشؤوننا، وما زيارة الوفد الإيراني الرفيع اليوم إلا دليل على فشلنا باختيار رئيسٍ للوزراء”.

وكان النائب عن تيار الحكمة، جاسم البخاتي، دعا في تصريح صحفي، الكتل الشيعية إلى “عقد اجتماع عاجل بغية التوصل لرؤية موحدة واختيار مرشح لمنصب رئيس الوزراء”.

وقال في تصريح صحفي: إن “قادة الكتل السياسية الشيعية مطالبون بعقد اجتماع من أجل حلحلة الخلافات والمشكلات، والاتفاق على صيغة موحدة لاختيار المرشح، بعيداً عن التشظي الحاصل بينها”.

ونقلت وكالة “تسنيم” الإيرانية عن أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني قوله: إن تشكيل حكومة مقتدرة وفاعلة في العراق مبنية على أصوات وإرادة الشعب العراقي يمثل رغبة دائمة للجمهورية الإسلامية الإيرانية.

وأضاف شمخاني، خلال لقائه رئيس جهاز المخابرات الوطني العراقي، والمرشح القوي لرئاسة الوزراء مصطفى الكاظمي، أن “التطورات السياسية والأمنية في العراق مؤثرة بصورة جدية في أمن واستقرار المنطقة، لذلك فإن دور الأجهزة الأمنية والاستخبارية مهم ومعقد جداً لإدارة الظروف الجديدة”.

قتيل بتجدد للتظاهرات

وفيما تتواصل المشاورات في كواليس العملية السياسية العراقية للخروج من مأزق تشكيل الحكومة، عاد الشارع العراقي للتظاهر من جديد، في العاصمة والمحافظات الجنوبية.

وذكرت مصادر طبية أن أحد المتظاهرين قتل بعد إصابته بجراح بالغة، في ساحة الخلاني وسط بغداد، بحسب وسائل إعلام محلية، حيث حدثت اشتباكات بين قوات مكافحة الشغب ومتظاهرين في الساحة، مساء الأحد، استخدمت خلالها القوات العراقية الرصاص الحي والغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين، ما أدى إلى وقوع 20 إصابة.

وشهدت ساحة التحرير المجاورة للخلاني مظاهرات مماثلة، شهدت إقبالاً جماهيرياً واسعاً، بحسب ما أظهرت صور ومقاطع مصورة نشرها النشطاء عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

وفي مدينة الناصرية مركز محافظة ذي قار جنوبي العراق، اكتظت ساحة الحبوبي بمحتجين هتفوا ضد الأحزاب السياسية، مطالبين بتسمية رئيس وزراء مستقل، وتشريع قانون للانتخابات بأسرع وقت ممكن بهدف تهميد الطريق لإجراء انتخابات المبكرة.

وحمل المتظاهرون صور قتلى التظاهرات، مطالبين بمحاسبة مرتكبي الانتهاكات في ساحات الاحتجاج بمختلف المحافظات، بينما قطع متظاهرون تقاطع البهو وسط الناصرية من خلال إحراق إطارات السيارات.

كما شهدت ساحة اعتصام النجف، تظاهرة ضمت المئات من ذوي قتلى التظاهرات السابقة، وطالب المتظاهرون بمحاكمة قتلة المتظاهرين.

كما طالبوا بتحديد موعد لإجراء الانتخابات المبكرة وفقاً لقانون انتخابات عادل، مؤكدين أن مد الاحتجاجات سيتواصل، معتبرين أن الأحزاب تراهن على عامل الوقت، بينما يراهنون هم على الوعي والرغبة الحقيقية في الإصلاح وتحقيق التغيير المطلوب.

Exit mobile version