لا اتفاق حول إدلب في موسكو.. والنظام يحشد ويعزز مواقعه في حلب

– مراقبون: موسكو تماطل في مفاوضاتها لكسب مزيد من الوقت والسماح للنظام بقضم المزيد من الأراضي

– تزايد وتيرة العمليات العسكرية يقابله تفاقم للوضع الإنساني والمزيد من التهجير والدمار

 

انتهت المحادثات التركية الروسية، التي عقدت يومي الإثنين والثلاثاء في موسكو، من دون نتائج حاسمة، للاتفاق بخصوص الملف السوري بين البلدين، ورغم ذلك تجنب الطرفان الحديث عن فشل الجهود الرامية للوصول إلى حل لأزمة هجوم النظام السوري على إدلب وحلب، وتحدثا عن إمكانية نقل هذا الملف لرئيسي البلدين لحسمه.

وبعد أن غادر الوفد التركي العاصمة الروسية عقب انتهاء الاجتماع؛ الذي شارك فيه دبلوماسيون ومسؤولون عسكريون، أعلنت الخارجية الروسية، في بيان، أن الطرفين أكدا التزامهما بالاتفاقات حول خفض التصعيد في إدلب.

وفي أنقرة، قال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن، في مؤتمر صحفي عقده مساء أمس الثلاثاء: إن هدف تركيا الرئيس في إدلب هو العودة إلى اتفاق “سوتشي”، مشيراً إلى أن بلاده لن تغير مواقع نقاط المراقبة التابعة لها هناك.

ونقلت قناة “TRT” التركية عن وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو، قوله قبيل انتهاء المحادثات: إنه إذا لم يتوصل وفدا البلدين لنتائج في المباحثات بينهما، فمن الممكن عقد لقاء على مستوى رئيسي البلدين خلال الأيام المقبلة.

تصعيد ميداني

ويرى مراقبون أن موسكو تماطل في مفاوضاتها مع أنقرة، لكسب مزيد من الوقت والسماح للنظام بقضم المزيد من الأراضي التي تسيطر عليها المعارضة.

ومع فشل المفاوضات، شهد ميدانا القتال في ريفي حلب وإدلب تصعيداً كبيراً في الغارات والعمليات القتالية، حيث واصلت الطائرات الروسية وقوات النظام قصف مناطق مختلفة فيهما، حيث قصفت الطائرات الروسية بلدة سرمين شرق مدينة إدلب، كما قصفت مدفعية قوات النظام قريتي مرعند والكندة، غرب المدينة، وقتل 3 مدنيين وأُصيب 9 آخرون في مدينة الدانا، شمالاً، بقصف مدفعية النظام.

كما تم قصف مدينة الأتارب غرب حلب، من قبل الطائرات الروسية، بالتزامن مع قصف مدفعي من موقع النظام في قرية كفر حلب، فيما قصف طيران النظام قرية تقاد غربي المدينة.

من جهته، أشار المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى أن القصف المكثف على دارة عزة ومحيطها وأطرافها، إضافة إلى محيط الأتارب بمدينة حلب، يشير إلى أن قوات النظام تسعى بعد سيطرتها على جبل الشيخ عقيل للتقدم نحو “الفوج 111” ودارة عزة للسيطرة عليها، والوصول إلى جبل الشيخ بركات الإستراتيجي الواقع جنوب غرب دارة عزة.

وأضاف المرصد أن سيطرة قوات النظام على جبل الشيخ بركات ستهدد حياة عشرات آلاف المدنيين في غرب حلب وشمال غرب إدلب سواء من سكان المنطقة أو النازحين هناك، كالمخيمات المنتشرة في تلعادة والدانا ودير حسان وترمانين، إضافة لمناطق كبيرة أخرى، ما ينذر بكارثة جديدة.

