العراق.. هل يكمن حل الأزمة السياسية بحل البرلمان؟

– المسعودي: مهلة الـ15 يوماً المقبلة ستكون الفرصة الأخيرة في عمر مجلس النواب

– العرباوي: دعوات حل البرلمان قد تكون غير جدية خصوصاً أن هناك كتلاً سياسية كبيرة تخشى التراجع انتخابياً

– خشان: الجهات التي تتحدث عن حل البرلمان تحاول تخدير الشارع

– الكعبي: دعوة حل البرلمان مناورة سياسية مدبرة لقطع الطريق على تسلم رئيس الجمهورية لرئاسة الحكومة

 

وسط تجاذب سياسي واختلاف بوجهات النظر إزاء أزمة تشكيل الحكومة العراقية، بعد اعتذار رئيس الوزراء المكلف محمد توفيق علاوي عن الاستمرار في عملية تشكيل الحكومة، تأتي الدعوة لحل البرلمان العراقي كمخرج وحيد من نفق الخلاف، فيما أطلق سياسيون وقانونيون من مخاطر مثل هذه الخطوة التي قد تترك البلاد في حالة فراغ سياسي وتشريعي، قد تؤدي لحالة فوضى ما لم يسبق ذلك تشكيل حكومة جديدة.

وكان رئيس الوزراء العراقي المستقيل عادل عبدالمهدي قد أصدر بياناً، الإثنين 3 مارس، أعلن فيه “الغياب الطوعي” عن منصبه، مطالباً البرلمان بعقد جلسة طارئة لحسم قانون الانتخابات والدوائر الانتخابية، مقترحاً يوم الرابع من ديسمبر المقبل من العام الجاري موعداً للانتخابات المبكرة، على أن يحل البرلمان نفسه قبل 60 يوماً من ذلك الموعد.

الفرصة الأخيرة

فاجأت دعوة عبدالمهدي الأوساط السياسية العراقية، حيث يقضي الدستور العراقي بقيام الرئيس العراقي برهم صالح بتكليف شخصية سياسية بتشكيل الحكومة خلفاً للمعتذر علاوي، خلال مهلة أمدها 15 يوماً، تبدأ من يوم اعتذار رئيس الوزراء المكلف.

واعتبر النائب رياض المسعودي عن تحالف “سائرون” الذي يتزعمه مقتدى الصدر، في بيان: أن مهلة الـ15 يوماً المقبلة ستكون الفرصة الأخيرة في عُمْر مجلس النواب في حال لم ينجح بمنح الثقة للمكلف القادم.

وقال المسعودي: إن الدستور منح رئيس الجمهورية مهلة 15 يوماً للتكليف بعد فـشـل عرض الحكومة السابقة على مجلس النواب، مشيراً إلى أنه في حال عدم التصويت المرة المقبلة على الكابينة الحكومية، سيتم حل مجلس النواب وإجراء انتخابات مبكرة، لتكون هذه الخطوة كآخر فرصة للبرلمان الحالي.

الخبير الدستوري نذير الدليمي، اعتبر أن إخفاق البرلمان بمنح الثقة للشخص الذي سيكلفه رئيس الجمهورية، يعني أن البرلمان عاجز عن أداء واجبه وسيتسبب بشلل في الدولة، الأمر الذي يستوجب حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة.

وأضاف الدليمي، في حديثه لـ”المجتمع”: أن حل البرلمان يجري بطريقتين؛ الأولى بطلب من قبل ثلث أعضائه، ويجب أن يتم ذلك عبر التصويت بالموافقة من قبل أغلبية أعضاء البرلمان، أي يجب أن يصوت نصف زائد واحد من عدد النواب الكلي على الأمر، وهذا الشرط قد يصعب توفره.

وتابع: أما الطريقة الثانية؛ فهي الحل بطلب من رئيس الوزراء على أن يوافق على ذلك رئيس الجمهورية، وهذا يعني أن يجمع الأخير منصبي رئاسة الوزراء والجمهورية بشخصه، وهو أمر عليه خلاف بين فقهاء الدستور، ولا بد من أن تحل المحكمة الاتحادية هذا الخلاف.

