تصاعد الحركة الاحتجاجية في العراق بعد انتهاء مهلة المتظاهرين

– انتهاء مهلة المتظاهرين دفعت السلطات العراقية لاتخاذ احتياطات أمنية

– الساعدي: إعادة الضغط على السلطة والأحزاب التي استغلت حادثة مقتل سليماني والضربات الإيرانية لإضعاف الحراك

– ممثلة أممية: ضرورة ألا تطغى التطورات الجيوسياسية على المطالب المشروعة للشعب العراقي

 

مع انتهاء المهلة التي أعلنها المتظاهرون في مدينة الناصرية، عاصمة محافظة ذي قار جنوبي العراق، لتنفيذ مطالبهم، التي تبنتها لاحقاً جميع ساحات التظاهر، شهد صباح اليوم الإثنين، عودة كبيرة لزخم التظاهرات بأعداد تقارب الأيام الأولى لانطلاق الاحتجاجات، ترافق ذلك مع تصعيد هو الأكبر من نوعه منذ أكثر من شهر، بدأ مساء أمس الأحد، شمل إغلاق دوائر حكومية وحرق مقار ومكاتب حزبية، وقطع طرق وجسور، خصوصاً في كربلاء والناصرية، حيث أضرم متظاهرون النار في مقر تابع لكتائب “حزب الله” العراقي في محافظة النجف، وأحرق متظاهرون مقر حركة الوفاء في مدينة الكوفة.

تصعيد ممنهج

أكد علي الساعدي، عضو تنسيقية الشباب المدني في البصرة، لـ”المجتمع”، أن التصعيد في الحركة الاحتجاجية هو تصعيد ممنهج، وسيشهد اليوم (الإثنين) تصعيداً للحراك الثوري، خلال الساعات المقبلة في كربلاء وذي قار والبصرة والنجف وبغداد.

وأضاف: أن الهدف من ذلك إعادة الضغط على السلطة والأحزاب التي استغلت حادثة مقتل رئيس فيلق القدس قاسم سليماني، والضربات الإيرانية للقواعد الأمريكية، لإضعاف الحراك وصرف الأنظار عن مطالب الشباب، والتهرب من تحقيق المطالب الإصلاحية.

وتابع الساعدي حديثه بالقول: إن مهلة شباب الناصرية للحكومة تحولت إلى مطلب كل ساحات التظاهر، ومهلة حراك تشرين الثوري برمته، مشيراً إلى أن المطالب تتلخص بـ”اختيار رئيس حكومة مؤقت إلى حين إجراء انتخابات تشريعية مبكرة تخضع لإشراف الأمم المتحدة، ومنظمات دولية منعاً للتزوير الذي تعودت عليه الأحزاب الحاكمة، وكشف نتائج لجان التحقيق التي شكلت بخصوص قتلة المتظاهرين، وتقديم المتورطين للقضاء”.

تطورات ميدانية

ذكرت وسائل إعلام محلية عراقية أن متظاهرَيْن قتلا، أمس الأحد، وأصيب أكثر من 100 بحالات اختناق بسبب استنشاق الغازات التي تستخدمها القوات الأمنية عند تصاعد الحركة الاحتجاجية، يأتي ذلك بعد توقف تسجيل أي حالات عنف ضد المتظاهرين خلال الأيام الماضية.

حيث شهدت ساحات التظاهر في مختلف أرجاء العراق تطورات لافتة وتصاعداً للاحتجاجات مع اقتراب موعد انتهاء المهلة، إذ أغلق متظاهرون في النجف 7 دوائر حكومية، وتم قطع طرق وجسور المدينة، وقطع المتظاهرون عشرات الطرق الداخلية في محافظات جنوبي البلاد.

كما شمل التصعيد محافظات: بابل وخصوصاً مدينة الحلة مركز المحافظة، ومدينة الكوت مركز محافظة واسط، وفي الديوانية اعتصم المتظاهرون طوال الليل في مركز المدينة، وشهدت كل مدن محافظة ذي قار تظاهرات حاشدة، خصوصاً الناصرية والغراف والمجر وسوق الشيوخ.

وردد المتظاهرون شعارات وطنية عديدة، أهمها “لا شرقية ولا غربية عراقية عراقية”، و”الله لا يوفقك كل من آذاك يا هالوطن”، في سفوان والمدينة والبحرية وذات الصواري والعشار وشط العرب بمحافظة البصرة كبرى محافظات جنوبي العراق، وذات الأمر حدث في محافظة كربلاء والنجف والمثنى بالسماوة.