من جهتها، أعلنت “الجبهة الوطنية للتحرير”، كبرى فصائل المعارضة، أنها قصفت بصواريخ “جراد”، مواقع عسكرية في بلدة أورم الكبرى غرب حلب، وأشارت في بيان إلى مقتل العشرات من عناصر المليشيات الروسية والإيرانية (حسب وصفها).

وكان رئيس النظام السوري بشار الأسد قال، أول أمس الإثنين: إن قواته “ستواصل عملياتها في ريفي حلب وإدلب بغض النظر عن بعض الفقاعات الصوتية الفارغة الآتية من الشمال”، وفق تعبيره.

تركيا تعزز قواتها

ومع تصاعد وتيرة تصعيد النظام بدعم روسي على الأرض، واصلت تركيا تعزيز قواتها في إدلب، وحسب قناة “الجزيرة” الإخبارية، دخل رتلان عسكريان، أمس الثلاثاء، من معبر كفرلوسين، يضمان أكثر من 80 آلية واتجها إلى عمق محافظة إدلب، منها 18 دبابة وراجمتا صواريخ.

وبهذه التعزيزات بلغ عدد العربات العسكرية التركية التي دخلت الشمال السوري إلى 2225 شاحنة وآلية، فيما بلغ عدد الجنود الأتراك الذين انتشروا في إدلب وحلب خلال تلك الفترة أكثر من 7 آلاف جندي، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.

في هذه الأثناء، أعلنت وزارة الدفاع الروسية استئناف تسيير الدوريات المشتركة مع تركيا في شمالي سورية بعد انقطاع الجانب التركي عنها لمدة أسبوعين.

تفاقم الوضع الإنساني

تزايد وتيرة العمليات العسكرية، يقابله تفاقم للوضع الإنساني، والمزيد من التهجير والدمار، وقال مسؤولون في الأمم المتحدة: إن الضربات الجوية التي تنفذها قوات النظام السوري تصيب مستشفيات ومخيمات للنازحين في شمال غرب البلاد، وإن 300 مدني قتلوا مع تقدم القوات في الهجوم على آخر معقل للمعارضة المسلحة.

وأضافوا أن حجم الأزمة الإنسانية أصبح يفوق طاقة وكالات الإغاثة، مع فرار ما يقرب من مليون مدني أغلبهم نساء وأطفال، صوب الحدود التركية في ظل أحوال جوية شتوية بالغة القسوة.

وقالت مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ميشيل باشليه: إن سورية تشهد حالياً أكبر حركة نزوح منذ بداية الحرب، محملة النظام والأطراف الداعمة له مسؤولية ذلك.

وأوضحت، في بيان، أنه بحسب معطيات الأمم المتحدة، فقد نزح 900 ألف مدني سوري منذ مطلع ديسمبر 2019 وحتى الآن، 80% منهم من الأطفال والنساء، مبينة أنها أكبر حركة نزوح منذ عام 2011.

وقالت باشليه: إن المدنيين الفارين من القتال يتكدسون في مناطق بلا مأوى آمن، وتتقلص مساحتها ساعة تلو الأخرى، وعلى الرغم من كل ذلك لا يزالون يتعرضون للقصف، ببساطة ليس لديهم مكان يذهبون إليه.

وقد وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان ما لا يقل عن 88 حادثة اعتداء على منشآت طبية ارتكبتها قوات النظام وروسيا في شمال غرب سورية منذ أبريل الماضي.

وقالت، في بيان: إن الهجمات تسببت في تضرر 67 منشأة طبية رغم علم القوات الروسية بمواقع هذه المراكز الطبية.

من جهته، اعتبر المتحدث باسم مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان روبرت كولفيل، أن هذا الكم الهائل من الهجمات على المستشفيات والمنشآت الطبية والمدارس يشير إلى أنه لا يمكن أن تكون كلها غير مقصودة.

وأضاف، خلال إفادة صحفية في جنيف، أن “الهجمات يمكن أن تمثل جرائم حرب”.

Exit mobile version