عامان على “العملية الشاملة”.. لماذا لم ينته “الإرهاب” في سيناء؟

عامان على بدء العملية الشاملة في سيناء (انطلقت 9 فبراير 2018) التي تم خلالها إغلاق المدينة لأكثر من 6 شهور وتم منع دخول الطعام والدواء وتم منع تموين السيارات بالبنزين ووقف أهالي سيناء في طوابير لشراء الطعام ومع هذا استمر الإرهاب واخره تفجير خط غاز قيل انه يصل لـ”إسرائيل” وقيل انه لمصانع الجيش للإسمنت. 

ويثير مرور عامين من التدمير والتهجير والقمع واستمرار الارهاب مع هذا تساؤلات حول من أجل من يتم ذلك التهجير والقتل؟ هل من أجل “صفقة القرن” أم خدمة الصهاينة ومصالحهم؟ وهل هذا لصالح سكان شمال سيناء المحاصرين والمنطقة خارجة نطاق الوطن؟ ومتى يتم تعمير وتنمية سيناء التي يسمع أهالي المنطقة عن عشرات المشاريع بملايين الدولارات دون ان يرون شيئا على ارض الواقع؟

وتشير الإحصاءات التي يعلنها الجيش أن حصاد عامين على بدء العملية العسكرية في سيناء والحصار على أهالى سيناء إلى قتل الجيش 682 “إرهابياً” ومواطنا، تشكك المنظمات الحقوقية في أنهم كلهم إرهابيين بسبب ثبوت اعتقال بعضهم ثم إعلان قتلهم لاحقاً كإرهابيين، وتقول: إنهم “مواطنين”، وشهد العامان أيضا اعتقال 7749 مواطناً وارهابيا أيضاً. 

ويزيد من مشكلة استمرار الإرهاب وفشل “العملية الشاملة” أن العام الماضي 2019م، وبعد اسبوع واحد من ذكرى مرور عام كامل على بدء الجيش ما سمي “العملية الشاملة” في سيناء من أجل القضاء على المسلحين والارهابيين، وفي الوقت الذي سعى فيه النظام لتسويق نظامه للغرب في مؤتمر ميونخ للأمن على انه “الدرع الواقع ضد الإرهاب” وحامي مصالحهم في المنطقة، قام تنظيم ولاية سيناء بأكبر عملية تحدي في العريش بعدما نجحوا في إبادة كمين عسكري الكامل وقتلوا 15 ضابط وجندي وجرحوا 5 اخرين.

هل فشلت العملية الشاملة؟

بطبيعة الحال يصعب الحكم على نجاح أو فشل عملية شاملة استمرت عاما بناء على بعض هجمات تنظيم ولاية سيناء الأخير، ولكن المؤكد أن العملية حجمت نسبيا نشاط التنظيم ولكنها لم تفلح في القضاء عليه برغم أن تقارير المسئولين العسكريين المصريين السابقة المعلنة كانت تشير إلى أن عدد أعضاء التنظيم 500 ألف مقاتل.

وتشير مؤشرات “العملية الشاملة” وقبلها عملية “حق الشهيد” والواقع المرصود على الأرض، الفشل في الحسم في سيناء ضد الإرهاب منذ يوليو 2013. إذ أن ألف باء القضاء على الإرهاب في سيناء هو تعاون السكان مع الجيش، وتنمية سيناء وتوفير حياة كريمة لشبابها تبعدهم عن العنف، ولكن ما جرى بشهادة بعض أهالي سيناء “فاق ما فعله الاحتلال الصهيوني معهم”، بحسب شهادة بعض من قتل ابناءهم وجرى هدم منازلهم وتهجيرهم. وهو ما دفع شباب اخرين من أقارب القتلى والمضطهدين للانضمام للمسلحين أو على الأقل التستر عليهم ودعمهم انتقاما من الجيش.

وجاء الحصار علي سيناء وتجويع أهلها واستيقافهم في طوابير للحصول على الخبز والطعام والبنزين وانعدام مشاريع التنمية وقصرها على جنوب سيناء الأكثر امنا، واستهداف مدنيين بالخطأ في القصف العشوائي بالطائرات، والتعاون الذي اعترف به النظام مع الاحتلال الصهيوني لضرب سيناء جوا، ليعمق الكراهية لدى كثير من أهالي سيناء للجيش والشرطة، ما صب في صالح المسلحين والتنظيمات الإرهابية المتطرفة هناك.

ويقول أهالي سيناء: إن ممارسات الجيش والشرطة خاصة اعتقال شبان ثم اعلان قتلهم في هجمات وتبادل إطلاق نار، فضلا عن استمرار هدم منازل الاهالي بدعوى تعاونهم مع “داعش” سيناء، والتعذيب واعتقال النساء وغيرها من الممارسات القمعية وراء استمرار انتعاش الارهاب في سيناء.

وهذه العوامل وغيرها مثل طبيعة الحرب في سيناء التي تصنف من “الحروب الغير نظامية والغير نمطية”، أو حروب العصابات، كانت سببا في فشل عمليتي “حق الشهيد” ثم “العملية الشاملة” في تحقيق أهدافهما بالكامل.

وكانت سببا في استمرار عمليات المسلحين بعد كل فترة هدوء يظن الجميع خلالها ان تنظيم “ولاية سيناء” انتهى، ليعود بعملية ضخمة ليعلن أنه موجود وبقوة ما يعني استبعاد إعلانًا قريبًا لانتهاء الحملة رغم النجاحات النسبية التي حققتها.

