وقف إطلاق النار في أفغانستان

دخلت أفغانستان ولأول مرة مند إسقاط حكومة “طالبان”، في أكتوبر 2001، في أسبوع خفض العنف أو وقف إطلاق النار المحدود أو أسبوع اختبار النوايا بين الطرفين الأمريكي وحركة “طالبان”.

وأعلنت “طالبان” أنها دعت مقاتليها في جميع أنحاء أفغانستان إلى وقف هجماتهم على القوات الأمريكية والأفغانية، والاكتفاء فقط بالدفاع عن النفس والتصدي لأي عدوان عليها، ودعت أفرادها التنسيق معها وعدم شن أي عملية بعد منتصف الليلة الماضية وإلى نهاية فبراير الجاري.

وتأتي هذه العملية في إطار حسن النوايا، وتهميد الطريق قبل نهاية الشهر الجاري للتوقيع على معاهدة السلام بين الطرفين.

ويقول المراقبون: إن وقف إطلاق النار أو خفض أعمال العنف في أفغانستان سيمثل الامتحان الأول لكل من “طالبان” والأمريكيين وحتى القوات الأفغانية؛ إذ إن أي خطأ فيها أو عدم احترامها سيجعلها تنهار في أول امتحان لها، وستبعث برسائل غير سارة لأطراف الصراع في أفغانستان.

مدة الهدنة

وكانت حركة “طالبان” في أفغانستان قد أصدرت بياناً لها، أمس الجمعة، أعلنت فيه موافقتها على خفض أعمال العنف بعد منتصف الليلة الماضية، ويستمر إلى نهاية فبراير الجاري.

وأضاف البيان أنه بعد سلسلة طويلة من المفاوضات التي جرت بين إمارة أفغانستان الإسلامية، والولايات المتحدة الأمريكية، فقد وافق الطرفان على توقيع الصيغة النهائية للاتفاقية وسط حضور دولي وإقليمي، وذلك بتاريخ 29 فبراير 2020.

وتابع أنه حتى نهاية مدة الهدنة بين الطرفين، سيسعى كلا الطرفين لتهيئة الأجواء المناسبة للتوقيع على الاتفاقية، وذلك بدعوة مندوبين من مستوى رفيع لبعض الدول والمنظمات للمشاركة في مراسم التوقيع، واتخاذ الإجراءات اللازمة لإطلاق سراح المعتقلين والأسرى، والعمل مع الجهات المختلفة في البلد للتمهيد للمفاوضات الأفغانية.

واختتم البيان أن هذه التدابير ستمهد الطريق للسلام الشامل في أرجاء أفغانستان، وذلك بخروج جميع القوات الأجنبية من أفغانستان، وعدم استخدام الأراضي الأفغانية في تهديد أمن أحد؛ حتى يهنأ الشعب الأفغاني بأسره بعيش الرفاهية والسلام تحت حكم ونظام إسلامي.

وتقول “طالبان”: إن الدول التي من المحتمل حضورها قمة التوقيع على معاهدة السلام هي باكستان وإيران وروسيا وأوزبكستان وطاجيكستان والصين والأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي والاتحاد الأوروبي.

ترحيب دولي

وقد أشاد الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش بإعلان الأمريكيين وحركة “طالبان” والحكومة الأفغانية على وقفهم أعمال العنف أو تخفيض العنف في أفغانستان، واعتبر ذلك تطوراً ساراً من أجل حل الأزمة الأفغانية.

وأشادت المنظمة عبر أمينها العام بالمسؤولية التي بات يتحلى بها مقاتلو “طالبان” والقوات الأمريكية من أجل إنهاء الصراع الدموي في أفغانستان.

وعبر الاتحاد الأوروبي عن أمنيته في أن يسفر وقف إطلاق النار وتوقيع معاهدة السلام إلى تحقيق السلام الكامل وعودة الاستقرار إلى أفغانستان، وإعادة المهاجرين والنازحين إليها، والشروع في بناء مؤسسات الدولة الأفغانية وبناء ما دمرته الحرب.

محطات مهمة

– قرر البيت الأبيض، في بداية عام 2018، الجلوس إلى طاولة المفاوضات، لأول مرة، مع مقاتلي حركة “طالبان”، والبحث معهم عن مخرج سلمي للأزمة في أفغانستان، وأعلن عن تعيين موفد خاص لعملية السلام في أفغانستان والدخول في مرحلة جديدة لإنهاء الصراع في هذا البلد.