احتياطات أمنية

انتهاء مهلة المتظاهرين دفعت السلطات العراقية لاتخاذ احتياطات أمنية، شملت نشراً مكثفاً للقوات الأمنية على الجسور وقرب المناطق الحيوية، حسب النقيب علي المفرجي، من قيادة عمليات بغداد.

وقال المفرجي لـ”المجتمع”: إن الأجهزة الأمنية اتخذت احتياطاتها قبل انتهاء المهلة، وأقرت خططاً أمنية جديدة تحسباً للتصعيد، لمنع المتظاهرين من قطع الطرق المهمة والدوائر والمدارس والجامعات.

وأوضح المفرجي أن العاصمة بغداد شهدت قطعاً لطرق رئيسة وحيوية، أهمها سريع محمد القاسم، وجسر الشعلة، وجسر القناة، مشيراً إلى وجود مساعٍ لإقناع المتظاهرين بعدم قطع الطرق والجسور، والاكتفاء بمظاهر الاحتجاج السلمي.

من جهتها، أكدت خلية الإعلام الأمني في العراق فتح كل الطرق التي أغلقها المتظاهرون أمس الأحد في بغداد، وقالت في سلسلة تغريدات عبر موقع التدوينات القصيرة “تويتر”: إنها قامت بفتح كل الطرق التي أغلقها من وصفتهم بـ”المجاميع العنفية”، في المقابل شكرت المتظاهرين الذين وصفتهم بـ”السلميين” الذين ساهموا ودعموا القوات الأمنية في فتح كافة الطرق ومنع غلقها.

وفي ذات السياق، أعلنت خلية الإعلام الأمني في قيادة عمليات بغداد، أنها قبضت مجموعة مكونة من 9 أشخاص، وصفتهم بالخارجين عن القانون، ونشرت صورهم مع تغطية وجوههم، قالت: إنهم حاولوا، في تمام الساعة الثامنة والنصف صباح اليوم الإثنين، قطع طريق أسفل جسر 600 على سريع محمد القاسم في منطقة الصليخ، الذي يعتبر أحد الطرق الحيوية في العاصمة، ونوهت إلى أنها أحالتهم إلى القضاء.

يشار إلى أن العديد من النشطاء والمراقبين حذروا في الأيام الماضية الحكومة العراقية والجهات السياسية الداعمة لها، من التعامل بعنف مع المظاهر الاحتجاجية الشعبية التي تجتاح العراق منذ أكتوبر من العام الماضي، مشيرين إلى أن ذلك قد يؤدي إلى الخروج عن نطاق السلمية، بسبب حالة اليأس والإحباط التي تجتاح ساحات التظاهر بسبب عدم ظهور أي مؤشر يدل على أن الطبقة السياسية الحاكمة ماضية في تطبيق مطالبهم، ودخول العملية السياسية في حالة انسداد تام.

من جهتها، شددت جينين هينيس بلاسخارت، الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق، على ضرورة أن تبقى المظاهرات سلمية، فيما أشارت إلى أن القمع العنيف للمتظاهرين السلميين لا يمكن قبوله.

وقالت بلاسخارت، في بيان، صدر صباح اليوم الإثنين: إن مقتل وإصابة متظاهرين سلميين إلى جانب سنوات طويلة من الوعود غير المنجزة قد أسفر عن أزمة ثقة كبيرة.

وأضافت أن التصعيد الأخير في التوترات الإقليمية قد أخذ الكثير من الاهتمام بعيداً عن العمل المحلي العاجل غير المُنجز، مشددة على ضرورة ألا تطغى التطورات الجيوسياسية على المطالب المشروعة للشعب العراقي، فلن يؤدي ذلك إلا إلى المزيد من غضب الرأي العام وانعدام الثقة.

وحثت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة السلطات العراقية على “بذل قصارى جهدها لحماية المتظاهرين السلميين”، مؤكدة أن “القمع العنيف للمتظاهرين السلميين لا يمكن قبوله ويجب تجنبه بأي ثمن، فليس هناك ما هو أكثر ضرراً من مناخ الخوف، والمساءلة والعدالة للضحايا أمر حاسم لبناء الثقة والشرعية والقدرة على الصمود”.

ودعت، في ختام بيانها، “المتظاهرين إلى الالتزام بالسلمية، وتجنب العنف الذي يؤدي إلى نتائج عكسية وتدمير للممتلكات”.

Exit mobile version