“صفقة القرن” واللاجئون.. هل تقبل الدول المضيفة توطينهم؟

– قضية اللاجئين نالت “نصيب الأسد” من الصفقة كونها طرحت حلولاً صعبة من شأنها إنهاء كل ما يتعلق بهم

– هويدي: الدول المُضيفة موقفها واضح من التوطين بالرفض القاطع

– أبو هولي: الدول المضيفة للاجئين ترفض جميعها أن تكون بديلاً عن الوكالة رغم ما عُرِض عليها من أموال تفوق موازنة “الأونروا”

 

من الواضح أن “صفقة القرن” التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب تجاوز الخطوط الحمراء، كونها مسّت بالثوابت الوطنية الفلسطينية لصالح الاحتلال الإسرائيلي، ومن ذلك قضية اللاجئين الفلسطينيين.

وقد نالت قضية اللاجئين “نصيب الأسد” من الصفقة، كونها طرحت حلولاً صعبة، من شأنها إنهاء كل ما يتعلق بهم، مثل توطين اللاجئين في الدول العربية التي يقيمون فيها في الوقت الراهن، مقابل دفع إغراءات مالية لتلك الدول بسد الديون المتراكمة عليها.

وتتضمن الخطة التي أعلنها ترمب، أواخر يناير الماضي، عدة خيارات للاجئين الفلسطينيين الذين يبحثون عن مكان إقامة دائم، وتتلخص في الاستيعاب في دولة فلسطين، مع خضوع هذا الخيار لقيود، وثانياً الاندماج في البلدان المضيفة التي يتواجدون بها (بما يخضع لموافقة الدول).

وتضيف بنود الخطة أنه عند توقيع اتفاقية السلام الإسرائيلية الفلسطينية، فإن وضع اللاجئ الفلسطيني سوف ينتهي، وسيتم إنهاء وكالة “غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأممية” (الأونروا)، وتحويل مسؤولياتها إلى الحكومات المعنية.

وإزاء هذه المعطيات، يبقى السؤال المطروح هنا: هل تقبل الدول المضيفة للاجئين بتوطينهم لديها مقابل تقديم الأموال والدعم اللازم لهم، على حساب قضية اللاجئين؟

رفض التوطين

مدير عام الهيئة (302) للدفاع عن حقوق اللاجئين في لبنان علي هويدي، قال: إن التوطين يحتاج إلى موافقة الطرفين (اللاجئين- الدولة المُضيفة)، وإلا لن يحصل ذلك.

وأوضح هويدي، في تصريح لـ”المجتمع”، أن الدول المُضيفة موقفها واضح من التوطين، بالرفض القاطع، مشيراً إلى أن “صفقة القرن” تريد من التوطين شطب حق العودة وتذويب اللاجئ في الدول المضيفة، “وهذا مرفوض سياسياً”، وفق قوله.

وبيّن أن الأردن يدرك مخاطر هذا الموضوع، وما يُسمى بالوطن البديل؛ لذلك موقفه أيضاً واضح تماماً بالرفض.

ولفت إلى أن لبنان يرفض التوطين أيضاً، لأنه قد يُشعل حرباً أهلية، كونه يتعارض مع مقدمة الدستور اللبناني، حتى وإن كانت المغريات المالية كبيرة، على حد تعبيره.

وبحسب هويدي، فإن موقف السلطة الفلسطينية أيضاً واضح حتى الآن على الأقل إعلامياً بالرفض القاطع، وفي سورية حتى لو لم يكن هناك موقف إعلامي رسمي، لا أعتقد أيضاً أنها ستوافق على التوطين.

ووصف هويدي “صفقة القرن” بأنها “خاسرة بشكل عام”، قائلاً: الغباء فيها أنها لا تأخذ المتغيرات في موازين القوى بعين الاعتبار منذ النكبة وحتى يومنا هذا.

وتأكيداً لما سبق، فإن رئيس لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني الوزير السابق حسن منيمنة، قد ردّ على هذا المقترح بقوله: لبنان لا تستطيع توطين اللاجئين الفلسطينيين، وقد تم إدراج بند رفض التوطين في الدستور وفي معظم البيانات الوزارية للحكومات المتعاقبة؛ ما يعني أن هناك إجماعاً لبنانياً رسمياً وشعبياً على رفضه تحت أي شكل من الأشكال.

وفي ذات السياق، صرّح مسؤول دائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير الفلسطينية د. أحمد أبو هولي، أن هناك موقفاً عربياً واضحاً خاصة من الدول المضيفة للاجئين: لبنان وسورية والأردن، وهو موقف أكّدته هذه الدول مرارًا في اجتماعات اللجنة الاستشارية لـ”الأونروا”، إذ ترفض جميعها أن تكون بديلًا عن الوكالة، رغم ما عُرِض عليها من أموال -تفوق موازنة “الأونروا”- للقبول بالتوطين.

تجدر الإشارة إلى أنّ القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية المتعلّقة بحقوق اللاجئين الفلسطينيين تُطالب “إسرائيل” بالسماح بعودة اللاجئين الفلسطينيين الذين هجروا في عام 1948 إلى وطنهم، واستعادة كل حقوقهم وممتلكاتهم، وتعويضهم عن الخسائر المادية والمعنوية التي لحقت بهم جراء النكبة وجريمة التهجير على امتداد العقود اللاحقة.

وأبرز القرارات الأممية ذات العلاقة كان القرار الذي حمل الرقم (194)، الصادر عن الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة، التي كرّرت المطالبة بتطبيقه نحو 150 مرّة منذ تاريخ صدوره، لكن “إسرائيل” تُواصل تجاهلها له ولسائر القرارات التي تنصف الشعب الفلسطيني، مُتحدّية الشرعية الدولية، التي تسعى اليوم -بدعمٍ أمريكيّ مُطلق- للقفز عنها تمامًا، بتطبيق “صفقة القرن” التصفوية.

Exit mobile version