– في أغسطس 2018، نظم أول لقاء سري في العاصمة القطرية الدوحة بين الأمريكيين وقيادة “طالبان” لوضع اللمسات الأولى لعملية الحوار بينهم.

– في 5 سبتمبر 2018، أعلنت الإدارة الأمريكية تعيين زلماي خليل زاده مبعوثاً خاصاً إلى أفغانستان ورئيس وفد التفاوض مع “طالبان”، وقدمت شروطها للحوار مع الحركة.

– في 12 أكتوبر 2018، نظم أول لقاء رسمي وعلني بين رئيس مكتب “طالبان” في الدوحة المولوي عبدالغني برادر، ورئيس وفد التفاوض الأمريكي زلماي خليل زاده.

– في ديسمبر 2018، أعلنت حركة “طالبان” موافقتها على الدخول في المفاوضات بشكل رسمي في العاصمة القطرية الدوحة، واستعدادها لإعادة السلم والاستقرار إلى أفغانستان.

– في 25 فبراير 2019، نظمت الجولة الأولى من المفاوضات بين رئيس وفد التفاوض الأمريكي زلماي خليل زاده، ورئيس مكتب “طالبان” في الدوحة الملا برادر، وأعلن في هذه الجولة من المفاوضات عن مناقشة عملية وقف إطلاق النار، وانسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان، ومنع “طالبان” الجماعات المسلحة مثل “القاعدة” وغيرها من تهديد المصالح الأمريكية، أو استخدام أفغانستان لتهديد أي دولة في العالم، وناقش الفريقان ملف الحوار بشكل مباشر مع حكومة أشرف غني.

– في 12 أغسطس2019؛ أي بعد 8 جولات من الحوار بين الطرفين، قطعت العملية أشواطاً كبيرة، وحققت الكثير من النجاحات، وأعلنت عن التوصل إلى معاهدة للسلام وافق عليها الطرفان الأمريكي وحركة “طالبان”.

– في 28 أغسطس 2019، وقع رئيس البعثة الأمريكية خليل وزاده مع حركة “طالبان” على مسودة المعاهدة النهائية؛ حيث أنهت جميع الخلافات بين الطرفين، وجرى التوصل إلى وجهة نظر متطابقة، ولم يتبقَّ منها حتى تصبح سارية المفعول إلا توقيع كل من الرئيس الأمريكي والرئيس الأفغاني عليها، وأكدت خلالها “طالبان” أن 98% من الخلافات حسمت.

– في 29 أغسطس 2019، قدم المبعوث الأمريكي الخاص لأفغانستان دعوة رسمية من رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ترمب لـ”طالبان” لزيارته في البيت الأبيض.

– في 7 سبتمبر 2019، أعلن الرئيس الأمريكي وبشكل مفاجئ وقف المفاوضات مع “طالبان”، وتجميد معاهدة السلام، ورفض التوقيع عليها، ودعا إلى مواصلة الحرب والقضاء على “طالبان” في أفغانستان؛ وذلك بحجة مقتل ضابط أمريكي في تفجيرات كابول.

– في 26 ديسمبر 2019، أعلن البيت الأبيض استئناف المفاوضات من جديد بين الأمريكيين وحركة “طالبان”، وإكمال التفاوض حول التوقيع على معاهدة السلام.

– في يناير 2020، اجتمع المبعوث الأمريكي خليل زاده مع رئيس مكتب “طالبان” الملا عبدالغني برادر، في العاصمة القطرية الدوحة، بالجولة الـ10، وناقش موضوع وقف إطلاق النار وسحب القوات الأجنبية والإفراج عن المعتقلين.

– في فبراير 2020، انطلقت الجولة الـ11 بين الطرفين، واتفقا فيها على وقف إطلاق النار، أو خفض أعمال العنف لأسبوع واحد، يبدأ العمل بها منتصف يوم 21 فبراير 2020، على أن يتم تمديد العملية لتصبح وقفاً دائماً، كما اتفقا على الإفراج عن 5 آلاف معتقل من “طالبان” بعد إكمال الأسبوع الأول من وقف إطلاق النار، والتوقيع على معاهدة السلام في 29 فبراير 2020، واتفقا أيضاً على تنظيم مؤتمر لجميع الأفغان، وانتقال المفاوضات من الأمريكيين و”طالبان” إلى مفاوضات بين “طالبان” والحكومة الأفغانية والأحزاب الأفغانية المختلفة للتباحث في مستقبل النظام السياسي.

Exit mobile version