ماذا يقول 31 بياناً للعملية الشاملة؟

بجمع الأرقام المنشورة في البيانات العسكرية الـ 31 حول العملية على مدار عام كامل من بدئها (خلال الفترة ما بين 9 فبراير 2018، وحتى 22 يناير2019م)، يمكن رصد قتل الجيش 520 ممن وصفهم بأنهم “إرهابيين”، واعتقال 7970، وصف 162 منهم بـ “الإرهابيين”، وأفرج عن أكثر من 1447 شخصًا ولا يعرف مصير الباقي، بحسب تأكيد المتحدث العسكري.

ويظهر رصد خاص مجمع للبيانات الـ 31 نقلا عن المتحدث العسكري أن الجيش (والشرطة) قتل 424 ارهابيا في سيناء وبعضهم على الحدود الغربية، خلال عام كامل.

بالمقابل وبحسب البيانات الـ 31 فقد قتل 13 ضابطا، و33 جندي خلال العام الاول من “العملية الشاملة”، ولو اضيف للأرقام نتائج هجوم العريش الاخير (16 فبراير 2019م) سيرتفع العدد الى 14 ضابطا و47 جندي.

بينما رصدت تقارير صحفية اخرى بالمقابل قتل 15 ضابطا، و21 جندي، كما اصيب 22 ضابط و15 جندي.

ويرى مراقبون أن المتحدث العسكري لا يذكر أعداد القتلى والمصابين في صفوف قوات الجيش والأمن كلها في البيانات الـ 31 لعدم إحباط الروح المعنوية لأفراد الجيش.

فقد نشرت مواقع التواصل انباء تشييع او قتل عدد اخر من الضباط والجنود بصورة فردية في هجمات منفصلة ولم يعلن عنهم ما يرفع اجمالي قتلى الجيش لأكثر من ذلك، دون وجود جهة محايدة للرصد.

كم عدد الإرهابيين؟

تشير البيانات الى أن هناك مبالغة في إحصاءات المتحدث العسكري حول عدد قتلى المسلحين في سيناء والمقبوض عليهم، بما يتناقض مع معلومات سابقة عن قلة عدد المسلحين، ففي حوار مع قناة “العربية” قال: إن الجيش قتل أكثر من 450 إرهابيا، بعد 28 بيانا من بدء العملية الشاملة “سيناء 2018″، برغم ان المتحدث العسكري نفسه أعلن على صفحته على “فيسبوك” أنه تم قتل 320 فقط ما يؤكد عدم دقة بياناته.

وسبق لرئيس المخابرات الحربية ان أعلن في فبراير 2017م قتل 500 من الإرهابيين ايضا وتقديره عددهم الإجمالي ما بن 500 وألف، ما يعني القضاء عليهم، فكيف يستمرون في مهاجمة الجيش؟ وهل يعني ذلك ان من يجري قتلهم هم أبرياء لا إرهابيين؟ أم أن المتحدث العسكري يقدم بيانات ومعلومات غير دقيقة للشعب؟

ويتشابه ما أعلنه المتحدث العسكري عن “العملية الشاملة” مع معلومات غير صحيحة أخرى كرره المتحدث العسكري السابق أيضا عن عملية “حق الشهيد” حيث أعلن عن قتل 536 واعتقال 596 أخرين من “التكفيريين والمطلوبين” خلال 11 يوما من العمليات التي نفذها الجيش في سيناء من يوم 7 سبتمبر 2015م حتى 29 سبتمبر (16 يوما).

بينما قال الجيش في عام كامل من العملية الشاملة 424 إرهابي، ما يثير شكوك حول دقة الارقام الرسمية المعلنة، وأنها إما تعبر عن قتل أبرياء مدنيين أو للتغطية على الفشل في مواجهة عشرات الإرهابيين في سيناء من قبل جيش كامل زعم السيسي انه قادر على نشره في 6 ساعات.

دلالات عدم الحسم

ويرى مراقبون، رغم النفي الرسمي، أن انشغال الجيش المصري في مشاريع استثمارية و”بيزنس” ابعده عن دوره الحقيقي في حماية الحدود، وأن الفشل الأمني في فرض الامن الشامل والاستقرار في سيناء، يرجع الى ترك الجيش وظيفته الاصلية والتفرغ لـ”البيزنس” والسياسة.

ويندهش محللون عسكريون من ضخامة حجم صفقات السلاح الضخمة التي يبرمها النظام لصالح الجيش ويتساءلون: لماذا لا يستفيد منها الجنود البسطاء الذين يُلقي بهم في أتون الحرب بأسلحة قديمة متهالكة لتلتهمهم.

ويخشى خبراء ونشطاء أن تكون هذه الصفقات “رشاوي سياسية لحكومات غربية للتغاضي عن القمع في مصر، بينما يتنامى الإرهاب والفوضى في سيناء”.

فقد ابرمت مصر العديد من الصفقات مع فرنسا وألمانيا انتهت بالصمت على انتهاكات حقوق الانسان في سيناء وكافة انحاء مصر بحسب حقوقيين.

وكان آخر هذه الصفقات التي يعتقد أنها للتغطية على مقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني، هي صفقة عسكرية بين روما والقاهرة بأكثر من 9 مليار يورو تضم أربع فرقاطات فريم و 20 قارب دورية و 24 مقاتلة يوروفايتر و 20 مروحية ليوناردو (للحاملة عبد الناصر) وطائرات تدريب وقمر صناعي عسكري، ما يزيد من إغراق البلد في مزيد من الديون.

Exit mobile version