تباين سياسي

تباينت القوى السياسية العراقية في مواقفها تجاه مسألة حل البرلمان، والدعوة لانتخابات تشريعية مبكرة، واعتبر صلاح العرباوي، مدير مكتب زعيم تيار الحكمة عمار الحكيم، أن القوى السياسية الكبيرة تخشى التراجع انتخابياً، إذا ما أجريت الانتخابات البرلمانية في وقت مبكر.

وقال العرباوي، في تصريح صحفي: إن دعوات حل مجلس النواب العراقي صحيحة، ولكن قد تكون غير جدية خصوصاً أن هناك كتلاً سياسية كبيرة تخشى التراجع انتخابياً.

من جهته، قال النائب باسم خشان: إن الجهات التي تتحدث عن حل البرلمان تحاول تخدير الشارع، إذ إنها على دراية من أن حله غير ممكن، سيما مع الحاجة للتصديق على قانون الانتخابات.

واستبعد خشان إمكانية إجراء انتخابات بوقت قريب، لأنها تحتاج إلى تشريع قانون الانتخابات واعتباره نافذاً، وهو ما لم يتم حتى الآن رغم التصويت عليه، وتشكيل مفوضية انتخابات جديدة، وذلك سيؤخر إجراءها، فضلاً عن الحاجة إلى قرارات من المحكمة الاتحادية، للمصادقة على نتائج الانتخابات.

ويرى الصحفي العراقي حسين الكعبي أن دعوة عبدالمهدي لحل البرلمان وانتخابات مبكرة، هي مناورة سياسية مدبرة من الكتل الشيعية، لقطع الطريق على تسلم رئيس الجمهورية لرئاسة الحكومة.

واستدرك بالقول، في حديثه لـ”المجتمع”: إن إجراء انتخابات خلال 6 أشهر أمر بالغ الصعوبة، لأن ذلك يتطلب إقرار قانون الانتخابات، وتشكيل مفوضية انتخابات، وتحضيرات كبيرة، الظروف غير مهيئة لها.

وأضاف: معظم الخبراء يرون أن هناك ضرورة ملحة لتشكيل حكومة مؤقتة، وعدم الاستعجال في حل البرلمان، فهناك تحديات كبيرة تواجه البلد منها الوضع الأمني ومرض الكورونا، واختلال الوضع الاقتصادي، وعدم وجود موازنة حتى الآن.

يذكر أن رئيس الجمهورية برهم صالح كلف وزير الاتصالات الأسبق محمد توفيق علاوي، مطلع شهر فبراير بتشكيل حكومة جديدة، خلفاً لرئيس الوزراء عادل عبدالمهدي الذي أطاحت به المظاهرات الاحتجاجية ضد مظاهر الفساد في البلاد، التي انطلقت في أكتوبر من العام الماضي، وأعد علاوي قائمة بالمرشحين للمناصب الوزارية، وقال: إنهم مستقلون تكنوقراط، وهو أحد مطالب المحتجين.

لكن البرلمان الأكثر انقساماً في تاريخ العراق الحديث، فشل ثلاث مرات في الالتئام خلال الأسبوعين الماضيين للتصويت على منح الثقة للتشكيلة الحكومية بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني.

وبعد اعتذار علاوي عادت الكرة مرة ثانية إلى ملعب الرئيس العراقي برهم صالح، الذي يفترض أن يقدم مرشحاً جديداً، وقد أطلق صالح مشاورات لاختيار مرشح بديل، وبين المرشحين الذين تم تداول أسمائهم رئيس جهاز المخابرات مصطفى الكاظمي.

لكن المتحدث باسم كتائب حزب الله العراقي أبو علي العسكري سارع لرفض هذا الترشيح، متهما الكاظمي بمساعدة الولايات المتحدة في تنفيذ اغتيال قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس نائب رئيس الحشد الشعبي في بغداد مطلع يناير الماضي.

Exit mobile version