هل تفلح دعوة السودان لإعادة مسار التفاوض حول سد النهضة؟

دخل السودان ليمارس دوره كوسيط بين إثيوبيا ومصر بشأن مفاوضات سد النهضة التي ظلت تتقدم خطوة وتتراجع خطوتين دون أن تتوصل الأطراف الثلاثة إلى اتفاق حول سنوات ملء بحيرة السد، رغم جهود وزارة الخزانة الأمريكية والبنك الدولي لتقريب وجهات النظر حول الخلافات التي سادت المفاوضات، خاصة بين إثيوبيا التي تسعى لإكمال بناء السد، ومصر المتخوفة على نقص حصتها من المياه، والسودان الذي يسعى للاستفادة من الكهرباء التي ينتجها السد للنهوض بمشروعاته التنموية.

وبين كل هذه التجاذبات وصراع المصالح دخلت مفاوضات البلدان الثلاثة في نفق الاتهامات المتبادلة والتصعيد الإعلامي وتأجيل اجتماع واشنطن الرابع بينها، وظلت أديس أبابا تتمسك بملء البحيرة في يوليو المقبل، مستندة إلى أن الأراضي التي يبنى عليها السد هي أرضها، وأن المياه تنبع من هضباتها، وأن التمويل من شعبها، ولا تخشى أي قوة تقف أمامها في المضي نحو إكمال السد؛ الأمر الذي اعتبره المراقبون علو صوت الدبلوماسية الإثيوبية لقياس مدى جدية مصر في الوصول إلى حلول لطي هذا الملف.

وإزاء ذلك، دخل السودان وسيطاً لتخفيف حدة التوتر، حيث ناشد كلاً من مصر وإثيوبيا للعودة للمفاوضات بشأن سد النهضة للوصول للاتفاق المرضي، وكرر دعوته لهما بالابتعاد عن كل ما من شأنه التأثير سلباً على عملية التفاوض.

تحفُّظ السودان على قرار الجامعة العربية

وقالت وزارة الخارجية السودانية: إنها تود أن توضح للرأي العام أن ما جرى في اجتماع الدورة الـ153 لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري، الذي انعقد في 4 مارس 2020 بالقاهرة، حيث أبدى السودان تحفظه على مشروع القرار الخاص بسد النهضة الذي أدرجته مصر في أعمال المجلس الوزاري نظراً لعدم التشاور مع حكومة السودان بشأنه وقبل إيداعه أعمال المجلس، لكون مشروع القرار لا يخدم روح الحوار والتفاوض الجاري برعاية الولايات المتحدة والبنك الدولي بواشنطن للوصول لاتفاقٍ بين الدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا حول عملية الملء والتشغيل للسد.

وقد تقدم السودان بمقترح لتعديل نص مشروع القرار بما يتوافق مع هدف تشجيع الأطراف على مواصلة الحوار، والابتعاد عن كل ما من شأنه تصعيد الخلاف والاستقطاب الذي لا يخدم الهدف المنشود في الاتفاق على خارطة طريقٍ تخدم المصالح المائية للدول الثلاث، وتؤمن لها متطلبات التنمية المستدامة.

وقد أشارت الخارجية السودانية إلى رفض مصر إدخال أي تعديلٍ على نص مشروع القرار؛ الأمر الذي دفع السودان لإبداء تحفظه، وأكد السودان أنه سيظل حريصاً على إنجاح مفاوضات سد النهضة بما يصب في مصالح الدول الثلاث.

تصعيد مصري ورد إثيوبي

الخارجية المصرية، قالت: إن نهج إثيوبيا بشأن ملف سد النهضة يدل على نيتها ممارسة الهيمنة على نهر النيل وتنصيب نفسها كمستفيد من خيراته.

الحكومة الإثيوبية، بدورها، انتقدت قرار الجامعة العربية بشأن دعم الحقوق المائية المصرية ودعوة أديس أبابا لعدم الإضرار بالقاهرة في ملف سد النهضة، واتهمت أديس أبابا الجامعة بأنها قدمت “دعماً أعمى لدولة عضو دون مراعاة الحقائق الرئيسة في محادثات سد النهضة”.

وإزاء هذه المواقف، فإن المراقبين يرون أن دعوة السودان لإثيوبيا ومصر بالعودة للتفاوض لن تجد الاستجابة من القاهرة في الوقت الراهن، خاصة في ظل الضغوط الداخلية التي يتعرض لها الرئيس عبدالفتاح السيسي فيما يتعلق بمياه النيل، ويتوقعون تحركاً من الخزانة الأمريكية والبنك الدولي في غضون الأيام المقبلة لوضع مسار جديد للمفاوضات.

Exit mobile version