خلافات الكتل العراقية تدفع لتأجيل جلسة منح الثقة لحكومة علاوي

أعلن البرلمان العراقي عن تأجيل عقد جلسته التي كانت مقررة، اليوم الإثنين، إلى يوم الأربعاء القادم، بسبب احتدام الخلاف بين الكتل الشيعية الداعمة لرئيس الوزراء المكلف محمد توفيق علاوي، والكتلتين الكردية والسُّنية.

وكان من المفترض عقد الجلسة البرلمانية، بنصاب النصف زائد واحد، بحضور الكتل التي رشحت علاوي أو دعمته، وهي كتل الفتح، وسائرون، ودولة القانون، وصادقون، إلى جانب شخصيات برلمانية من المكونين السُّني والكردي، المعترضتين على تشكيل الحكومة، نجح مستشارو علاوي في استمالتهم لصالح التصويت على الحكومة، خلافاً لمواقف كتلهم.

حكومة أمر واقع

وسعت الكتل الشيعية لتوظيف المظاهرات الاحتجاجية لصالحها من خلال فرض حكومة أمر واقع، على شركائها في العملية السياسية القائمة على المحاصصة العرقية والطائفية، منذ احتلال العراق عام 2003، من قبل الولايات المتحدة الأمريكية.

كتلة “سائرون” التي يدعمها مقتدى الصدر، وكتلة “الفتح” التي يتزعمها هادي العامري، سعت للتصويت على الحكومة من خلال جلسة برلمانية تتحقق فيها الأكثرية البسيطة، كما حصل في جلسة التصويت على قانون إخراج القوات الأمريكية من العراق في يناير الماضي، التي غابت عنها القوى الكردية والسُّنية إلى جانب نواب الأقليات، ومرر القانون على الرغم من تحفظ ممثلي المكونات الثلاثة عليه.

النائب عن تحالف “الفتح” حنين قدو، كشف لـ”المجتمع”، أن سبب تأجيل جلسة مجلس النواب الاستثنائية جاء للتوصل إلى اتفاق سياسي مع الكتل المعترضة على آليات اختيار المرشحين.

وقال القدو: إن جلسة الأربعاء القادم ستمرر الحكومة بغض النظر عن المعترضين، وسيتم خلالها عرض السير الذاتية للشخصيات الوزارية التي وقع عليها اختيار رئيس الحكومة المكلف.

من جهته، قال النائب عن تحالف الفتح، فاضل الفتلاوي: إن رئيس الوزراء المكلف عقد، أمس الأحد، اجتماعاً مع القوى السياسية في المنطقة الخضراء، بحث خلاله أهم نقاط الاختلاف.

وأشار إلى أن القوى السُّنية والكردية، لديها تحفظات لحد هذه اللحظة على تشكيل حكومة محمد توفيق علاوي، مستدركاً أن القوى السياسية الداعمة لعلاوي، فضلت التريث بعقد جلسة منح الثقة للحكومة، لإتاحة الفرصة لمشاورات جديدة مع تحالف القوى العراقية، الذي يتزعمه محمد الحلبوسي، والحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي يتزعمه مسعود البارزاني.

وتابع الفتلاوي أن الخلافات لا تنحصر في أسماء مرشحي الوزارات، بل تشمل برنامج الحكومة حيث تصر القوى المعترضة على أن يتضمن التزام الحكومة بتحديد موعد ثابت لانتخابات مبكرة، وأن تتعهد بإغلاق ملف المختطفين والمغيبين، وعودة المهجرين إلى مدنهم التي هجروا منها بعد الحرب على داعش.

استمرار التظاهرات

ومع احتدام الخلافات السياسية، تتواصل التظاهرات الاحتجاجية في مختلف أنحاء العراق، وخرجت مجاميع من طلبة الجامعات في العاصمة بغداد، فيما تواصلت، أمس الأحد، حملات تحشيد واسعة أطلقها ناشطون وتنسيقيات الحراك الشعبي لإطلاق تظاهرات مليونيه للاعتراض على ترشيح علاوي، ودعت اللجنة المنظمة للتظاهرات، شيوخ وأمراء العشائر والقبائل العراقية إلى الوقوف مع التظاهرة المليونية المزمع خروجها يوم الثلاثاء المقبل.

وأوضحت اللجنة في بيان صادر عنها أن المتظاهرين مصممون على مواصلة تظاهراتهم ضد المحاصصة الطائفية والحزبية.

ونقلت وكالة “الأناضول” التركية، عن مصدر طبي، أن قوات الأمن العراقية قتلت شخصاً وأصابت 7، عندما فتحت النار على محتجين في بغداد.

كما شهدت محافظات النجف وكربلاء وواسط وبابل والديوانية تظاهرات حاشدة، ورفعت المظاهرات شعارات داعمة للحراك ورافض لترشيح علاوي، مطالبة باختيار رئيس وزراء مستقل، ومحاسبة المتورطين في قتل وقمع المتظاهرين، إلى جانب إجراء الانتخابات المبكرة بإشراف أممي.

وقد أدانت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق، جينين هينيس بلاسخارت، استخدام بنادق صيد وخراطيش صيد الطيور ضد المتظاهرين السلميين في بغداد، وحثت الحكومة على حمايتهم.

وقالت بعثة الأمم المتحدة، في بيان: إنها تلقت مزاعم موثوقة عن استهداف متظاهرين سلميين ببنادق الصيد على الطريق الرابط بين ساحتي التحرير والخلاني ببغداد مساء 14 و15 و16 فبراير، ما أدى لجرح 50 شخصاً على الأقل.

وأضافت، في البيان، أن 150 شخصاً على الأقل أصيبوا في كربلاء في يناير وحده بسبب استخدام أساليب مشابهة.

من جهته، أبدى رئيس القائمة الوطنية إياد علاوي، في لقاء تلفزيوني، مخاوفه من منعطف خطير قد تتجه نحوه الأوضاع في العراق، نتيجة القمع الوحشي للانتفاضة واستباحة الدم العراقي بهذا الشكل من دون توقف، حسب وصفه.

وقال علاوي: إنه يتواصل مع المتظاهرين، وإن بعضهم أبلغوه أنهم لن يبقوا للأبد بدون رد أمام الاعتداءات وإراقة دمائهم، وأن بعض المتظاهرين لوحوا باحتمال اللجوء إلى السلاح للدفاع عن أنفسهم.

في هذه الأثناء، تلقى رئيس الوزراء العراقي المكلف اتصالاً هاتفياً من وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، مساء الأحد، أكد فيه التزام الولايات المتحدة بدعم العراق في مختلف المجالات، بما يحفظ سيادته وتحقيق ازدهاره.

وشدد على ضرورة الالتزام بحماية الدبلوماسيين والقوات والمنشآت الأمريكية وقوات التحالف في العراق.

وحث بومبيو رئيس الوزراء العراقي المكلف على حل الخلافات مع الزعماء السياسيين الأكراد والسُّنة، لضمان نجاح حكومته، داعياً بغداد إلى وضع حد لقتل المتظاهرين، واتخاذ إجراءات عاجلة لتلبية مطالبهم.

ويشهد العراق احتجاجات شعبية منذ مطلع أكتوبر الماضي، بسبب تفشي الفساد والمحسوبية، ويطالب المحتجون بالإطاحة بالنخبة الحاكمة التي يرونها فاسدة، وإنهاء التدخل الأجنبي في العراق.

Exit mobile version