كثير ما يتحدث البعض في المجالس والمنتديات حول جمهورية إيران سلباً، وأحاول حينها أن أتحدث عنها وحولها بحيادية من زاوية محددة فقط لا مطلقة؛ على أنها دولة كبرى في المنطقة، ويحق لها أن تعمل وتتحرك من أجل مصالحها ومصالح شعبها، وهذا من حقها.
ودائماً أحدث المقابل ختاماً بقولي له: “هذا ما فعلته إيران وقدمته من أجل ذاتها وشعبها ودينها؛ فماذا قدمتم أنتم؟ وماذا فعلت بعض الدول العربية لذاتها وشعبها ودينها؟!”.
وأكمل قولي قائلاً: أم يا ترى مشروعكم اليوم؛ همه الوحيد أن العدو الأوحد لأمة الإسلام والعرب هو إيران فقط ولا غير؟!
دائماً أكرر هذه المقولة للمقابل الذي أشعر أنه يتحدث من منطلق طائفي خصوصاً ومن منطلق غير ذاتي! وأقولها ليس دفاعاً عن إيران، ولكنني أقولها إذا جاز التعبير انتقاداً للمقابل بعض الشيء؛ لقلة فهم المقابل للأوضاع وعدم انطلاقه قولاً وتحليلاً من منطلق ذاتي، وأستشف من قوله أنه يبذل الجهد فقط من أجل تجريم إيران والبراءة لمجموعة من المجرمين لا يقلون إجراماً عن إيران إن لم يكونوا أثقل منها وأخطر، وذلك بتفاهم مع إيران ذاتها بصفتهم تحت مشروع واحد، واتفاقهم معاً من تحت الطاولة رغم إظهار التباين! وجميعهم يقتاتون على ما تقدمه المخابرات العالمية بشكل أو بآخر لنقل ما تريده ليكون من ثقافة الشارع المسلم والعربي ومن ثم تكون الثقافة مع مرور الأيام وبالمسير اللاشعوري، أن العدو الحق إيران وطائفتها فقط، والعدو الصهيوني وكيانه، واليهود والنصارى أحبابنا ولا عداء بيننا وبينهم!
أنا كلي ثقة فيما أقول وذلك حسب الأحداث التي مرت علينا وعايشناها في المنطقة، وأقولها كما يقولون “بالفم المليان”: “جمهورية إيران مليشيا للأمريكان” وليس وحدها في هذا العمل!
نعم تعمل كما تعمل غيرها من مليشيات لها في المنطقة العربية عموماً، كثيرة هي المليشيات لأمريكا تعمل في كثير من المواقع، وتطبق متطلبات المشروع الأمريكي و”الريموت” في تل أبيب يديره المحفل الأم بشكل أو بآخر.
نعم الأحداث التي مرت وعايشناها في المنطقة وما حصل من مجريات تقول ذلك، أنها –إيران– وكثيراً من دول المنطقة عبارة عن مليشيات لأمريكا لا أكثر ولا أقل، ها هي الأحداث منذ البدايات في عملية السفارة الأمريكية وأحداثها في إيران، وتمثيلية حرب السنوات الثماني، لصناعة التوحش الطائفي، ثم أفغانستان وأحداثها، ومروراً بالعراق وتحريرها من “صدام الفتنة” والبعث الكافر، إلى دخول السفن الأمريكية بالخطأ المياه الإقليمية الإيرانية! ومن ثم سورية ولبنان قبل ذلك، وختاماً اليمن، وإن كنت أرى وأجزم تأكيداً أنه في كل موقع من هذه المواقع التي ذكرت، هناك شريك له دور في السيناريو يمهد لمليشيا الجمهورية، ويمهد لها الأرضية بشكل أو بآخر بصفته أيضاً مليشيا مأمورة مثلها مثل إيران يعملان لتكامل السيناريو والضحك على شعوب المنطقة، كما تم ذلك التحضير في العراق، ولبنان، واليمن وسورية، وما أدراك ما سورية!
إيران اليوم كمليشيا أمريكية مع بقية مليشيات المنطقة ما هم إلا عبارة عن آليات تساهم بفعالية لاستكمال المشروع الأمريكي لا كما يدع البعض أن إيران لديها مشروع، فهذا القول يدل على خلل في فكر من يقوله، فليس هناك مشروع إلا مشروع أمريكا صانعة المليشيات، التي تسعى بالمحافظة عليه من خلال مليشياتها “جمهورية إيران” وأمثالها! في المنطقة والشرق الأوسط.
أما يقيني بعدم وجود مشروع إيراني؛ فما ذكرته من أحداث عايشناها، وما حصل في أفغانستان ولبنان، والعراق وسورية واليمن، وما نعايشه حالياً، وأهم من هذا وذاك قول المصطفى صلى الله عليه وسلم: “لا كسرى بعد كسرى”، أو كما قال صلى الله عليه وسلم؛ أي: وإن حاولت أن يكون لها مشروع من منطلق تاريخي وحضاري كسروي؛ فلم ولن تناله وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أيضاً لو لاحظنا الدول التي لديها مشاريع مثل تركيا وماليزيا مثلاً، نرى بديهيات المشروع الطبيعية ظاهرة من أول خطواتهم كدول لها مشروع، نرى في ساحتهم وشعوبهم: “الاهتمام والعمل المطرد على النهضة الثقافية، والعمل بكل ثقل للقضاء على الفساد الإداري والمالي، وعلى البطالة، والقضاء على ديون الدولة، والسعي الأكيد على وضع الإنسان المناسب في المكان المناسب، ومحاربة المخدرات لا تصديرها! ومكافحة الفقر وما شابه”، وهذه الأمور شبه مفقودة تماماً في المليشيات الأمريكية، وهذا دليل على أنهم مليشيات وآليات صنعت لتعمل على استكمال المشروع الأمريكي بأقل خسائر أمريكية دماءً ومالاً وعتاداً، ولا يغرنكم تباين هذه المليشيات ظاهرياً!
_______________________
(*) إعلامي كويتي.