مطالب استقلال اسكتلندا عن بريطانيا بميزان الربح والخسارة (تقرير)

تواجه الأسواق البريطانية مخاطر سياسية واقتصادية، تتعلق بارتفاع الأصوات المطالبة بالاستقلال مجددا في اسكتلندا، إحدى الدول الأربع المكونة للمملكة المتحدة التي غادرت الاتحاد الأوروبي.

تعتبر المملكة المتحدة دولة اتحادية، تتكون من أربع أقاليم هي: إنجلترا وأيرلندا الشمالية واسكتلندا وويلز.

وخلال الاستفتاء الذي أجري على خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي عام 2016، أعرب سكان اسكتلندا وإيرلندا الشمالية عن رفضهم، فيما صوت سكان إنجلترا وويلز بـ”نعم”.

ودفع الرفض الاسكتلندي خلال الاستفتاء، لتشكل إرادة سياسية متزايدة لإجراء استفتاء ثان حول الاستقلال في البلاد، ما يشكل مخاطر سياسية واقتصادية متزايدة على أسواق المال ببريطانيا.

وخلال استفتاء أجري عام 2014، رفض الاسكتلنديون الانفصال عن بقية المملكة المتحدة، حيث صوت أكثر من مليوني شخص (55.3 بالمئة) لصالح البقاء في المملكة، بينما صوت 1.62 مليون (44.7 بالمئة) لصالح الاستقلال.

وحذرت الحكومة البريطانية اسكتلندا حينها، من أنها ستبقى خارج الاتحاد الأوروبي في حال صوتت لصالح الاستقلال.

وفي 19 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بعثت رئيسة وزراء اسكتلندا نيكولا ستورغيون، برسالة إلى رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، طلبت خلالها صلاحيات تمكنها من إجراء استفتاء ثان، بحجة أن الظروف قد تغيرت منذ الاستفتاء الأول، بسبب نتيجة استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي عام 2016.

وترى ستورغيون، أن فوز حزبها “القومي الإسكتلندي” بالانتخابات التي أجريت في 12 ديسمبر الماضي، بنسبة 45 بالمئة، يعد مؤشرا قويا أيضا على طلب إجراء استفتاء حول الاستقلال.

لكن جونسون رفض طلب ستورغيون، في رسالة بعث بها للأخيرة في فبراير/شباط الماضي، مبررا ذلك “بتصويت شعب اسكتلندا بشكل حاسم على البقاء داخل المملكة المتحدة خلال استفتاء 2014”.

وعلقت ستورغيون على رسالة جونسون، بالقول: إن “اسكتلندا ستحصل على حق تقرير مستقبلها”.

وفي مقابلة مع الأناضول، قال مدير شبكة “غلوبال كونسيل” الاقتصادية بلندن، غريغور إروين، إن “الاستفتاء على استقلال اسكتلندا يُعد مشكلة تقترب على نحو متزايد بالنسبة للمملكة المتحدة، ومن المحتمل أن تصل ذروتها خلال العامين المقبلين”.

وأشار إلى أن حصة اسكتلندا من الاقتصاد البريطاني تبلغ نحو 8 بالمئة، مرجحا إجراء الاستفتاء في اسكتلندا “لصعوبة الوقوف سياسيا ضد هذا الطلب”.

بدورها، قالت المحللة في مصرف “سويسكوت بنك” السويسري، إبك أوزقاردش قايا، إن الأمور في الممكلة المتحدة ستتوقف على كيفية تطور المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي، فكلما أثمرت المفاوضات عن نتائج أفضل، قلّ احتمال استقلال اسكتلندا، وإذا تفاقم مسار المفاوضات، سيزداد احتمال الاستقلال”.

وستواجه اسكتلندا مشكلة ثانية في حال الاستقلال عن بريطانيا، تتمثل بعجر في موازنتها، إذ بلغت نسبة العجز افي 2019 نحو 7.2 بالمئة، في حين كان العجز في موازنة المملكة المتحدة 1.1 بالمئة، أي يتعين على اسكتلندا توفير تمويل عاجل لسد العجز المذكور في حال قررت الاستقلال.

إضافة إلى ذلك، يجب على الدول الراغبة بالانضمام إلى عضوية الاتحاد الأوروبي، ألا يتخطى عجز موازنتها مستوى الـ3 بالمئة، وبالتالي لا يمكن لاسكتلندا -في حال الاستقلال- الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي قبل خفض عجز موازنتها إلى حدود الـ3 بالمئة.

وأما أكبر مشكلة أمام اسكتلندا في طريق الاستقلال، فتتمثل بإلزامية حصولها على إذن من البرلمان البريطاني لإجراء استفتاء حول الاستقلال بموجب المادة 30 من القانون الخاصة باسكتلندا.

ويرى مراقبون استحالة صدور إذن من البرلمان البريطاني في ظل سيطرة حزب المحافظين على أغلبية المقاعد.

ويعتقد المراقبون أن مؤيدي الاستقلال في اسكتلندا سيبحثون عن سبل أخرى للانفصال عن المملكة المتحدة حال فوزهم في الانتخابات العامة المزمع إجراؤها في 2021.

ومن بين الخيارات المطروحة، الذهاب إلى المحكمة لإلغاء شرط الحصول على إذن لإجراء الاستفتاء بموجب القانون الخاصة باسكتلندا.

وأما الخيار الأخر، فيتمثل بإجراء الاستفتاء رغما عن الحكومة المركزية، وإعلان الانفصال من جانب واحد في حال التصويت لصالح الاستقلال.

لكن الخيار الثاني، قد يمهد الطريق لحدوث توتر مع الحكومة المركزية على غرار التوتر الذي حصل عقب إعلان إقليم كتالونيا الاستقلال من جانب واحد، كما يهدد بفقدان تأييد الاتحاد الأوروبي كما حصل مع إقليم كتالونيا الإسباني.

Exit mobile version